icon
التغطية الحية

لاجئة فلسطينية - سورية تفتتح أول فندق للحيوانات الأليفة في العراق|صور

2022.09.23 | 16:35 دمشق

فندق أمل للحيوانات الأليفة
فندق أمل للحيوانات الأليفة
ميدل إيست آي- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بدأت رحلة أمل عمرو مع إنقاذ الحيوانات ورعايتها عندما كانت تعيش بضاحية جرمانا بريف دمشق، حيث كانت هذه اللاجئة الفلسطينية - السورية تصادف حيوانات وهي تتعرض للقتل والتعذيب في وضح النهار، وهذا ما دفعها للتحرك ضد كل هذه الوحشية، وعن ذلك تقول: "اعتدت على رؤية الأطفال الصغار وهم يقطعون آذان الكلاب الصغيرة أو يضربونها، فكنت أصيح بهم وأحاول إيقافهم ومنعهم من القيام بذلك، وبعد ذلك كنت آخذ الحيوان معي وأحاول معالجته".

كانت أمل في الخامسة والعشرين من عمرها عندما رأت كلاباً تتعرض لمعاملة سيئة وتعذيب في الشوارع، ولهذا تحمست للقيام بشيء حيال ذلك.

 

بيد أنها اضطرت لمغادرة سوريا في عام 2015 بسبب سوء الظروف المعيشية التي خلقتها الحرب الدائرة في البلد. وبعد توجهها إلى كردستان العراق التي أصبحت بلدها الثاني، قررت أن تواصل عملها في مجال إنقاذ الحيوانات والاعتناء بها.

تحدثنا أمل عن ذلك فتقول: "أحس بالحزن عندما أرى حيوانات تعامل بطريقة سيئة، لأنها أرواح بريئة لا تعرف كيف تحمي نفسها من الأذى كما أنها ضعيفة ولا تقدر على ذلك، وأخص هنا بالحديث الكلاب والقطط، كونها تقترب دوماً من البشر وتحس بالأمان بقربهم، ولهذا عندما أرى أشخاصاً يعاملون تلك الحيوانات بخشونة تنتابني مشاعر سيئة".

درست أمل الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، ثم عملت في التلفزيون والسينما والمسرح، لكنها لم تحقق أي تقدم في مهنتها بسبب الحرب في سوريا.

وبعد عملها في وظائف مكتبية، اضطرت أمل لإعادة النظر بأمانيها وتوقعاتها وذلك عقب تفشي فيروس كورونا في عام 2020، ولهذا قررت أن تنقل حياتها إلى وجهة مختلفة تماماً.

ولهذا افتتحت أمل اليوم أول فندق وصالون مخصص للكلاب والقطط في أربيل، عاصمة كردستان العراق، إذ يقدم هذا الفندق خدمات عديدة ومختلفة للحيوانات التي عاش أغلبها تجارب صادمة.

خدمات لا يقدمها أحد

كما يتيح هذا الفندق فرصة تبني بعض الحيوانات أمام الراغبين، إلا أن ذلك رهن بوضعهم. وعندما يقرر أحدهم تبني حيوان، يتعين عليه أن يوقع اتفاقية تبني، وأن يدفع رسوماً لقاء ذلك مع تقديم الاستشارات الخاصة بعملية الرعاية وذلك لضمان اعتنائه بالحيوان بطريقة صحيحة.

وتشرح أمل ذلك بقولها: "نأمل أن نتوسع في المستقبل بشكل أكبر وأن نؤسس منظمة غير ربحية إلى جانب افتتاح مأوى وذلك لنزيد من عمليات التبني".

بعد افتتاح هذا الفندق في كانون الثاني من هذا العام، أصبح هذا الفندق الذي تموله أمل من الأموال التي تحصل عليها لقاء الخدمات التي تقدمها، يطعم أكثر من 25 قطة وكلباً. وعن ذلك تقول: "بدأت هذا المشروع بمفردي، وبميزانية صغيرة جداً، ولكني نجحت بفضل الله، إذ بعد فترة بدأ زوجي بمساعدتي، ثم شرعنا بالقيام بعمل لا يقدمه أي أحد هنا، على الرغم من الحاجة الماسة له".

وعلى الرغم من أن أمل لم تتلق أي تدريب رسمي في الطب البيطري، إلا أنها تخبرنا بأن عشقها للحيوانات جعلها تبتعد عن مجالها، وتنتبه لما يفعله الأطباء البيطريون عند معالجتهم للحيوانات بعد إنقاذها، إذ تقول: "كنت أبحث دوماً عن المعلومات وأتحقق من صحتها، وبعد مراقبة امتدت فترة طويلة من الزمن، صار بمقدوري أن أعطي الحيوانات حقناً وأن أعالج حالات الجرب وغيرها من الأمراض الشائعة بين الكلاب".

 

في هذا الفندق، يحصل عدد كبير من الحيوانات على خدمات الرعاية الصحية، بدءاً من التزيين وحتى الرعاية الطبية النفسية.

وبحسب ما ذكره الطبيب سليمان تامر، مؤسس منظمة كردستان لحقوق الحيوان، فإن الحيوانات في هذه المنطقة تعيش ظروفاً "ميؤوساً منها"، ويضيف: "إن وضع الحيوانات تعيس في عموم العراق، وليس فقط في منطقة كردستان، بل في كل مكان، مما يتطلب موقفاً جدياً من قبل الحكومة".

