icon
التغطية الحية

غياب كامل للرقابة.. مواد تنظيف مضرة تغزو مناطق سيطرة النظام السوري

2023.06.09 | 15:18 دمشق

منظفات مغشوشة
منظفات مغشوشة
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

لم تعد الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري فقط تلقي بظلالها على المواطن العادي الذي يعيش بعوز مستمر وحيرة بخصوص تأمين لقمة العيش لأولاده، إنما أخذت شكلاً جديداً من التأثير على جميع القطاعات، حيث ساهم التضخم الفلكي في أسعار جميع السلع والمواد الخام في إنتاج وتصنيع رديء غير صالح للاستهلاك البشري ويحمل أضراراً صحية كبيرة.

ومع تفشي الفساد في جميع قطاعات الدولة، وفشل حكومة النظام السوري في تأدية واجباتها في ضبط الصناعات ومراقبتها بشكل جيد، ازداد الأثر سلباً على المنتجات السورية.

ويشمل التصنيع الرديء الكثير من الصناعات إلا أن الأخطر هو ما يتعلق بمواد تنظيف المنازل والمرافق من حمامات ومطابخ ومراحيض، وكذلك الحال بالنسبة لمنتجات العناية بالبشرة من "شامبو وصابون جسم ودهون ترطيب".

ورصد موقع "تلفزيون سوريا" العديد من الشكاوى عن تراجع جودة التصنيع للكثير من المنتجات التي تباع تحت أسماء شركات جديدة لم تكن معروفة من قبل في سوريا، رغم أن معظم تلك المنتجات تكون معبأة بعبوات عليها لصاقات الجودة ومطابقة المواصفات.

شامبو "غير آمن"

وقالت سماح كنان، (36 عاماً) تعمل مدرّسة بدمشق، إن شعرها تضرر بشكل كبير بعد استخدام أحد أنواع شامبو (غسول الشعر) الذي أكّد لها البائع أنه ممتاز وبسعر لا يقل عن أسعار العبوات الأخرى، إلا أنه كان يحتوي على مواد كيميائية تسببت بتزايد سقوط شعرها بشكل مفاجئ وكبير بعد استخدامه لمرتين أو ثلاث مرات.

وأضافت كنان في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" أنها أعادت عبوة الشامبو للبائع ولكنه قال لها إنه بائع مفرق وليس له علاقة بسوء التصنيع، وقد اشترى المنتج من الوكيل الرسمي للشركة.

وتشعر سماح أن كل ما يوجد في سوريا من منتجات مصنعة محلياً غير جيدة وتسبب الأمراض والسرطانات، خصوصاً أن نسبة انتشار هذه الأمراض قد زادت في الآونة الأخيرة.

ويعد مرض السرطان ثالث سبب للوفاة في مناطق سيطرة النظام السوري، بحسب بيانات وزارة الصحة التابعة له، حيث سجل نحو 17599 إصابة جديدة عام 2020، ووفقاً للتقديرات فمن المتوقع أن يرتفع عدد مرضى السرطان في سوريا ليصل إلى 38600 حالة في عام 2030.

مواد مسرطنة

والحال نفسه ينطبق على مواد الجلي وتنظيف الحمامات، مثل "الكلور، معجون الجلي، منظف المرحاض، منظف الحمام، منظف مضاد للجراثيم، منظف الأرضيات، منظف الغسيل، منعّم الأقمشة، سائل غسل الصحون"، كل هذه المواد أصبحت مغشوشة وتباع على الطرقات أو تعبأ بعبوات قديمة.

وأدى تدهور الحالة الاقتصادية لملايين السوريين للبحث عن بدائل رخيصة لأبسط الاحتياجات اليومية، في ظل الغلاء الفاحش الذي تعيشه أسواق المحافظات السورية بشكل عام.

ونصحت طبيبة الجلدية السورية آمنة زين الدين بعدم شراء أي منتجات غير موثوقة مهما كان سعرها رخيصاً، محذرة من شراء مواد تنظيف غير معلبة بشكل جيد أو تباع بالكيلو وأكياس شفافة.

وقالت زين الدين لموقع "تلفزيون سوريا" إن الناس لا تعلم مدى مخاطر ذلك على أجسامهم، فمواد التنظيف المصنعة بشكل بدائي أو غير خاضعة لمعايير الجودة والمواصفات العالمية قد تسبب أمراضا قاتلة.

