icon
التغطية الحية

فقدت زوجها برحلة اللجوء.. سوريّة تتحدى الصعوبات وتفتتح متجراً للألبسة في هولندا

2024.02.28 | 17:32 دمشق

آخر تحديث: 28.02.2024 | 17:32 دمشق

وسام حجازي
السورية وسام حجازي
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

تحدّت لاجئة سورية العديد من الظروف الصعبة والمعاناة التي شهدتها، لا سيما وفاة زوجها غرقاً خلال رحلة اللجوء إلى أوروبا، وتمكّنت من افتتاح متجر ألبسة في مدينة أسن بهولندا.

وبحسب صحيفة "داخبلاد فان هيت نوردن"، فإن اللاجئة السورية وسام حجازي (38 عاماً) افتتحت مؤخراً متجرها للملابس "ماك مي هابي" في شارع أوداسترات بمدينة أسن.

وبالنسبة للسوريّة وسام فإنّ ذلك "ليس مجرد افتتاح"، بل كان بـ"منزلة انتصار" بعد أن عانت خلال السنوات الماضية من الخوف والقلق وواجهت المصاعب من أجل الاستقرار وبناء مستقبلها، الذي تحطّم في وطنها الأم.

وأشادت الصحيفة باللاجئة السورية وسام، ووصفتها بأنه "امرأة قوية ذات قصة مثيرة للإعجاب"، مشيرة إلى أنها كانت تريد قبل كل شيء أن تقف على قدميها وتكون قدوة لابنتها.

وتقول وسام عن اختيارها اسم "اجعلني سعيداً" لمتجرها: "أحب أن أجعل الناس سعداء.. كثيراً ما أرى المارة يتوقفون ويبتسمون عند الاسم.. من الجميل فعلاً أن أرى ذلك".

وفي عام 2014، فرّت وسام من الحرب في سوريا مع زوجها وابنتها وشقيقتها، وتقول عن ذلك: "لقد فعلت ذلك بشكل أساسي من أجل ابنتي التي كانت تبلغ من العمر سبع سنوات حينذاك.. أردت لها أن تكبر في أمان".

"رحلة كارثية"

قبل تسع سنوات، استقلت وسام قارباً متجهاً إلى أوروبا، ووفقاً للصحيفة كانت رحلة "صعبة" و"كارثية"، حيث تعطّل محرك القارب الذي كان ممتلئاً بالأشخاص، وانتشر الذعر على متن القارب حتى انقلب في عرض البحر.

ولم ينجُ زوج وسام، لكنّها تمكنت من إبقاء رأسها فوق الماء لمدة أربع ساعات وابنتها على ظهرها، لحين انتشالها وابنتها وشقيقتها بوساطة قارب آخر.

وبحسب وسام، لم يكن هناك أي وقت تقريباً للحزن، فبمجرد وصولها إلى الأرض في إيطاليا، كان عليها أن تغادر على الفور، قائلةً: "من أجل ابنتي.. من أجل نفسي".

سافرت وسام إلى هولندا عبر فرنسا وبلجيكا وبعد أن تنقلت بين عدة مراكز إيواء في مدن بودل وفاخينينجن وأرنهيم ضمن إقليم برابانت، انتهى بها الأمر في مأوى اللاجئين ببلدية ديلفزيجل.

وتضيف وسام: "أردت الذهاب إلى هولندا لأنّ الناس هنا يتحدثون الإنكليزية، لذلك سأكون قادرة على التواصل والحصول على أفضل فرصة لفعل شيء ما في هذا البلد خلال وقت قصير".

ولم تهدأ حتى عندما كانت في مراكز الإيواء، حيث تطوعت مع الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء كمترجمة نظراً لإجادتها اللغة الإنكليزية، كما التحقت خلال ذلك بدورة اللغة الهولندية وبسبب مهاراتها اللغوية تعلمتها بسرعة كبيرة.

وتابعت: "أنا لست الشخص الذي يمكنه الجلوس وانتظار ما سيأتي.. أفضّل أن أتولى زمام الأمور بنفسي، كان عليّ أيضاً أن أفعل شيئاً (..) لأنه على الرغم من أنني ممتن لمراكز الإيواء لتوفيرهم المأوى والطعام والشراب، إلا أنه الجلوس هناك ليس ممتع!".

وتقول صحيفة "داخبلاد فان هيت نوردن"، إنّه بعد مرور تسع سنوات، أصبحت وسام "هولندية" وتعيش في بلدية ليك، حيث أصبحت صديقة لـ رينكي فان دير فالي وزوجته، موضحةً وسام: "زوجان يساعدانني في كل شيء، أمر جميل جداً، لكنني حقاً أريد أن أفعل كل شيء بنفسي.. لم يكن ذلك سهلاً، لأنني خسرت كل شيء في سوريا وكان علي أن أبدأ من الصفر في هولندا".

وبداية كانت وسام تقيم في بلدية نوردنفيلد، حيث عمِلت على إرشاد القادمين الجدد، وكانت تأمل في عقد دائم مع تلك البلدية، لكن كل شيء تعطل خاصة في فترة جائحة كورونا.

وبعد ذلك عادت إلى مسار ريادة الأعمال من خلال شقيقها الأكبر الذي يمتلك متجر ملابس ومصنعاً في تركيا، وأراد فتح خط لبيع منتجاته في هولندا، طالباً من شقيقته وسام مساعدته في ذلك: "في البداية اعتقدت أنه سيكون شيئاً يجب فعله بشكل جانبي، ولكن تدريجياً بدأت أستمتع وأصبح عملاً بدوام كامل".

عادت وسام إلى الدراسة ودرست إدارة المشاريع في جامعة "هانز" للعلوم التطبيقية، وكان هدفها أن تبدأ العمل ببطء ولكن بثبات على خط الأزياء الخاص بها، والآن تمتلك شركة (Make Me Happy)  في مدينة آسن ومتجراً إلكترونياً للشركة على شبكة الإنترنت.

وتقول وسام عن المتجر: "لقد أنشأت هذا المتجر الإلكتروني بنفسي (..) وفتحت المتجر الفعلي لأنني أعتقد أن النشاط التجاري المرئي مع متجر الويب يعطي انطباعاً موثوقاً به للعملاء".

ويقع مستودع وسام ومكتبها في رودن، حيث تعمل لساعات طويلة هناك، كما يتعيّن عليها زيارة المصنع في تركيا بانتظام لرؤية المنتجات وطلبها، ورغم أنه عمل شاق، لكنها لا تهتم بذلك: "أخي يساعدني الآن والمهم هو أن أتخذ الخطوات التالية في عملي الخاص".

تعبّر وسام عن شعورها بالفخر بما حققته حتى الآن قائلةً: "أفعل كل هذا من أجل ابنتي التي تبلغ الآن 17 عاماً تقريباً.. إنها تدرس التسويق والتواصل في كلية ألفا.. مَن يدري ربما تكون أيضاً في طريقها إلى ريادة الأعمال"، فيما علّقت ابنتها دان: "أنا متأكدة من أن والدي كان سيكون فخوراً جداً بي.. لقد كان يدعمني دائماً ويشجعني على تحقيق أحلامي".

ومنذ العام 2011، وصل آلاف السوريين إلى هولندا بحثاً عن مستقبل لهم ولأطفالهم، ويقدّر عددهم بنحو 150 ألفاً، حصل معظمهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة وأبرزها: تعلّم اللغة الهولندية وإقامتهم لمدة خمسة أعوام.