في البحث عن العهر العلني؟!

2019.10.20 | 16:32 دمشق

la_1.jpg
+A
حجم الخط
-A

قيل الكثير في الاتفاق التركي-الأميركي؛ والأكثر كان ما تعرضت له تركيا من انتقادات وموجات من الهجوم لم تتعرض لها من قبل. الأمر الأساس الغائب في كل ما قيل هو التغافل أو إغفال الإشارة إلى من أوصل سوريا والسوريين إلى حال كهذا؟! ربما لم يعد مجدياً الحديث عن المتسبب(ين) بالحال الكارثي السوري؛ ولكن لا بد أن يطل المرء على ذلك السجل الحافل بالسياسات المافياوية كي يرصد ذلك السقوط ويضعه في سجل المسلك الطبيعي لمنظومة الاستبداد.

فالمنظومة زايدت على السوريين بالعداء لإسرائيل ومقاومتها؛ ليتبين أنها محمية من إسرائيل، وتعمل عندها. وسيرى منظومة رأسها السابق اتهم الحركة الوطنية اللبنانية يوما بأنها عدوة المقاومة، واتهم بعض رجالاتها بالعمالة لإسرائيل؛ ليتبين أنه العدو

بات معروفاً أن المنظومة كانت الأكثر حديثاً عن الوحدة العربية والتضامن العربي؛ ولكنها لم تترك فرصة للطعن بالعرب والتفريق بينهم أكثر، إلاّ واستغلتها.

الحقيقي للمقاومة، والعميل الأصلي لإسرائيل. ولن يحتاج إلى كثير من العناء ليتيقن أن منظومة أقنعت السوريين بأنهم انتصروا في حرب تشرين، وتبين أنها قد خسرت أكثر من عشرين بلدة جديدة على الجبهة معها. وبات معروفاً أن المنظومة كانت الأكثر حديثاً عن الوحدة العربية والتضامن العربي؛ ولكنها لم تترك فرصة للطعن بالعرب والتفريق بينهم أكثر، إلاّ واستغلتها.

لقد عاش السوريون بالتقتير وشد الأحزمة؛ وكانت تضع مليارات النفط في حساباتها الخاصة؛ وتعيث فسادا وإفساداً في الحياة السورية.

في سنواتها الأخيرة، إبان الكارثة التي أنزلتها بالسوريين، كان الأسهل عليها هو إطلاق صفة إرهابي على أي سوري نطق بالحرية؛ فكل من قال لها /لا/ أصبح عميلاً للمؤامرة الكونية وأداة بيد مشغلين يستهدفون "سيادتها" إقليميا، وبعد أن استضافت "أوجلان" ودربت ميليشياته من ال "ب ك ك" الإرهابية لتهديد أمن تركيا في التسعينيات؛ استخدمتها لقمع التظاهر السلمي في الجزيرة السورية، وشجعتها على الانفصال؛ وفي الوقت ذاته دانت ما تفعله تلك الأداة. وبعدها أرسلت لها داعش لتكون حارسا على نفط سوريا. تلك الميليشيات بدورها قاتلت شبيهتها داعش كأداة للتحالف، وخرجت على معلمها الأساس منظومة الاستبداد. ولرخص تلك الميليشيات غازلت منظومة الاستبداد ثانية عندما تخلى الأميركيون عنها. حدث المحظور وتخلى الأميركيون، وحاول الروس إعادة الوئام بينهما؛ ولَم تفلح؛ فعادت منظومة الاستبداد ونعتتهم بما صممتهم له أساساً.

طاب للمنظومة أُخذ ال "بي واي دي" الكورد رهينة، واستمرأت مسلكهم المتطابق مع مسلكها في القتل والتشريد. عادوا وتساكنوا في مناطق عدة من الجزيرة السورية. ولحظة تخلي الأميركيين عن تلك الميليشيات؛ ألبسهم نظام الاستبداد لباس جنوده وأدخلهم يتصورون في منبج. والآن السوريون في دير الزور يقاتلون ثلاثة أصناف من الميليشيا الإرهابية: أسدية/ قسدية / داعشية.

والآن، وبعد اعتبار الجغرافيا معياراً للنصر، ماذا هو فاعل هذا النظام عندما يعود السوريون إلى ضعف مساحة لبنان من الجغرافيا السورية؟! هل نشهد احتفالات في ساحة الأمويين؟! إذا كان الروس حريصين على عودة اللاجئين السوريين، فماذا عساهم وعسى النظام الذي يحمون فاعلين، إذا عاد أكثر من مليون سوري آمنين إلى بيوتهم؟!

من جانب آخر، ما عسى أولئك الذين استنفروا ودانوا الفعلة التركية أن يقولوا، وقد راق للمنظومة حماستهم ونخوتهم؛ وهم ما تحركوا

إذا كان تفكير الجامعة بالنظام لا بسوريا الدولة ولا بسوريا الشعب فهنيئا للمهددين بعودة منظومة الإجرام إلى تلك الجامعة

ولا استنفروا ولا دانوا جرائم الكيماوي والبراميل والاقتلاع والاحتلالات الروسية والإيرانية للأرض والحياة السورية إلا استحياءً؟! هل أصبح التهديد بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية من الأسلحة في وجه أردوغان؟! إذا كان تفكير الجامعة بالنظام لا بسوريا الدولة ولا بسوريا الشعب فهنيئا للمهددين بعودة منظومة الإجرام إلى تلك الجامعة. ألا يشك السوري الآن أن من أفقد النظام مقعده في الجامعة لم يكن يعاقبه على ارتكاب الإجرام، بل يصفي حسابات؛ ولا ينتصر للشعب السوري أو يدعمه. غريب هذا الإصرار على جعل هذه الجامعة عبئاً على العرب لا حاملاً لهمومهم وأوجاعهم.

السوري ليس مغرماً بأي يد أجنبية تمتد إلى بلاده. هاجسه الخلاص من كل تلك الضباع التي تتناتف لحمه وتسفك دمه. مصير دمه أن يرشق وجوه كل من هدره وكل مَنْ خولت له نفسه استباحة كرامته وحياته. السوري يعرف مكمن الداء وسبب كل بلاء تتعرض له سوريا وأهلها. في الفرنسية يقولون: ابحث عن المرأة؛ وفِي الحالة السورية والويلات التي تحل بها، لا بد من القول: ابحث عن سبب الداء تجد الدواء، وتردع اليد الغريبة طامعة كانت، أم متذرعة أم مهدَّدة بأمنها.