icon
التغطية الحية

"كف البلاء" والوشاية.. تجار دمشق في مواجهة ابتزاز الجمارك

2024.06.06 | 09:15 دمشق

أسواق دمشق (تشرين)
كف البلا والوشاية: تجار دمشق في مواجهة ابتزاز الجمارك
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

نشطت دوريات الجمارك في دمشق خلال الفترة الأخيرة بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى. أكد تجار ألبسة، مواد غذائية، مستحضرات تجميل، مكملات غذائية، وإلكترونيات، أن ضربات الجمارك زادت بشكل ملحوظ، مما دفعهم إلى اتباع أساليب ملتوية للبيع.

أحد أصحاب محال الألبسة في الصالحية بدمشق أكد لموقعنا أنه اضطر لبيع مصاغ زوجته الذهبي لدفع مبلغ 150 مليون ليرة نتيجة "ضربة الجمارك"، كما يسميها التجار، على مستودعه الذي يضم قليلاً من الأحذية المهربة والألبسة التركية.

وأشار إلى أنه استطاع بعد مفاوضات مع أحد عناصر الدورية أن يقنعه بمساعدته في خفض قيمة الغرامة من 300 مليون إلى 150 مليوناً، لكن ذلك لم يكن مفيداً 100%.

وأضاف صاحب المستودع أن العنصر عاد إليه في اليوم التالي وطلب 50 مليون ليرة لقاء خدمته في تخفيض مبلغ الغرامة. بعد مفاوضات وصلوا إلى مبلغ 20 مليون ليرة، وكان مضطراً للدفع لأن العنصر هدده بمداهمات متكررة في حال لم يقم بالدفع.

مصدر رزق

يقدر صاحب محل الألبسة خسارته بنحو 400 مليون ليرة مع البضاعة المصادرة، أتعاب المحامي، ورشاوى لمنع وصول الضبط للقضاء.

وأكد أحد تجار مستحضرات التجميل، الذي يملك مستودعاً في منطقة الحريقة، أنه أفرغ أغلب البضائع في مستودعه مؤخراً ونقلها إلى منزله خشيةً من الحملة التي تشنها الجمارك. وأشار إلى أنه تعرض لضربة من الجمارك العام الماضي وخسر بموجبها نحو 500 مليون ليرة.

وأكد تاجر مستحضرات التجميل أن قضية الجمارك أصبحت مصدر رزق للكثير من الأطراف، حيث بدأ بعض الأشخاص يمتهنون مهنة الوشاية للجمارك مقابل مال، بالتعاون مع أحد عناصر الدوريات أو ضباطها.

وأضاف التاجر أن ممتهني الوشاية يتنقلون في الأسواق ويراقبون الباعة الذين لديهم مستودعات، ويبدؤون التحري عن مبيعاتهم ونوع بضائعهم. وبعد التأكد يجلبون الدورية ويتم تنظيم الضبط.

عند تنظيم الضبط على الضحايا، يعرض أحد العناصر في الدورية المساعدة مقابل مبلغ ضخم، حيث تكون الغرامة المفروضة أضخم بضعف أو أكثر. وبعدها يتم تقسيم المبلغ على الدورية، بينما يحصل الواشي على مبلغ يبدأ من مليوني ليرة ويرتفع كلما ارتفعت قيمة المبلغ الذي ارتشى به العنصر وكلما كانت البضائع المضبوطة أكثر.

مبلغ "كف بلا" وراتب شهري

أكد أحد باعة الدخان في سوق الشيخ محي الدين بدمشق، الذي يملك مستودعاً صغيراً للدخان يحتوي على قليل جداً من الدخان المهرب، أنه تعرف على الشخص الذي وشى به شخصياً. وطلب منه الواشي "كف بلا" نحو 5 ملايين ليرة، أي بموجب هذا المبلغ لن يعود ليشي به. وهذا ما دفع التجار الباقين إلى رشوته أيضاً، وأصبح له مدخول شهري من التجار، إضافةً إلى حصوله على علب سجائره والمعسل مجاناً.

