icon
التغطية الحية

فقدان الإسمنت في سوريا يهدد عشرات آلاف الأسر بالفقر والعوز

2022.05.06 | 14:50 دمشق

iz-chego-delayut-cement.jpg
أسعار الإسمنت في سوريا
فتحي أبو سهيل - خاص
+A
حجم الخط
-A

توقفت أعمال التشييد والبناء بشكل شبه كامل في دمشق وريفها بسبب فقدان الإسمنت في الأسواق النظامية، وشحه في السوق السوداء حيث وصل سعر الكيس بوزن 50 كيلو غرام إلى 50 ألف ليرة سورية، وقد يرتفع أكثر تبعاً للكمية ومكان البناء المُشيد.

وأكّد عدد من عمال البناء لموقع "تلفزيون سوريا" أن شركة عمران للإسمنت خفضت كميات الإسمنت الموزعة على متعهدي المحاضر النظامية إلى أكثر من 90%، ما دفعهم إلى توقيف العمل لعدم قدرتهم على دفع ثمن الإسمنت بالسوق السوداء نظراً لحاجتهم إلى آلاف الأطنان، وفي حال الشراء بسعر السوق السوداء يعني خسارة المشاريع العقارية، خاصة وسط ركود القطاع العقاري.

ركود مستمر

ويعاني القطاع العقاري من جمود في عمليات البيع والشراء، وهذا ما أكده أبو فيصل وهو متعهد في مدينة جرمانا بريف دمشق، حيث قال للموقع إن آلاف الشقق الجديدة فارغة في جرمانا، نتيجة ارتفاع سعر المتر المربع إلى أكثر 2.4 مليون ليرة للمكسي، و1.3 مليون ليرة للمتر المربع على الهيكل مع تفاقم مشكلة الإسمنت.

وتابع أن "ارتفاع سعر الإسمنت اليوم، يعني خسارة المتعهدين سواء الذين يملكون شققاً لم تُبع بعد، لكونهم مضطرين لرفع أسعارهم من جديد وبالتالي فقدان أمل البيع، أو عليهم البيع بسعر منخفض وفي المقابل إنفاق أموال أكثر في تشييد شقق جديدة".

وأكّد أبو فيصل أن المحاضر التي كانت قيد التشييد شهدت توقفات عدة منذ شهر تقريباً نتيجة تذبذب سعر الإسمنت، حتى توقفت نهائياً منذ أسبوع على الأقل نتيجة فقدان الإسمنت من الأسواق، وارتفاع سعره لدى المحتكرين إلى حدود غير منطقية.

وأضاف أن "السنوات الثلاث الماضية شهدت تشييد آلاف الشقق المخالفة في جرمانا بقصد الكسب السريع وسط غض بصر من البلدية، لكن أصحاب الشقق غير قادرين حالياً على تسييل أموالهم نهائياً نتيجة ارتفاع الأسعار إلى حد غير منطقي، ما دفع (البعض المضطر) إلى كسر أسعارهم حتى وصلت لـ 1.5 مليون للمكسي، ورغم ذلك لا يوجد زبائن.

فقدان الإسمنت يهدد الأسر

فقدان الإسمنت وارتفاع أسعاره له نتائج اجتماعية كارثية، فتأثيره ليس محصوراً برفع أسعار الشقق، فعرقلة عمليات التشييد والبناء وتباطؤها يعني توقف عشرات آلاف العمال المرتبط عملهم بقطاع التشييد، بحسب الخبير العقاري عماد. م، الذي قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن توقف أعمال التشييد نتيجة فقدان الإسمنت يهدد أسر العاملين بهذا القطاع من الوقوع بالفقر والعوز، لأنه يشغّل شريحة واسعة من العمال.

وأضاف أن "توقف قطاع التشييد يعني توقف عمال البناء والطينة والبلاط والدهان والجبس والصحية والكهرباء وغيرها من مهن يقوم هذا القطاع بتشغيلها".

ما سبب أزمة الإسمنت في سوريا؟

ويتوقع مقاولون في العاصمة السورية، أن يكون سبب هذه الغصة هو السعي لرفع سعر الإسمنت الرسمي الذي لا يباع به أصلاً وفقاً لحديثهم، مؤكدين أن مخصصات المحاضر المرخصة رسمياً كانت على الورق فقط، بينما يحصل المحضر على ربع إلى ثلث المخصصات بالسعر الرسمي والباقي يتم شراؤه من السوق السوداء، حيث وصلت نسبة تحصيل المخصصات - 10% مؤخراً، ثم توقفت اليوم.

وأشاروا إلى توقف المكاسر عن العمل وتوقف الأفران في المعامل سواء القطاع الخاص أو العام بسبب شح المحروقات، مشيرين أيضاً إلى أن صناعة الإسمنت تأثرت مثل باقي الصناعات، بارتفاع أسعار الطاقة عالمياً خاصة إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي تكاليف الإنتاج باتت مضاعفة، بينما السعر الرسمي غير مناسب للمعامل، ما دفع الشركات لخفض طاقتها الإنتاجية.

ورفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك العام الماضي سعر الإسمنت المعبأ والفرط أكثر من مرة، آخرها في أيلول حين ارتفع سعر المادة المنتجة لدى معامل المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء (الإسمنت الحكومي)، حيث ارتفع سعر مبيع طن الإسمنت "البورتلاندي" عيار 42.5 للمستهلك المعبأ إلى 255 ألفا و100 ليرة سورية، والفرط إلى 222 ألفا و450 ليرة، وعيار 32.5 بـ 211 ألفا و250 ليرة سورية، وبـ 181 ألفا و300 ليرة لطن الإسمنت الفرط.

وحذر مدير عام المؤسسة العامة للإسمنت، المثنى السرحاني، في آب العام الماضي، من أن صناعة الإسمنت في سوريا قد تتجه نحو الزوال، ما لم يتم تدريب وتعليم المزيد من العمال على العمل بها، مضيفاً أن عدد العمال بهذه المهنة كان نحو عشرة آلاف عامل، لم يبقَ منهم اليوم سوى 4500 عامل، وهم بتناقص مستمر.