icon
التغطية الحية

فلنغيّر الطريق- دروس في كورونا.. كتاب "إدغار موران" في سنّ المئة

2020.11.09 | 18:09 دمشق

presentation1.jpg
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

يصدر الفيلسوف الفرنسي، إدغار موران، الذي سيتمّ القرن من عمره بحلول عام 2021، كتاباً أقرب ما يكون إلى "الحوليات"، ضمّ فيها مذكراته الشخصية وتوثيقاً سرديّاً لأحداث عالمية كان شاهداً عليها، بمختلف تغيّراتها وتحولاتها المؤلمة والكارثية والدموية، والتي ما تزال مستمرة وستبقى.  

"لنغّير الطريق.. دروس في الكورونا" هو عنوان كتاب موران -الأخير ربما- الذي ينطلق فيه من حالة العالم التي فرضها فيروس كورونا اليوم ليتناول من خلالها جميع ما يعتري البشرية من معتقدات ومناهج فكرية، والمواقف المتبناة من قبل المجتمعات، والثوابت التي عاش عليها الناس، بهدف إيصال فكرة مجردة تقول أن كل ما سبق قد سقط مع مجيء زمن كورونا.

اقرأ أيضاً: بين ديمقراطية الثقافة وثقافة الديمقراطية

يقول موران: "يخبرنا كورونا بقوة أنه يتوجَّب على البشرية كلها أن تبحث عن مسار جديد يتخلَّى عن العقيدة النيوليبرالية، من أجل صفقة سياسية جديدة اجتماعية وبيئية. ومن شأن المسار الجديد أن ينقذ ويقوي الخدمات العامة مثل المستشفيات التي عانت في أوروبا من تقشف غير معقول منذ سنوات عديدة. وستصحح المسار الجديد انعكاسات العولمة من خلال إنشاء مناطق متخلصة من العولمة، من شأنها حماية عدد من الاستقلاليات الذاتية الأساسية".

يحذر موران من الكارثة التي سيفرزها استمرارنا في نهج ذات السلوكيات التي أفرزت جائحة (كوفيد-19) الغريبة والطارئة على العلم والمختبرات، وساهمت بانتشارها. وكتب عن العديد من الجائحات والأوبئة التي عاصرها خلال حياته، ولا سيما جائحة (الحمّى الإسبانية) التي شهدها في سنوات طفولته والتي قضت على والدته في باريس عام 1931.

اقرأ أيضاً: العقل والإصلاح الديني عند مفكري النهضة

وخصص موران النصف الأول من كتابه الذي ضمّ 154 صفحة، للحديث حول كل ما أصابه وأصاب العالم منذ طفولته. فتحدث عن وباء الحمى الإسبانية وعن عصر الكساد الاقتصادي العالمي الكبير بين عامي 1921 – 1931، ويصف حجم المعاناة التي "قلبت حياته رأساً على عقب" بحسب ما وصف في الكتاب، فبالإضافة إلى الجائحة والكساد، كانت معاهدة "فرساي" التي تمخضت عن الحرب العالمية الأولى ووضعت حداً لها، وما تلاها من أزمات سياسية ودمار اجتماعي، تمهيداً للحرب العالمية الثانية.

تلك الأحداث العامة جميعها ساهمت في تشكيل وعي موران الخاص، فكانت جزءاً رئيساً من تركيبته الشخصية آنذاك، ووصف نفسه بالقول أنه "طفل كل الأزمات"، و"كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما دخلت السياسة في رأسي".

تحدّث عن الحرب الثانية، وعن هتلر وعن النازية والفاشستية والشيوعية، واليمين واليسار، والمواجهات التي مسّت جميع الأطراف، وصارت حديث كل بيت وكل الأعمار، ودخلت المدارس والجامعات، وخلقت الانقسامات داخلها جميعاً، وجرّت العالم بقوة إلى الحرب.

اقرأ ايضاً: لماذا انتهى الفكر القومي إلى الفاشستية؟

وصار كل شيء خاضعاً للتساؤلات والتحليلات، وتحول كل شيء إلى مشكلة: "الديمقراطية، الرأسمالية، الفاشية، مناهضة الفاشية، الشيوعية الستالينية، مناهضة الشيوعية الستالينية -التروتسكية-، الإصلاح، الثورة، القومية، الأممية، الطريق الثالثة، الحرب والسلام، الخطأ، والصواب".

تحدث أيضاً عن تجربة الجزائر، وعن ثورة الجزائريين التي انحاز لها ولمطالب الثوار في الاستقلال عن فرنسا، وعن وعيه البيئي الذي بدأ مع بداية سبعينيات القرن الماضي ليصبح لاحقاً أحد رواد السياسة البيئية. وعن فترة الثمانينيات وما أفرزته من حالات وصفها موران بـ "البربرية" وقسمها إلى بربريتين اثنتين: القديمة القادمة من عصور الهيمنة والاستعباد والكراهية والازدراء للآخر، والعنصرية التي طُبقت في حروب الشرق الأوسط وأفريقيا، وثانية المتعلقة بآليات الربح والجشع المتحكمة في العالم.

  اقرأ أيضاً: المثقف العربي.. وأزمته الوجودية..

النصف الآخر من الكتاب، خصصه موران لعصر كورونا، إذ يرى أن ثمة أزمة عملاقة نتجت عن الجائحة، كشفت عن أزمة النموذج الغربي الحديث، قائلاً إن العالم يعيش مخاض ولادة نموذج جديد وتفكك القديم، في ظل الألم والفوضى، دون استعداد كافٍ. كما أن كورونا أنهت مفهوم التقدم التكنولوجي.

وكشفت الجائحة أيضاً عن مخاطر الاعتماد الكلّي على المنتجات الغربية من أدوية ومواد صحية وغيرها، وعن ضرورة تنظيم كا ما يتعلّق بالصحة الجسدية والنفسية والغذاء، بل حتى العلاقات الإنسانية.

سيرة

إدغار موران، فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي معاصر. ولد في باريس في 8 تموز 1921. يعرّف نفسه بأنه بنائي بنائية (علم نفس). من أهم مؤلفاته "الأحمق الغبي هو من لا يفكر" وهو مؤلَّف موسوعي من 100 جزء، "السينما أو الرجل الخيالي" ومن أهم مؤلفاته "وحدة الإنسان" و"الإنسان والموت".

سيسيولوجياً، اهتم بثقافة الجمهور والشباب، واهتم بنظرية "العقل المُركّب". تركزت كتاباته حول إشكالية "المعرفة".

 

كلمات مفتاحية