يمكن أن يلعب دور الواشي عنصر الجمارك نفسه خارج دوامه بزي مدني، فيحصل بهذه الحالة على مكافأة لقاء الإخبارية، وحصة من مبلغ الرشوة للدورية، وقد يبتز صاحب المستودع أو المحل لاحقاً بمبلغ "لكف البلا" أو يحصل على مشترياته مجاناً منه كلما أراد.

تدخل بمعرفة الجمارك

يستغرب جميع من التقاهم موقع تلفزيون سوريا من أن البضائع تدخل تهريباً إلى دمشق عبر الجمارك نفسها، حيث يؤكدون أنهم باتوا يرشون الجمارك على الحدود مع لبنان لإدخال البضائع دون جمركة. ذلك لأن الرسوم الجمركية أصبحت مرتفعة جداً وغير منطقية، وأسعار السلع ارتفعت أضعافاً بموجب ذلك. إضافةً إلى أن دوريات الجمارك تسببت بالكثير من المشكلات للعديد من التجار رغم أن البضائع دخلت بشكل نظامي.

يشير التجار إلى أن أغلب تلك البضائع المهربة تدخل العاصمة إما عبر عناصر حزب الله، أو عبر خطهم العسكري وبمعرفة الجمارك. لكن، رغم ذلك، تعود الدوريات لضرب المستودعات والمحال ضمن أسواق العاصمة عبر أسلوب الوشاية أو ما يعرف بـ"الإفسادية"، حيث لا تتحرك الدوريات بشكل عشوائي بل بشكل مقصود.

يبقى الاستفسار الأبدي الذي لم تجب عليه جمارك النظام ولا حكومته هو "لماذا يسمح التهريب في السومرية ويمنع بدمشق على بعد أمتار؟" حيث تعرض أكثر من بائع دخان مفرق لدورية جمارك على استراد المزة بعد شرائه بعض كروزات الدخان من السومرية، وصودرت بضاعته وتعرض للغرامة.

أساليب جديدة للهرب

رغم ذلك، أصبح التجار والباعة أكثر حذراً، واتبعوا أساليب مختلفة لبيع المهربات التي يرون أنها مصدر رزقهم الأساسي وسط شح البضائع المحلية وتدني مستواها وجودتها وارتفاع ثمنها. حيث يقوم بائعو الأحذية بخلط الأحذية المعروضة بين المهرب والوطني، وكذلك بائعو الألبسة مع خلع أي دلالة على أن البضاعة غير محلية.

أصحاب محال مستحضرات التجميل والهدايا والإلكترونيات وغيرها من المهربات باتوا يبيعون بضائعهم عبر مسوقين على الإنترنت، وجعلوا من منازلهم مستودعات. يحصل المسوقون على نسبة من المبيعات، ويوجد عدة أشخاص براتب شهري يقومون بتوصيل البضائع للزبائن.

بحسب التجار، كل شيء يهرب حالياً، خاصةً مع هروب المنتجين إلى خارج سوريا. ولإلقاء نظرة على نوعية البضائع المهربة التي تدخل السوق، وحجمها، يمكن فقط النظر إلى إعلان مديرية جمارك دمشق في آذار الماضي لبيع بعض المصادرات بالمزاد العلني، حيث ضمت: أجهزة كهربائية مثل شاشات، مكيفات، مراوح، طباخات، غسالات، برادات، وأفران غاز، خلاطات، أدوات مائدة ومطبخ، مستلزمات الزينة، إكسسوارات موبايل، أقمشة متنوعة، ألبسة، أحذية، حقائب، نظارات، ساعات يد، قفازات، أدوات تجميل وصحية، ألعاب أطفال، بطاريات، كاميرات مراقبة، ورق، رخام، قطع تبديل دراجات وسيارات، معدات صناعية، دهانات، وآلات دفع إلكتروني، وقطع تبديل مفاصل صناعية طبية.