لماذا على المعارضة أن تعيد هيكلة مؤسساتها؟

2023.02.05 | 06:14 دمشق

لماذا على المعارضة أن تعيد هيكلة مؤسساتها
+A
حجم الخط
-A

ربما اختفى الحديث كليا عن هيئة المفاوضات، واختفى الحديث أيضا عن منصات موسكو والقاهرة، واختفى الحديث عن اللجنة الدستورية، كل هذه الهيئات التي تشكلت من دون أي معنى أو دور في الحياة السياسية السورية وأصبحت جزءا من هياكل مؤسسات المعارضة من دون أي يكون لها تأثير أو حتى مبرر وجود، وحتى ولو وجد فقد كان لفترة مؤقتة وكان ينبغي أن يكون مؤقتا لكن هذه الهياكل ما زالت موجودة وما زال على رأسها أشخاص يتحدثون باسمها من دون أن نعرف دورا لهذه المؤسسات يمكن أن تقوم به ولا تقوم به المؤسسات الأم من مثل الائتلاف أو الحكومة المؤقتة.

وإلى الآن ما زالت العلاقة بين الائتلاف والحكومة المؤقتة ملتبسة ولا نعرف كيف يتم التمويل رغم أهمية الدور الذي تلعبه الحكومة المؤقتة في الداخل لكن الائتلاف كان دوما معرقلا لدورها بدلا من دعم دورها.

ربما حان الوقت كي يعيد الائتلاف إعادة هيكلة لمؤسساته وإلغاء الكثير منها والتركيز على توحيد الجهود في دعم الحكومة المؤقتة ودعم الاستقرار في مناطق المعارضة المحررة.

لابد للمعارضة من الإصرار على تشكيل مجلس انتقالي لا دور للأسد فيه، يمتلك الصلاحيات الكاملة بما فيها الجيش والاستخبارات ويشرف على المرحلة الانتقالية

ربما كان مبررا في عام 2013 تشكيل هيئة المفاوضات كطريقة للمشاركة في مؤتمر جنيف حينها وقد أظهرت حينها المعارضة السياسية والعسكرية سواء ممثلة في الجيش الحر أو الائتلاف حساً بالمسؤولية تجاه الشعب السوري المهجر والمشرد، عبر اقتناص فرصة المشاركة في هذه المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود كليا.

لكن حينها كان لابد من إظهار الجدية حول تطبيق اتفاق جنيف الأول الذي ينص على ما يسمى "جسم انتقالي كامل الصلاحيات"، وبالتالي لابد للمعارضة من الإصرار على تشكيل مجلس انتقالي لا دور للأسد فيه، يمتلك الصلاحيات الكاملة بما فيها الجيش والاستخبارات ويشرف على المرحلة الانتقالية، إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة، تسبقها إجراءات شاملة تشمل عودة المهجرين والنازحين.

كما كان الهدف هو تشكيل إجراءات ثقة ومسارات متابعة تشرف عليها الأمم المتحدة، وهي: مسار المعتقلين السياسيين بحيث يجري تسليم كل اللوائح إلى الأمم المتحدة لإجبار نظام الأسد على إطلاقهم من دون أي شروط، ومتابعة شؤونهم بحيث تستطيع المعارضة أن تكسب ثقة الآلاف المؤلفة من العائلات السورية التي لديها معتقلون في سجون الأسد، والمسار الثاني يتعلق بفك الحصار عن المناطق المحاصرة وعلى رأسها الغوطة الشرقية وحمص ومخيم اليرموك، وتكون من مسؤولية الأمم المتحدة مراقبة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى هذه المناطق، وإعادة إعمار المناطق المتضررة والمنكوبة وإعطائها وأهلها تعويضات خاصة وسخية، فكل مناطق المعارضة أصابها الأسد بالدمار، وعلى المعارضة السياسية أن تعي ضرورة فتح كل الفرص لإعادة ملايين اللاجئين إلى بيوتهم بأمان وكرامة، فلم يذل السوري في عمره كما يخضع للإذلال اليوم في مخيمات اللجوء.

للأسف لم يتحقق شيء من ذلك خلال السنوات العشر الماضية وعقدت عدة جولات تفاوضية في جنيف أيضا بلا معنى أو حتى مبرر لعقدها من دون تحضير من القائمين عليها في الأمم المتحدة.

وبالتالي وكما يقال المكتوب مبين من عنوانه، لن تقود المفاوضات المستأنفة مجدداً إلى أي حل، بل بالعكس تماماً ازداد الوضع على الأرض في سوريا سوءاً وتدهوراً، فارتفع عدد الشهداء إلى ما يقارب النصف مليون، وزاد عدد اللاجئين إلى ما يعادل الستة ملايين أما النازحون في وطنهم ففاق 9 ملايين، وبالتالي أكثر من نصف السكان تعرض للقتل والتهجير والتشريد مع سياسات الأسد التي ازدادت شراسة وهمجية.

الحل يكمن في عملية إعادة هيكلة للمعارضة أو إنهاء عهد ما يسمى الفصائل المسلحة والتوحد تحت راية وطنية واحدة

وحتى الملف الذي يبدو لوهلة أولى أنه بغاية البساطة ولا يكلف النظام أي كلفة سياسية أو عسكرية وهو الملف الإنساني، لم يفرج النظام عن المعتقلين وزادت عدد التقارير المروعة عن عمليات القتل والتصفية الجماعية داخل السجون والأسوأ من ذلك كله أن المعارضة السياسة تشظت إلى معنى ضياع الهوية السورية تماما، فتحالفاتها باتت من يفرض عليها قرارها ولم يعد القرار الوطني موجها لها أو بوصلة لتركاتها.

إذاً، وما الحل؟ 

الحل يكمن في عملية إعادة هيكلة للمعارضة أو إنهاء عهد ما يسمى الفصائل المسلحة والتوحد تحت راية وطنية واحدة، وبنفس الوقت خلق مناخ سياسي ضاغط دولي وإقليمي وداخلي باتجاه مطالب محددة وواضحة من مثل الإفراج عن المعتقلين كلهم وإنهاء وصمة العار "والمسالخ" البشرية التي تستمر تحت أعيننا.

يجب على المعارضة السياسية العمل على تشكيل قطب موازٍ مؤثر وفعال عبر تكثيف الاجتماعات الدورية والاتفاق على عدد من الخطوات السياسية ذات الأثر الجماهيري من مثل الدعوة إلى عدد من الاعتصامات السلمية والعلنية بشكل مشترك داخل سوريا وخارجها.