icon
التغطية الحية

لأنها لغة الحُب والتاريخ.. عن العربية والاحتفاء بيومها العالمي

2022.12.18 | 15:08 دمشق

اليوم العالمي
أحمد طلب الناصر - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"يحتفل الناس في مثل هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي للّغة العربية"

"في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل الناس باليوم العالمي للّغة العربية"

"باليوم العالمي للغة العربية في مثل هذا اليوم من كل عام يحتفل الناس"

"الناس يحتفلون بيوم اللغة العربية العالمي في مثل هذا اليوم من كل عام"

"من كل عام في مثل هذا اليوم يحتفل الناس باليوم العالمي للغة العربية"

"اليوم العالمي للغة العربية يحتفل به الناس كل عام في مثل هذا اليوم"

"الناس في كل عام يحتفلون بيوم اللغة العربية العالمي في مثل هذا اليوم"...

ليس من قبيل التعصّب أو التبجّح، ولكن يكفي اللغة العربية هذه المرونة والسلاسة كي تتربع على عرش مختلف لغات العالم الحية والبائدة التي يكاد يستحيل فيها تقديم كلمة على أخرى من دون تغييرٍ في المعنى.

ثم أن اللغة العربية هي الوحيدة التي تتفنّن بأسماء الحُبّ وتنوّع درجاته لتكون بذلك اللغة الأقرب إلى القلب. فالحبّ في العربية يتدرّج الشعور به كالآتي: "الهوى"، وهو أول درجات الحب. ثم "الصبوة"، فـ "الشغف"، ثم "الكلف"، يليه "العشق"، بعده "النجوى"، فـ "الشوق"، و"الوَصب"، ثم "الاستكانة"، و"الوله"، وأخيراً "الهُيام".

وبالعودة إلى مضمون العبارة الافتتاحية، فإن العالم يحتفل باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من كانون الأول من كل عام، أي في مثل هذا اليوم. وبحسب تقديم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للمناسبة، فإن اللغة العربية "تعدّ ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة".

واللغة العربية، بمختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، وبمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، أبدعت آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة. إذ تضم إلى جانب تفرعات الأدب العربي وفنونه وخصائصه وقواعده، كلاً من الفلسفة والهندسة والغناء والموسيقا، وغيرها.

وعالم اللغة العربية زاخر بالتنوع في الشكل والمضمون والأصول والمشارب والمعتقدات. وتاريخ اللغة العربية مليء بالدلائل التي تؤكد صلتها الوثيقة بعدد كبير من لغات العالم؛ فبالإضافة إلى كونها أهم أركان إنتاج المعارف ونشرها خلال حقبة ما قبل النهضة الأوروبية وما تلاها، ونقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في ذلك الحين، فقد خلقت اللغة العربية الحوار بين الحضارات والثقافات على طول مسالك طريق الحرير البرية والبحرية، من أقاصي الشرق الآسيوي إلى أقاصي الغرب الأوروبي، مروراً بقلب أفريقيا.

وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن انتشار اللغة العربية ضمن أقطار ودول العالم العربي، ليس احتكاراً على أبناء المكوّن العربي، بل ليس للغة العربية علاقة بالإثنية في الأساس. فالعربية هي اللغة التي أبدع بها كبار أدباء الكرد وشعراؤهم ومفكروهم، وكذلك أبناء المكون التركماني والآشوري والسرياني... ومختلف مكونات المشرق العربي، بالإضافة أيضاً إلى الأمازيغ في مغربه. والأدب العربي يزخر بأسماء كثيرة وكبيرة من أبناء تلك المكونات.