ويشرح الطبيب بأن الحيوانات في المنطقة تتعرض لظروف صعبة بسبب عوامل عديدة، حيث يقول: "يعود ذلك لغياب الوعي في المجتمع، وعدم وجود ثقافة شعبية تجاه حقوق الحيوان، بالإضافة إلى الصيد الجائر، وقلة الأمطار، والجفاف، وقطع الأشجار، وإحراق المراعي، وكل تلك الأسباب أدت إلى عدم توفر محاصيل مخصصة للرعي، مع نقص الغذاء وعدم توفر مساحات آمنة للحيوانات".

وتخبرنا أمل بأن أشد الأمور التي تقلقها هي أن الكثير من الناس في هذه المنطقة لا يفقهون شيئاً في فن الاعتناء بالحيوانات، وتقول: "إننا نقدم خدمتين في هذا الفندق لا تتوفران في أي مكان آخر، وهما: العناية اليومية، أي أن الزبون بوسعه أن يجلب لنا كلبه أو قطته خلال فترة دوامه، وهذا ما يجعل فندقنا شبيهاً بالروضة التي يتم إرسال الأطفال إليها، وقد أضفنا مؤخراً خدمة تتيح للناس استخراج وثائق لحيواناتهم الأليفة وذلك من أجل السفر خارج البلد".

الكلب بلاكي.. مصدر إلهام

هذا وتدين أمل بمعظم نجاحها لعملها برفقة زوجها كفريق، إذ تقول: "إننا لا نحصل على أي دعم مالي من قبل أي منظمة... إلا أن دعم زوجي جعلني أنجح أكثر، ولهذا صرت أفكر اليوم بإقامة مسبح للكلاب في الحديقة".

تمضي أمل هي وزوجها معظم وقتهما برفقة الكلاب والقطط كل يوم، حيث يلعبان مع الحيوانات ويضمنان حصولها على الرعاية المناسبة كما يتأكدان من صحتها الجسدية. ويحتفظان بالحيوانات في فندق مؤلف من طابقين كان بالأصل فيلا لكن أمل حولته إلى فندق عندما أطلقت مشروعها.

كان الحيوان الذي تعتبره أمل مصدر إلهام لها والذي جعلها تشرع رحلتها بالبحث عن الحيوانات، هو الكلب "بلاكي" الذي اعتنت به وربته ، وعنه تقول: "كان بلاكي كلباً شرساً، عمره تسعة أشهر، لكنه كان مهدداً بأن يتم إرساله إلى مزرعة أو بالقتل، ولهذا تطوعت وتبنيته ودربته، فصار عمره الآن 11 عاماً، ولم يعد شرساً أبداً".

بيد أن أمل لم تكرس فقط معظم وقتها لفندق الحيوانات الأليفة والعناية بها، بل إنها صارت اليوم تركز على تثقيف الناس حول الأخطار التي تحيط بالحيوانات، وكذلك حول الطريقة الملائمة للاعتناء بهم. لذا، أصبح مشروع افتتاح قناة على منصة يوتيوب من بين المشاريع التي أطلقتها، سعياً منها للوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، وعن ذلك تقول: "رغبت بجمع كل الخبرات والمعلومات التي أعرفها، إلى جانب تقديم النصيحة للناس، ضمن مكان واحد، ونشرها بعد ذلك، كما أنني أشارك قصصاً حول خبرتي بإنقاذ الحيوانات".

لا حقوق للحيوانات في العراق

وقد بث هذا الفندق الكثير من الرضا في نفس أمل وزوجها، إذ صارا يشعران بأن عملهما يخلق تغييراً بين الناس، كما يدر عليهما دخلاً ولو كان قليلاً، إذ تخبرنا أمل بأنها لاحظت تغير موقف الناس تجاه الحيوانات أثناء تجوالها في الحي الذي تقيم فيه. ولكن، بالرغم من الجهود التي تبذلها أمل، إلا أنها ماتزال تؤكد بأنه لابد من القيام بالكثير لضمان حقوق الحيوان في المنطقة.

ويوافقها الطبيب سليمان حول هذه النقطة، إذ يخبرنا بأن جهوداً قليلة قد بذلت لمعالجة ذلك الوضع، إلا أن الناس لم يلتزموا بما وعدوا به بعد، حيث يقول: "قدمنا مسودة مشروع لحماية حقوق الحيوان يتضمن 60 مادة للبرلمان في كردستان العراق أكثر من مرتين، ولكن حتى الآن لم تحدث أية تطورات بخصوص هذا الموضوع، إذ لا توجد قوانين تتصل بحقوق الحيوان للأسف في منطقة كردستان وفي العراق بالعموم، باستثناء القانون الذي يقضي بقتل الكلاب الضالة".

ما تزال أمل وزوجها يعملان بلا معوقات، ويفكران بتوسيع مشروع الفندق، بهدف تأمين فرص عمل للأهالي، مع إقامة دورات تدريبية لمن يهمه العمل بهذا المجال.

المصدر: ميدل إيست آي