وأضافت أن الكلور المغشوش قد يؤدي للاختناق ثم الوفاة في حال كانت الكمية كبيرة وباب المرحاض مغلقا ولم يخلط بكمية كبيرة من الماء، وارتفع الأوكسجين إلى أعلى ونزل غاز الكلور إلى أسفل.

وأشارت إلى أن هناك حالات إسعاف تأتي لحالات اختناق لسيدات بحاجة لوضع  أنبوبات الأوكسجين للتنفس، بسبب استنشاق كميات كبيرة من الكلور الرديء وغير الآمن للاستهلاك.

ولفتت إلى أن انتشار ظاهرة بيع أي منتج مصنع بطرق مجهولة أمر خطير جداً، وستكون له آثار وخيمة صحياً خصوصاً بما يتعلق بحروق الجلد والسرطانات.

منتجات رخيصة الثمن وخطيرة

وتضطر عائلات كثيرة لشراء منظفات غير آمنة ومعبأة يدوياً خارج المصانع والشركات المعروفة بسبب انخفاض أسعارها، رغم أنها لا تعطي نتيجة تنظيف جيدة وكافية، فلا هي تزيل الدهون عن الأطباق ولا  البقع عن الملابس، لغياب المواد الفاعلة والاستعاضة عنها بمواد مغشوشة.

وفي العديد من ساحات دمشق وشوارعها في المنطقة القديمة والعشوائية ينتشر باعة مواد تنظيف ومستحضرات عناية وفوط أطفال تباع بالكيلو ولا يعرف مصدرها أو الشركة التي تنتجها.

وقال أحمد عبد الباقي، طالب جامعي، إنه اشتري مجموعة "شامبويات" للشعر والجسم من بسطة بريف دمشق، كانت أرخص من السوق بشكل كبير، يعني 3 قطع بـ 12 ألف ليرة.

وأضاف في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أنه "بعد تجربة صابون الجسم لمرتين شعرت بأن الجلد تحسس منه وأصابه ما يشبه الحروق ولذلك ألقيت بهم في الزبالة".

وأشار إلى أن ما دفعه للشراء أن البائع أكّد له أنها بضاعة مهربة ولكن الحقيقة أنها عبوات قديمة عليها لصاقات جديدة ومعبأة بمواد مغشوشة.

ورغم أن الجميع يبحث عن الرخص بحسب عبد الباقي، فإنه أكد قائلاً: "على الشخص ألا ينظر لرخص الأشياء، لأنه لا توجد رقابة على تصنيعها، اليوم حتى المواد الغالية قد تكون مغشوشة، أنت في سوريا".

تحذيرات طبية

ويصل متوسط سعر لوح الصابون في سوريا لـ 3000 ليرة، ولكن تنتشر أنواع صابون حتى في المحال التجارية وليس على البسطات فقط، بأسعار رخيصة تبدأ بـ 1000 ليرة للوح الصابون الواحد، مصنعة من زيت القلي المكرر لعشرات المرات يتم شراؤها من مطاعم الفلافل أو صابون مصنع من مواد كيميائية فاسدة، أيضاً لها آثار جانبية سيئة على الجلد.

وفي إطار ذلك تقول "اختصاصية الجلدية" آمنة زين الدين، إن المنظفات السيئة لها أضرار قد لا تكون واضحة في الفترات الأولى للاستخدام.

وأضافت أن استخدام هذه المواد بشكل مفرط يتسبب بتدمير الميتوكونداريا في خلايا الجسم، كما أن المنظفات هذه فيها مادة الأمونيا التي تتسبب بأمراض تنفسية ومشكلات بالرئة.

وأكّدت الطبيبة أن الصابون الرديء والمغشوش وكذلك المنظفات تحتوي على موادة كيميائية سامة مسرطنة، وتسبب سرطان الجلد على المدى البعيد بعد فترة طويلة من استخدامه.

ونصحت زين الدين أنه في حال لاحظ الشخص أي تهيج في الجلد أو العينين أو كحة في الرئتين أو حساسية معينة فعليه اللجوء إلى أقرب عيادة جلدية لأن العلاج المبكر لمثل هذه الحال يساعد على عدم تفاقم الحالة.