اللغة العربية في لغات الغرب وعلومه

شكّلت اللغة العربيّة أداة لكتابة العلوم لما يزيد على عشرة قرون، فبحروفها وكلماتها تمّ تأليف أمّهات الكتب والمؤلّفات والمراجع العلميّة الضخمة؛ ففيها ألّف أبو بكر الرازيّ كتابه الشهير "الحاوي في الطبّ" وفيها كذلك ألّف ابن الهيثم كتابه العظيم "البصريّات"، وهنا نشير بعجالة إلى أنّ ابن الهيثم هو الذي وضع الأساسيّات في علم البصريّات والتي أسهمت في صناعة الكاميرا، وقد أطلق عليها اسم "القُمْرة" والتي تعني الحجرة المظلمة ومنها اشتُقّ مصطلح الكاميرا في الإنكليزيّة.

لسنا هنا بصدد سرد أسماء العلماء العرب الذين كتبوا وألّفوا في ميادين العلوم كافّة، وإنّما لنقول إنّ العربيّة أسهمت في إثراء الحضارة الإنسانيّة بمختلف العلوم، وكان لها التأثير البارز في لغات العالم الأخرى.

في اللغة الإنكليزية

تأثّرت اللغة الإنكليزيّة بشكل كبير باللغة العربية؛ إذ تشير التقديرات إلى وجود 10 آلاف كلمة إنكليزيّة هي في الأصل عربيّة وفق موقع اللغات "ماذر تونغ" لكنّ قاموس أكسفورد الإنكليزيّ (DED) قلّص العدد إلى 900 كلمة بحذف الاشتقاقات التخمينيّة وأسماء الأعلام، ومن الكلمات التي تستخدمها الإنكليزيّة (السمت، السكّر، الجبر، الكحول، الكيمياء؛ ليمون، قطن..).

 في الألمانية

ولم تكن اللغة الألمانيّة بعيدة عن التأثّر باللغة العربيّة في العصور الوسطى أيضاً؛ فقد ضمّت ما بين 100 إلى 400 كلمة في قاموسها وفق العالم الألمانيّ أندرياس أنغار مؤلّف كتاب ”من الجبر إلى السكّر” حيث أوضح في كتابه أنّ تبوّء المسلمين مكانة متقدّمة في جميع المجالات العلميّة في القرون الوسطى بهرت الغرب المسيحيّ ودفعه إلى استيراد المنتجات الزراعيّة والتقنيّة وأسماء النباتات والأعشاب إضافة إلى النظريّات العلميّة التي طوّرها العرب.

ويؤكّد أندرياس في كتابه على ضرورة ألّا ينسى الألمان أنّ الجذور العربيّة تمثّل جزءاً، ولو كان صغيراً، في الثقافة الألمانيّة. ومن الكلمات العربيّة الموجودة في اللغة الألمانيّة على سبيل المثال: سكّر zucker، قهوة، كحول، جبر.

في الإسبانية

أمّا اللغة الإسبانيّة والحديث عنها يطول قليلاً هنا، فبحكم الوجود العربيّ الإسلاميّ فيها لفترة طويلة فقد كان لها الحظّ الأوفر من تأثّرها باللغة العربيّة، ويعدّ تأثير اللغة العربيّة في اللغة الإسبانيّة أحد السمات المكوّنة للثقافة واللغة الإسبانيّة؛ حيث استوطن المسلمون العرب شبه الجزيرة الإيبيريّة لمدّة ناهزت ثمانية قرون.

ويُقدّر عدد الكلمات العربيّة في القواميس الإسبانيّة بنحو 2000 كلمة وعدد مشتقّاتها 3000 كلمة أي بنحو 8 في المئة من مفردات اللغة الإسبانيّة الكلّيّة. ومن الأمثلة على الكلمات الإسبانيّة ذات الأصل العربيّ: (Rincon ركن- aceite مشتقّة من الزيت- ahorrar فعل بمعنى يحرّر- ojala اشتقّت من الجملة العربيّة "إن شاء الله").

