icon
التغطية الحية

مأساة مركب الموت لا توقف الهجرة في اللاذقية

2022.10.29 | 07:34 دمشق

البحث عن ناجين من حادثة غرق المركب (فرانس برس)
البحث عن ناجين من حادثة غرق المركب (فرانس برس)
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

وسط حالة الحزن والحداد التي ما تزال تعيشها مدينة اللاذقية على ضحايا مركب طرطوس الذي خلف أكثر من 34 ضحية من أبناء المحافظة، يستعد علاء لخوض تجربة قوارب الموت ذاتها وإنما هذه المرة إلى قبرص انطلاقا من شواطئ بانياس.

فقد علاء وهو شاب يبلغ من العمر 23 عاما يقيم في مدينة جبلة صديقه أحمد في مركب طرطوس لكن هذه الحادثة لم تمنعه من خوض التجربة.

يبرر علاء في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" قراره بأن أي شاب في اللاذقية أمام خيارين أحدهما الموت ببطء في حال البقاء من دون أي أمل بتحقيق أحلامه وبناء نفسه، والخيار الآخر هو المخاطرة وخوض ما يسميها "رحلة الخلاص" في البحر فإما الوصول أو "الاستراحة الأبدية" من هذا العناء بحسب وصفه.

وخلال الأيام الأخيرة لم تتوقف جنائز الراحلين في مركب الموت رغم مضي مدة طويلة على الغرق في حين ما يزال مصير 23 شخصا -بينهم بعض أبناء اللاذقية- مجهولا حتى الساعة.

 

قصص مؤلمة

تتناقل المدينة قصصا مأساوية للراحلين تعكس الحال وفقدان الأمل الذي وصل إليه حال شبان الساحل السوري ومنها قصة الشابة سوزان تتلو التي أغلقت جميع المنافذ بوجهها للاجتماع بعريسها في أوروبا ما دفعها لخوض تجربة رحلة الموت.

غرقت سوزان ولم يصل من أثرها سوى صورة عرسها التي أقامته في اللاذقية بينما بقي زوجها في حسرته على الطرف الآخر من العالم حزينا.

وفي حالة تشبه قصة سوزان دفعت حالة اليأس التي واجهها الزوجان الجامعيان عبد الله جرجور والشابة رغد الحكيم من اللاذقية العريسين إلى حتف مشابه بعد أن أدركا صعوبة بناء حياة سعيدة في سوريا.

واللافت في قصص القهر الواردة من اللاذقية وجود أطفال دفعهم ذووهم للمجازفة على أمل أن يكونوا طوق نجاة لهم في حال وصولهم مثل قصة الطفل حسن بديوي ( 13 عاما) الذي لقي حتفه مع قريبه الشاب حسن بديوي ( 21 عاما) في مركب الموت أيضا، والطفل أمجد غبو (17 عاما).

 

 

الهجرة مستمرة

وتعكس أسماء الوفيات في اللاذقية وأعمار الضحايا وغالبهم بين 18 و 30 عاما مدى حالة اليأس التي وصل إليها شبان الساحل السوري بحسب ما يؤكد الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني.

ويضيف أحمد:" الهجرة باتت حلم الجميع دون استثناء سواء كانوا شبانا جامعيين أو في مقتبل العمر، والسبب ببساطة هو أن هؤلاء الشبان أدركوا استحالة تحقيق أحلامهم وبناء مستقبلهم في مثل هذه الظروف. ويضيف: "في السابق كان التوظيف حلما لشبان المدينة لكن اليوم الجميع يعرض عن ذلك لأن الراتب لا يكفي تكاليف أجور السير، كما أن معظم المصالح متوقفة بسبب الكهرباء والغلاء".

من جانب آخر يؤكد الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" استمرار الرحلات البحرية رغم المأساة الأخيرة.

وبحسب جبلاوي خرجت من سواحل طرطوس وبانياس أكثر من رحلة باتجاه قبرص ووصلت بالفعل وما يزال الإقبال على هذه المخاطرة كبيرا بحسب قوله.

 

 

من ينظم الرحلات؟

وحول أسباب توجه عدد كبير من شبان الساحل إلى لبنان للسفر بحرا أوضح جبلاوي أن هناك شبكات سماسرة واسعة يشرف عليها ضباط من النظام السوري وقادة سابقون في ميليشيات الساحل وهي من تقوم بتنسيق هذه الرحلات وتسهيل الإجراءات الأمنية وعدم ملاحقة هذه المراكب والدليل خروجها المتتابع من دون أن يتم اكتشافها رغم أن أمن النظام لا يخفى عليه أي شيء.

ولفت جبلاوي في حديثه إلى أن الساحل السوري من أكثر المناطق السورية حاليا التي يخرج منها الشبان لعدة أسباب أبرزها أن اقتصاد المنطقة منذ عهد آل الأسد يعتمد على التوظيف والزراعة وكلا القطاعين يعاني بشكل كبير.

يشار إلى أن هجرة الشبان من الساحل لا تقتصر فقط على هذه الرحلات غير الشرعية بل يتعداها للسفر إلى عدة دول أخرى مثل الخليج العربي والسودان ومصر والعراق بحثا عن مستقبل أفضل.