icon
التغطية الحية

لقاء وزيري خارجية تركيا وإيران.. ملفات خلافية كثيرة وزيارة واحدة لا تكفي لحلها

2023.01.19 | 08:50 دمشق

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان (تويتر)
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

على الرغم من التصريحات الإيجابية التي أطلقتها كل من إيران وتركيا، في أعقاب زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى العاصمة أنقرة قبل يومين، إلا أنه من المبكر الحكم على نتائجها، والتفاؤل بحدوث تفاهمات راسخة حول الملفات الخلافية بين الجانبين.

وبدا من خلال ما هو معلن من الجانبين، أن المباحثات تركزت على الملف السوري، لكن على أهمية هذا الملف لكل من أنقرة وطهران، فإنه وبحسب ما حصله عليه موقع تلفزيون سوريا من معلومات، جرى نقاش ملفات عديدة تشعر إيران بأنها تشكل تهديداً لمصالحها.

 وكان واضحاً وجود استياء إيراني من الجانب التركي حتى من قبل إجراء زيارة وزير خارجيتها إلى أنقرة، وتجسد هذا الاستياء بخفض إمدادات الغاز الإيراني إلى تركيا منذ بداية كانون الثاني/ يناير الجاري بنسبة تقارب من 70%، وقد تحدث وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بشكل واضح عن خفض طهران لصادرات النفط إلى تركيا في الآونة الأخيرة، وأكد أنه سيناقش الأسباب مع نظيره عبد اللهيان.

وأظهرت طهران قبل اللقاء مع الجانب التركي نفوذها على النظام السوري، عبر زيارة حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق، في تلويح واضح لقدرتها على تعطيل المصالح التركية التي تريد تحقيقها من خلال إعادة العلاقات مع النظام السوري، وأبرزها تسهيل عودة اللاجئين، وضمان تعديل اتفاقية أضنة لزيادة العمق الذي يحق للقوات التركية العمل فيه ضمن الأراضي السورية.

مخاوف إيران على نفوذها في سوريا

بحسب ما أكده مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا، فإن وزير الخارجية الإيراني بحث مع نظيره التركي حراك أنقرة مؤخراً في الملف السوري، بالتنسيق مع جهات دولية وإقليمية أخرى دون اتصالات مع طهران، مما يشعر الأخرى بالخوف على نفوذها في الملف السوري.

القلق الإيراني مصدره التقارب التركي مع إسرائيل، والاتفاق على تحسين مستوى التنسيق بين الجانبين في ملفات دولية وإقليمية عديدة، من ضمنها سوريا، حيث حصل تفاهم بين أنقرة وتل أبيب في آب/ أغسطس 2022 على زيادة مستوى التعاون في سوريا.

أيضا، فإن أنقرة تعمل على تنسيق خطواتها في الملف السوري مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، منذ إصلاح العلاقات بين الجانبين في منتصف العام الماضي، وازداد الوضع تعقيداً عندما قبلت تركيا بروسيا كوسيط لاحتضان اللقاءات مع النظام السوري، وتجاهلت المبادرة الإيرانية لإصلاح العلاقات بين الجانبين، بالإضافة إلى استثناء طهران من لقاء موسكو.

وطرح وزير الخارجية الإيرانية أن تتم عملية استكمال التقارب بين أنقرة ودمشق وفق آلية عمل رباعية، على أرضية مسار أستانا، بحيث تشمل النظام السوري كطرف رابع إلى جانب الدول الضامنة.

ملف الطاقة

تتخوف إيران على حصتها في سوق الغاز، في ظل تنامي صادرات الغاز الروسية والقطرية إلى الصين، واتجاه أوروبا للاعتماد على مصادر بديلة للغاز الروسي مثل قطر والجزائر وإسرائيل، ومساعي تركيا للتحول لمركز لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، ولذا فإن وزير الخارجية الإيراني ناقش مع نظيره التركي فكرة بيع الغاز الإيراني بوساطة تركية، بهدف استعادة طهران لحصتها من السوق، حيث تتخوف من زيادة تراجع صادرات الغاز، بعد أن شهدت انخفاضاً كبيراً في حزيران/ يونيو 2022 ووصلت إلى 386 ألف طن من الغاز المسال، مقارنة بـ 859 ألف طن تم تصديرها في أيار/ مايو من العام ذاته.

وتدرك إيران أنها قد تكون مقبلة على موجة ضغوطات كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا، من جراء الدعم العسكري الذي تقدمه طهران لروسيا في حربها على أوكرانيا، وقد ظهرت بوادر واضحة لهذا الضغط بتصنيف البرلمان الأوروبي للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية في 18 من كانون الثاني/ يناير 2023، ولذا تحاول طهران استخدام ما تملكه من أوراق ضغط لضمان مصالحها بالتعاون مع دول الإقليم.

التعاون في مكافحة الإرهاب

عرضت إيران على أنقرة العمل بشكل مشترك في ملف مكافحة الإرهاب في كل من العراق وسوريا، إذ تركز أنقرة منذ سنوات على محاربة حزب العمال الكردستاني في منطقة سنجار العراقية المتاخمة لشمال شرقي سوريا، والتي تشكل حلقة وصل مهمة بين وحدات الحماية الكردية في سوريا، والعمال الكردستاني الذي يتخذ من الأراضي العراقية معقلاً أساسياً له.

وأبدت إيران بذلك انفتاحاً على طرح الورقة التي تمتلكها على طاولة التفاوض، بعد أن دعمت مجموعات محسوبة على حزب العمال الكردستاني في العراق ضد القوات التركية لسنوات عديدة، وضغطت على الحكومة المركزية العراقية لرفض العمليات العسكرية التركية شمالي العراق.

ويبدو أن حجم الخلافات التي اتسعت بين أنقرة وطهران على مدار السنوات الماضية، أعقد من حلها في لقاء واحد، خاصة إذا ما أضفنا لها تعاظم النفوذ التركي في منطقة بحر قزوين، والدعم التركي لحكومة أذربيجان في حربها ضد أرمينيا، ومشروع إنشاء ممر بين أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان، الذي يتيح لتركيا الاستغناء عن الأراضي الإيرانية بحركة التجارة، أي أن تضارب المصالح وتعارض النفوذ بات يشمل كلاً من سوريا والعراق وأذربيجان، وسط تعدد اللاعبين الدوليين الذين تضطر تركيا للتنسيق معهما في هذه الملفات وعلى رأسهم إسرائيل، وقد يكون هذا التنسيق في مراحل عديدة على حساب المصالح الإيرانية.

على أية حال، فإن تركيا غالباً استفادت من استقبال وزير خارجية إيران في إظهار خياراتها المتنوعة على الساحة الدولية قبل سفر جاويش أوغلو إلى واشنطن، وستكون مسألة إجراء الرئيس الإيراني زيارة إلى تركيا من عدمها مؤشراً واضحاً على حجم النجاح الذي حققه لقاء عبد اللهيان وأوغلو.