icon
التغطية الحية

كيف أثّرت سنوات الحرب في مفهوم الزواج عند الفتيات بسوريا؟

2022.08.28 | 06:12 دمشق

1
فستان لحفل زفاف في حي بابا عمرو بحمص - NATIONAL GEOGRAPHIC
+A
حجم الخط
-A

تغييرات كبيرة طرأت على مفهوم الزواج وبناء الأسرة في سوريا بعد سنوات الحرب، اختلفت فيها شروط الفتيات ودرجة إقبالهنَّ على الزواج تبعاً لكثير من الأسباب، منها أسباب عامة متعلقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي، وأخرى ترتبط ارتباطاً مباشراً بالفتاة نفسها والبيئة التي تنتمي إليها.

تلفزيون سوريا رصد آراء بعض الفتيات في مدينة دمشق وريفها للاطلاع على مفهوم ومعيار الزواج لديهن.

الفتيات السوريات.. ما بين الاستقلالية والزواج

رغد (26 عاماً) تعيش في ريف دمشق رأت أن تغييرات كبيرة طالت مفهوم الزواج مؤخراً، إذ اعتبرت أن "الفتيات اليوم يسعين بشكل كبير للزواج بشاب مسافر، فالزواج الذي يرتكز على الانسجام والحب لا نراه اليوم".

وتتابع: "لا أعتبر نفسي فتاة تضع شروطاً للزواج، ما أفكر به هو الاستقرار مع شخص أنسجم معه، وفي نفس الوقت ضمن الظروف الراهنة أشعر أن ذلك مستحيل لذلك أنا لا أفكر بالزواج في المستقبل القريب".

فيما تعتقد لمياء، وهي فتاة في التاسعة والعشرين من العمر، بأن فرص الفتيات اللواتي تجاوزن الخامسة والعشرين أصبحت أقل بالحصول على الاستقرار وإيجاد شريك، بسبب رغبة الشباب الزواج بفتيات صغيرات السن.

تقول: "أعتقد أن سنوات الحرب هذه ساعدت على عودة مفاهيم وعادات قديمة وهذا شيء غريب، حيث نجد أعداد الفتيات الصغيرات، إما ببداية العشرين أو أصغر، هنَّ النسبة الأكبر من المتزوجات اليوم، حتى إن بعضهنَّ يتخلين عن تعليمهنَّ بغض النظر عن بيئتهنَّ ودرجة انغلاقها".

واعتبرت أن ذلك "يعود للظروف الاقتصادية السيئة في معظم الأحيان بالإضافة لأسباب اجتماعية مختلفة".

ضغوط اقتصادية ومستقبل غير واضح

"همسة" في الثالثة والعشرين من العمر، مخطوبة لشاب مغترب تعرفت إليه عن طريق أحد المعارف، تقول: "عرفني به أحد الأصدقاء وكان قراري بالقبول سريعاً بسبب معرفتي أنه يعيش خارج البلاد، ليست لدي مشكلة في طريقة الزواج لأن رغبتي بالخروج من هنا تفوق أي شيء، هناك أستطيع أن أبني مستقبلاً آمناً وأكمل تعليمي".

تتحكم الظروف الاقتصادية في سوريا هذه الأيام بتفاصيل حياة السوريين ومختلف جوانبها، فكلفة التعليم لم تعد سهلة، والعوائق المتعلقة بالخدمات وطبيعة الحياة هنا تدفع الفتيات لترك دراستهنَّ واللجوء لأي فرصة تؤمن مستقبلهنَّ، وإحداها الزواج.

وحسب تعبير إحدى الفتيات التي قابلها موقع تلفزيون سوريا فإن الزواج اليوم أصبح "صفقة لا قيمة لتفاصيلها وما يحدث بعدها، فالفتاة توافق على الزواج برجل لا تعرفه يعيش خارج البلاد كي تتخلص من عبء الحياة هنا، أو تنهي تعليمها وتتزوج لأن ذلك يبدو لها حالة أمان تخلصها من معاناتها في الوصول للجامعة أو الدراسة أو تحمل عائلتها لتكاليف تعليمها".

وفي الوقت ذاته ترى أخريات أن بعض الفتيات يعزفن عن فكرة الزواج أو ترفضنه بالمطلق ولهنَّ أسبابهنَّ أيضاً، معتبرين أن "حياة المرأة بعد الحرب تغيرت وأصبح بمقدور الكثيرات ممن تابعن تعليمهنَّ أن يعتمدن على أنفسهنَّ ويتركن عوائلهنَّ ويعملن ويبنين حياة مستقرة بمفردهن".

وبحسب آخر إحصائية رسمية، صدرت عام ،2020 فإن مدينة دمشق سجّلت نحو 30 ألف حالة زواج، فيما سجّلت سنة 2019 ستة وعشرين ألف حالة.

ارتفاع معدلات الطلاق

من جهة أخرى تتحدث مصادر مختلفة عن ازدياد حالات الطلاق في سوريا بعد الحرب، ويرجع كثيرون ذلك لأسباب اقتصادية ومعيشية، فيما يرى آخرون أن "الانفتاح على الثقافات الأخرى ووسائل التواصل الاجتماعي" كان له الأثر الأكبر.

من جانبه أكد المحامي "ح.ش" أنه "لاتوجد إحصائيات رسمية دقيقة حديثة عن نسبة حالات الطلاق في سوريا، فآخر إحصائية كانت في العام ٢٠٢٠ وبلغت حينها عشرة آلاف حالة، لكن بشكل عام فزيادة معدلات الطلاق بات أمراً ملحوظاً".

وأضاف: "الأسباب اقتصادية واجتماعية غالباً، هناك مرحلة جديدة يمر بها المجتمع السوري هي مرحلة صراع قيم، وتغير أنماط الحياة، هناك طلاق لأسباب اقتصادية وأخرى لها علاقة بمفهوم الحرية وغيرها تتعلق بالشكل الجديد للحياة وآثار الحرب، وبالعودة للقانون، فإن حالات الطلاق هي التي تتم من الزوج بإرادته المنفردة، ومن ملاحظاتي اليومية في المحاكم أرى أن الزيادة هي في دعاوى التفريق المرفوعة من قِبل النساء على الرجال أكثر من الطلاق المنفرد".

ومن ذلك يبدو أن الحرب أحرزت تغييراً كبيراً في وضع المرأة وتطلعاتها وشروطها للزواج وتختلف الأسباب التي تؤدي لدعاوى التفريق، بحسب رأيه، ومنها:

"علة الشقاق والتي تعني أن الحياة الزوجية أصبحت مستحيلة، وتقدر نسبة الإساءة في هذه الحالة بناء على تقرير حَكمين وعلى أساسها تقدر حصة المرأة من المؤجل والمعجل".

وتابع: "هناك سبب إضافي لزيادة حالات الطلاق وهو ما يسمى بالأثر الكاشف، ففي أثناء الحرب خرجت مناطق عديدة عن سيطرة النظام وبالتالي لم يعد هناك وجود لمؤسسات حكومية، وكانت تحدث العديد من حالات الزواج والطلاق الشرعية ولكنها غير مسجلة في المحاكم، لذا فالعديد من حالات الطلاق التي تسجل اليوم تكشف آثار الفترة الماضية، وهذه إحدى أسباب زيادة المعدل".

وكان القاضي الشرعي الأول بدمشق مازن قطيفاني قد أعلن في وقت سابق تسجيل 5 آلاف حالة طلاق في دمشق خلال الأشهر الـ عام 2021، في حين أشار إلى أن المعدلات كان منخفضة بنسبة 10 في المئة خلال عام 2020 الذي سبقه.