قرار حبس إمام أوغلو وأثره على المشهد الانتخابي

2022.12.23 | 05:55 دمشق

قرار حبس إمام أوغلو وأثره على المشهد الانتخابي
+A
حجم الخط
-A

كانت الأمور تسير بشكل متصاعد لصالح الرئيس أردوغان وحزبه وحلفائه فيما يتعلق بنسب التأييد خلال الأشهر الأخيرة وذلك للاستقرار النسبي للعملة وقدوم استثمارات خارجية من جهة، والقيام ببعض الخطوات الداخلية لإرضاء فئات الشعب التركي المختلفة، ولدور تركيا الوسيط في الحرب الروسية في أوكرانيا والذي عزز من أسهمها في عدة جوانب فضلا عن حملة المصالحات التي بدأتها أنقرة مع عدة دول في المنطقة.

ولكن في 14 من ديسمبر وقع حدث أعطى المعارضة منصة يمكن أن تستغلها في استعطاف المواطن التركي حيث أصدر القضاء التركي قراراً يقضي بحبس رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لمدة سنتين وسبعة أشهر على خلفية اتهامات بإهانة لجنة الانتخابات المركزية. وهي قضية قديمة وقعت أحداثها في 2019 تتعلق بمهاجمة رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو للجنة الانتخابات متهما إياها بالحمق بسبب إلغاء الجولة الأولى من الانتخابات حينها.

هناك تعقيد في هذه المسألة لأن رئيس البلدية الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري يتنافس مع رئيس حزبه كمال كليجدار أوغلو على من سيكون منهما مرشح المعارضة

حيث اعتبرت المعارضة القرار مسيسا وظالما لها، ولكن الأطراف الحكومية وبعض مناصري حزب العدالة يعتبرون القرار صحيحا لأنه تمت إهانة لجنة الانتخابات المركزية.

هناك تعقيد في هذه المسألة لأن رئيس البلدية الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري يتنافس مع رئيس حزبه كمال كليجدار أوغلو على من سيكون منهما مرشح المعارضة لتحدي الرئيس أردوغان. ولهذا بدا أن تجمع أنصار إمام أوغلو وأنصار الحزب الجيد الذي تدعم رئيسته ميرال أكشينار ترشيح إمام أوغلو أمام بلدية إسطنبول لدعم إمام أوغلو ضد قرار المحكمة هو في إطار التنافس داخل المعارضة من جهة لإزاحة كليجدار أوغلو الذي لم يكن على علم بقرار التجمع، والذي كان في زيارة لألمانيا، من المشهد الانتخابي.

وتعزز عودة كليجدار أوغلو مباشرة من ألمانيا وقطعه للزيارة ذلك حيث ذهب لإمام أوغلو مؤكدا دعمه لإمام أوغلو أمام القضاء ولكن مع التأكيد أن إمام أوغلو يمثل 16 مليون مواطن يعيشون في إسطنبول وليس 85 مليون تركي وهو ما فهم منه أن كليجدار أوغلو لن يسلم بأن قرار المحكمة يمكن أن يجعله يتنازل عن الترشح لصالح إمام أوغلو.

هناك تنافس كبير بين إمام أوغلو وكليجدار أوغلو لابد أن يحسمه أحدهم حيث سيعتبر ترشح كل من إمام أوغلو وكليجدار أوغلو في الوقت نفسه سذاجة، كما أن ترشح أحدهما دون دعم معسكر الآخر أيضا سيجعل فوز الرئيس أردوغان أسهل ما يكون.

لكن مع ذلك سيواصل الطرفان الاستفادة من قرار المحكمة في التحشيد ضد الحكومة وضد حزب العدالة والتنمية مع بقاء التنافس الداخلي بينهما.

حاول إمام أوغلو وميرال أكشينار أن يبرزا التشابه بين قرار المحكمة بحبس إمام أوغلو ومنعه من الحياة السياسية وبين قرار حبس أردوغان في 1997 بسبب قراءته لأبيات من الشعر حينها لكن لم يستطع كل من إمام أوغلو وميرال أكشينار أن يخفيا فرحتهما بقرار المحكمة الذي يقضي بحبس إمام أوغلو مما جعلهما عرضة للانتقاد الشديد وفرّغ التجمع الذي قاما به من مضمونه.

دعا كليجدار أوغلو إمام أوغلو لأول اجتماع للحزب بعد هذه الحادثة ودعمه باعتباره رئيسا له في الحزب، وكأنه يقول له سأستفيد من مظلوميتك وسأدعمك لتبقى رئيسا للبلدية ليس أكثر

وفق الحسابات المنطقية يعتبر إمام أوغلو أخطر من كليجدار أوغلو على أردوغان. وبما أن قرار المحكومية يمكن أن يرفع من شعبية إمام أوغلو في حال استمر في استخدام خطاب المظلومية، إلا أن القرار بالرغم من أنه أولي وليس نهائياً يجعل هناك شبهة قانونية كبيرة بعدم إمكانية وصول إمام أوغلو للرئاسة حتى لو فاز، ولهذا ستكون المعارضة مترددة جدا في التوافق عليه وهذا يمنح كليجدار أوغلو ميزة.

ولهذا دعا كليجدار أوغلو إمام أوغلو لأول اجتماع للحزب بعد هذه الحادثة ودعمه باعتباره رئيسا له في الحزب، وكأنه يقول له سأستفيد من مظلوميتك وسأدعمك لتبقى رئيسا للبلدية ليس أكثر.

لم يعلق الرئيس أردوغان حتى الآن على هذا الحدث، لأنه يريد تجنب اتهامات المعارضة بالتدخل بالقضاء، ومن زاوية أخرى كأنه يكرس فكرة أن الأمر تنافس داخلي لدى المعارضة حيث إن مشهد الاختلاف داخل المعارضة مفيد له، كما أن المعارضة قد تستغل حديثه لجعل هذا الموضوع على الأجندة لصالحها.