icon
التغطية الحية

لـ"محو أمّيتهم".. مهجّرة تفتتح خيمتها لأطفال مخيم بريف إدلب |صور

2022.01.24 | 04:45 دمشق

photo_2022-01-23_21-18-36.jpg
صف مدرسي داخل خيمة (خاص تلفزيون سوريا)
إدلب - عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

"حالة مخجلة وتدعو للبكاء ألا يجيد طفل القراءة والكتابة في هذا المخيم"، بهذه العبارة تبدأ السيدة حنان إبراهيم المحمد حديثها، وتردف: "مهما كانت الظروف قررت ألا أترك الأطفال وحيدين في محنة الجهل وقلة التعليم ولذلك أتحمّل المصاعب لإكمال مشروعي هذا".

عند دخولك إلى مخيم "الحرّاقات" قرب بلدة كفرعروق شمالي إدلب، يمكن أن تلحظ خيمة صغيرة متواضعة يتبادر منها أصوات لأطفالٍ يرددون الأحرف العربية، تراصّوا إلى جانب بعضهم بعضاً حدّ الالتصاق لضيق المكان.

تعود تلك الخيمة إلى "حنان"، المهجّرة من منطقة أبو الظهور بريف إدلب الشرقي قبل أكثر من 3 سنوات، تستقبل فيها صباح كل يوم أطفال المخيم الذي تقطن فيه، تعلّمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب.

وتأتي مبادرة "حنان المحمّد" في ظل غياب مدرسة أو مركز تعليمي عن تجمع لمخيمات النازحين الواقعة على الطريق الفرعية الواصلة بين بلدتي كفرعروق وكفردريان شمالي إدلب.

 

"محو أمّيتهم"

كل ما تطمح إليه حنان التي حوّلت خيمة عائلتها الوحيدة والتي تعيش فيها مع أربعة من أطفالها إلى مدرسة صغيرة، أن "تمحو أمّية الأطفال وتعلّمهم القراءة والكتابة"، معتبرةً أنّها نذرت نفسها ليسلك هؤلاء الأطفال أولى خطواتهم التعليمية.

تقول لموقع "تلفزيون سوريا": "مرحلة الطفولة حساسة جداً وإن لم يتوافر للأطفال من يعلّمهم ويرشدهم لطريق العلم سيكونوا لقمة سائغة للجهل والتخلّف، وهذه المهمة التي أحاول تأديتها في الوقت الحالي".

ومنذ شهرين بدأت حنان مشروعها، توضح أنّ "بعض الأطفال في أعمارٍ متقدمة تصل لـ 10 سنوات وأكثر لا يجيدون القراءة والكتابة، ومنذ انطلاقتي أصب اهتمامي في هذا النحو".

وتردف: "ربّما لا يكتب لهم أن يكملوا تعليمهم مستقبلاً بسبب ظروف الحرب والأحوال المعيشية التي نعيشها في المخيم، لكن على أقل تقدير أكون قد نجحت في محو أميتهم وتدريبهم على أدنى مهارات الحياة، الكتابة والقراءة".

وسائل تعليم معدومة

تنعدم في خيمة "حنان المحمد" شتى وسائل التعليم، بدءاً من "السبّورة والمقاعد" وانتهاءً بالقرطاسية والتدفئة، في حين تطمح أيضاً محدثتنا إلى تأمين خيمة مستقلة تفرّغها لتعليم الأطفال فقط، بدلاً من خيمة عائلتها الوحيدة.

تقول "حنان": "اضطررت أنّ أحول خلفيّة لافتة تستخدم في الإعلان الإنساني موجودة في المخيم إلى لوح كتبت عليه الأحرف لمرة واحدة ولا يمكن حذفها، أعرض الأحرف عليها للأطفال حتى يرددوا أصواتها خلفي خلال الحصة الدرسيّة".

ووصلت أعداد الأطفال الذين تستقبلهم حنان إلى 50 طالباً وطالبة، لكن صغر مساحة الخيمة لا تستوعب أعدادهم دفعة واحدة، ما يدفع "حنان" إما إلى استقبالهم على دفعتين يومياً أو الاعتذار من دفعة وتأجيلهم لليوم التالي وهكذا"، بحسب ما تشير.

وتؤكد أن "عجز المكان عن استيعاب كامل الأطفال مصدر حزن وحسرة بالنسبة لها، لأنها ترغب أن تعلم جميع أطفال المخيم دون استثناء".

وكانت "حنان" لجأت سابقاً إلى تعليم الأطفال في مسجد المخيم، إلا أنها اضطرت إلى مغادرته بعد غمره بمياه الأمطار من جراء العواصف التي تشهدها المنطقة مؤخراً.

 

"مدارس بعيدة"

تبعد أقرب المدارس عن مخيم "الحرّاقات" نحو 4 كيلومترات، عبر طريق وعرة وبرية، غير آمنة يصعب على الأطفال سلكها.

وبسبب بُعد المدارس عن المخيم، كانت خيمة "حنان" التعليمية رغم تواضعها ومحدودية وسائلها وجهةً تعليمية لطلاب المخيم.

يقول "إبراهيم الإبراهيم" مهجّر مقيم في المخيم، ولديه طفلان يدرسان في الخيمة التعليمية، إنّ "المدرّسة حنان آثرت تعليم الأطفال مجاناً رغم عدم امتلاكها أي وسيلة تعليمية وتردي حالها المعيشي".

ويوضح لموقع "تلفزيون سوريا" أنّ "المسافات البعيدة وخاصةً في ظل أجواء فصل الشتاء من برد وأمطار وثلوج تحول من إرسال أطفالهم الصغار إلى مدارس البلدة القريبة".

يطالب "إبراهيم" بضرورة دعم الخيمة التعليمية التي تديرها "المدرّسة حنان" لأن ذلك سيعود بالخير على جميع سكان المخيم.

 

حنان: "واقعي مأساوي"

لا يمكن فصل واقع مشروع حنان التعليمي المتدهور في ظل حاجته إلى جميع مستلزمات العملية التعليمية عن واقعها المعيشي الشخصي، إذ إنها تعاني نقصاً من أبرز الاحتياجات المعيشية، مثل "مواد التدفئة ودخل ثابت ومساعدات غذائية دورية، في ظل بطالة زوجها وعدم قدرته على العمل لظرفه الصحي".

توضح حنان أنها "تلجأ إلى استخدام روث الحيوانات المجفف والأحذية والملابس القديمة، وحتى أشياء من منزلها قررت أن تحرقها بدل استعمالها بسبب البرد الشديد خلال شتاء العام".

ولا تتوقف معاناتها عند تأمين مواد تدفئة وغذائية، كما أنّ "خيمتها التي تؤويها مع عائلتها وتستقبل الأطفال لتعليمهم تحت سقفها، مهترئة ومتعبة، وتسرّب إلى أطفالها مياه الأمطار باستمرار وكذلك البرد والرياح".

تريد "حنان" أن يكون مشروعها لبنة أولى في سبيل تأمين فرصة عمل مناسبة لها مرتبطة بتعليم الأطفال ومحو أميتهم، على حدّ تعبيرها، ويؤمن لها ولعائلتها حياةً كريمة.

وتنهي حديثها: "لم يحل التهجير والفقر والقلة من إطلاق مبادرتي لتعليم الأطفال، لكن أتمنى أن تمد يد الخير لي حتى أستمر في رسالتي ولا أطلب حاجةً من أحد".