icon
التغطية الحية

فصلتهم السلطات عن أطفالهم وعائلاتهم.. لاجئون سوريون يعانون في قبرص

2021.10.04 | 12:38 دمشق

432826-564472171.jpg
اللاجئة السورية كوثر رسلان (ا ف ب)
إسطنبول - وكالات
+A
حجم الخط
-A

يعاني لاجئون سوريون في قبرص محنة الانفصال عن أطفالهم وعائلاتهم، بعدما قامت السلطات القبرصية بإرجاع قسم إلى لبنان وإبقاء آخر في الجزيرة.

اللاجئة السورية كوثر رسلان تبدأ حديثها لوكالة (فرانس برس) بالقول "أنا محطمة هنا"، تحمل رضيعها في مخيم للاجئين في قبرص، حيث نقلتها السلطات بعدما فصلتها عن زوجها وأطفالها الصغار في البحر.

غادرت كوثر رسلان بيروت مع عشرات اللاجئين السوريين الآخرين، في 22 آب الماضي بقارب كان متوجهاً بشكل غير قانوني إلى الجزيرة الواقعة على مسافة نحو 160 كيلومتراً من لبنان.

وكانت الشابة البالغة 25 عاماً التي بدأت رحلتها مع زوجها وطفليها، حاملاً على وشك الولادة. وعندما اقترب القارب مسافة نحو عشرة كيلومترات من الساحل القبرصي، أصبح محاطاً بخفر السواحل الذين أبحروا لإعادته إلى لبنان. وتشير (فرانس برس) إلى أن هناك تسجيلاً مصوراً التقط من على متن القارب، حيث يصرخ فيه الركاب "ساعدونا".

ونظراً إلى وضع كوثر الصحي، اصطحبها عناصر خفر السواحل معهم، لكنهم تركوا بقية أفراد عائلتها في القارب الذي عاد بعد ذلك متوجهاً إلى لبنان حيث يعيش أكثر من مليون لاجئ سوري.

ومع مواجهة لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة، بدأ مئات السوريين قبل عام محاولة العبور إلى قبرص. لكن هذا البلد العضو في الاتحاد الأوروبي، وقع اتفاقا مع لبنان عام 2020 يقضي بإعادة أي لاجئ يحاول الوصول إلى الجزيرة بحراً.

"لا يمكننا أن نعيش في لبنان ولا في سوريا"

وقالت كوثر التي تعيش في مبنى مسبق الصنع في مخيم (كوفينو) جنوبي قبرص لوكالة (فرانس برس) "كدت أموت عندما علمت بعودة عائلتي إلى لبنان".

وأضافت "كنت متأكدة أنهم (خفر السواحل القبرصي) سيسمحون لزوجي وطفلي بالعبور، ولن يفرقونا، أو لن يعيدوهم إلى لبنان، كنت متأكدة من ذلك، شاهدوا زوجي وهو يضعني على قارب الإنقاذ وكان يحاول إعطائي الطفلين، لكنهم اقتادوه ومنعوه من ذلك وكانت طفلتي برفقته، لا يمكنني أن أنسى هذه اللحظة".

وطلبت كوثر، المنحدرة من إدلب في شمال غربي سوريا، من السلطات القبرصية قبول طلبها للم شمل الأسرة قائلة "لا يمكننا أن نعيش في لبنان ولا في سوريا، أطالب السلطات القبرصية بأن تعيد لم شمل عائلتي، كي أعيش مع أطفالي هنا وأضمن لهم مستقبلاً أفضل".

وبحسب القانون القبرصي، يحق فقط للاجئين الحاصلين على وضع لاجئ لم شمل أفراد أسرهم. لكن من بين قرابة 7700 طالب لجوء سوري وصلوا إلى الجزيرة منذ العام 2018، حصل أقل من 2 في المئة على هذا الوضع، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

وتنقل الوكالة عن زوج كوثر، حسن علي الذي يعيش حالياً في قرية عين التفاحة القريبة من بيروت حيث يستأجر غرفة أن "الأطفال مصدومون، ينادون بلا هوادة ماما".

واستذكر حسن يوم 22 آب المأساوي عندما بقي القارب في مكانه "لساعات" في أثناء تدخل خفر السواحل. يقول "كانت الشمس حارقة عندما كنا على متن القارب، الطفلان أصيبا بالجفاف، كانت طفلتي لا تتحرك، اعتقدت أنها ستموت، وأنها لن تنجو. وابني كذلك الأمر، كان بالكاد يتحرك، لم يكن يتنفس بشكل طبيعي".

عائلة أخرى في قبرص فرقت شملها السلطات

عيسى شمّا، وهو لاجئ سوري آخر كان على متن القارب، موجود أيضاً في مخيم (كوفينو). وعلى غرار كوثر، انفصل عن عائلته بعدما فقد وعيه على متن القارب.

وقال عيسى البالغ من العمر 37 عاماً وأصله من حلب ويعاني من مشاكل في رئتيه "عندما وصلنا الى المخيم، قالوا لي إن زوجتي وأطفالي موجودون في مخيم آخر للاجئين، وأنه سيتم إحضارهم الى هنا في اليوم التالي".

وأضاف "لكن أحد السوريين في المخيم قال لي إنه علم من خلال صفحة على فيس بوك أنه تمت إعادتهم إلى لبنان، لم أسمع أي خبر عن عائلتي لمدة ثلاثة أيام، كانوا محتجزين لدى الأمن العام اللبناني".

"أرواح في خطر"

وأوضحت إميليا ستروفوليدو الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في قبرص أن "هذه الممارسة يجب أن تتوقف لأنها تعرض أرواحا للخطر" ودعت السلطات إلى لم شمل أسرتي كوثر وعيسى. مشيرةً إلى أن الإعادة القسرية للاجئين في البحر تتعارض مع القانون الدولي.

من جهتها ستطلق (EuroMed Droits)، وهي شبكة تضم 65 منظمة متوسطية لحقوق الإنسان، حملة اليوم الإثنين لنشر الوعي بهذه المسألة، داعية الاتحاد الأوروبي إلى "التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها شرطة الحدود القبرصية".

وفي 21 أيلول الماضي وخلال جلسة استماع في البرلمان القبرصي، انتقد العديد من النواب سياسة الهجرة في بلادهم، ونقلت (فرانس برس) عن النائبة ألكسندرا أتاليدس من حزب الخضر أن "على الحكومة تطبيق القوانين الدولية ولم شمل كوثر مع عائلتها الآن".

وخلال زيارة إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا نهاية آب الفائت، أكدت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية ييلفا يوهانسون أن عملية الإعادة القسرية "تثير تساؤلات".

وفي انتظار التوصل إلى حل لقضيتها، قالت كوثر "أبكي طوال الوقت، وأظل حزينة، هذا ما أقوم به دائماً أنا مدمرة هنا، وعائلتي مدمرة كذلك في لبنان، ماذا يمكنني أن أفعل؟".