وبمحاضرة ألقاها الكاتب المكسيكي ألبرتو روي سانشز ضمن سلسلة المحاضرات التي أقامتها الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، أبرزتْ أهمية الثقافة العربية ومدى تأثيرها العميق في ثقافات العالم المختلفة. إذ يرى روي سانشز أن الثقافة العربية ارتبطت لأكثر من خمسة قرون بالثقافة المكسيكية، ورغم أن إدراك هذا التأثير قد يبدو صعباً في البداية إلا أنه يتضح في أصول الثقافة المكسيكية التي هي عربية بقدَر ما هي إسبانية أو هندية، فيمكن تلمس هذا التأثير بوضوح في اللغة والفنون التطبيقية، وعدد من النواحي التي تجعل ثقافة المكسيك مختلفة عن جيرانها الشّماليين.

وأكد سانشز أن الثقافة المكسيكية تأثرت بدرجة خمسة وسبعين في المائة بالثقافة العربية موضحاً أن الكثير من الإسبان والعرب الذين هاجروا إلى المكسيك منذ خمسمائة عام نقلوا معهم ثقافتهم الأندلسية وأن المهاجرين العرب الذين وصلوا إلى المكسيك في العصر الحديث تفاعلوا مع الثقافة المكسيكية خاصة المهاجرين السوريين واللبنانيين الذين برز الكثير منهم في الثقافة المكسيكية.

في التركية

أمّا اللغة التركيّة فلها شأن آخر مع اللغة العربيّة؛ فقد كُتبت بالأحرف العربيّة لأكثر من 600 سنة إبّان فترة حكم الدولة العثمانيّة، ويوجد في اللغة التركيّة أكثر من 6 آلاف كلمة عربيّة الأصل نذكر منها: ساعة، دفتر، كتاب، قلم، جسور، فرصة، لطفاً، تهلكة، وغيرها الكثير.

ولن نخوض في الحديث هنا عن خصائص وجماليات شكل اللغة العربية ومضمونها، ولا بالسمات الخاصة المرتبطة بها تعبيرياً وقواعدياً ودلالياً وجمالياً، بالإضافة إلى مكانتها الدينية والتاريخية والعلمية المتفرّدة نظراً لارتباطها الوثيق بالقرآن الكريم والشريعة الإسلامية من جهة، وبالعلوم والمعارف التي أفرزتها الحضارة العربية والإسلامية خلال مراحل ازدهارها من جهة أخرى، فالحديث عن هذه الجوانب يحتاج إلى مجلدات ضخمة.

مسيرة الاحتفال بيومٍ عالمي للغة العربية

وقع اختيار تاريخ هذا اليوم بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية، بوصفه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.

أما الخطوات التي تُوجت بتكريس هذا اليوم للاحتفال بالعربية، فكانت كالتالي:

  • في 4 كانون الأول 1954، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية.
  • في عام 1960، قررت اليونسكو استخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
  • في عام 1966، صدر قرار يعزز استخدام اللغة العربية في اليونسكو وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة.
  • في عام 1968، اعتمدت اللغة العربية تدريجياً لغة عمل في منظمة اليونسكو وتوفرت خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.
  • في أيلول 1973، استعملت اللغة العربية لغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
  • أصدرت جامعة الدول العربية في دورتها الستين قراراً لجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها.
  • في كانون الأول 1973، أصدرت الجمعية العامة قراراً يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها.
  • في عام 1974، استخدمت اللغة العربية لغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، وأُدرجت في جدول الأعمال. (وتمثلت الجهود التي أفرزت هذه الخطوة في طلب حكومات جمهورية مصر العربية والعراق واليمن والجزائر والمملكة العربية السعودية وتونس والجماهيرية العربية الليبية والكويت ولبنان).
  • في تشرين الأول 2012، احتفلت اليونسكو لأول مرة باليوم العالمي للغة العربية.
  • في الـ23 من تشرين الأول 2013، قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية التابعة لليونسكو (أرابيا)، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية بوصفه عنصراً من العناصر الأساسية في برنامج عملها السنوي.