icon
التغطية الحية

غباء "البطاقة الذكية"يرهق المواطنين في مناطق سيطرة نظام الأسد

2020.09.25 | 05:21 دمشق

913dd66c-2261-4c04-9606-b8cf55c7526d.jpg
"البطاقة الذكية" في سوريا ترهق المواطنين - (انترنت)
اسطنبول - حسام جمّال
+A
حجم الخط
-A

شرعت حكومة النظام بتطبيق آلية سمتها "البطاقة الذكية" لتمكين المواطنين القابعين في مناطق سيطرة النظام من الحصول على المازوت بالسعر"المدعوم"، وقبل بدء تطبيق هذه الآلية تخوف المواطنون من عدم تمكنهم من الحصول على مادة المازوت بطريقة بسيطة بعيدة عن التعقيدات، لكن الأمر الذي لم يتوقعه الأهالي هو عدم حصولهم على المازوت إلا بصعوبة بالغة وآلية تعتمد على الانتظار لوصول دورهم عبر تطبيق الآلية الجديدة.

وبدأ الاستياء من قبل المواطنين على آلية توزيع المازوت عبر"البطاقة الذكية" مطالبين المختصين في حكومة النظام بإلغاء استخدامها والعودة إلى الطرق التقليدية، التي كانت فيها المحروقات متوفرة، وما كان من النظام إلا ضم مواد استهلاكية وأساسية أخرى ليحصل عليها المواطن عبر هذه البطاقة، لتشمل أسطوانات الغاز والمواد التموينية (السكر، والأرز، الشاي) وآخرها الخبز، حيث انتاب المواطنين شعور بعدم تمكنهم من الحصول عليه أو الحصول عليه بشق الأنفس كما هو حال المواد السابقة.

المازوت عبر "البطاقة الذكية"

قررت وزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام بدء توزيع مادة المازوت المنزلي على المواطنين عبر"البطاقة الذكية"، والتي أوعزت للمواطنين في محافظة دمشق بدء استخراجهم لهذه البطاقة في تشرين الثاني من العام 2017، ثم بدأت بتطبيقها في العام 2018 وعممتها على جميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وبدأ المواطنون بالذهاب إلى المراكز المعتمدة التي حددتها الوزارة لاستخراج البطاقة الإلكترونية التابعة لشركة "تكامل" حتى يتمكنوا من الحصول على مادة المازوت في فصل الشتاء والتي كانت مخصصة بـ 400 ليتر للعائلة الواحدة يتم تعبئتها على دفعتين، قبل أن تخفضها الوزارة إلى 200 ليتر، والتي يتم الحصول عليها على دفعتين، إلا أن في معظم الأحيان لا يتمكن المواطن سوى من الحصول على الدفعة الأولى ومع انتهاء فصل الشتاء وبأفضل الأحوال في منتصفه.

وللحصول على "البطاقة الذكية" لا بد من إحضار بعض الوثائق التي تثبت عدد أفراد الأسرة كـ(دفتر العائلة، والبطاقات الشخصية للأفراد الأسرة، وحضور رب العائلة إلى المركز".

وحددت تكامل عدة طرق للحصول على المازوت المنزلي، عبر تطبيق "وين"على الجوال، أو الطلب من الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، أو قناتها على التليغرام، إلا أن جميع هذه الآليات لم تمكن المواطن من الحصول على مازوت الشتاء إلا بصعوبة، وذلك لانتظار دورهم أو تعبئة الدفعة الأولى فقط من المخصصات، دون الثانية والتي تبلغ قيمتها 18.500 ليرة سورية، الأمر الذي يجبر فئة مقتدرة على شرائه من السوق السوداء التي نشطت خلال تطبيق آلية "البطاقة الذكية"، فيما يلجأ معظم القاطنين في مناطق سيطرة النظام إلى الطرق التقليدية للتدفئة لعدم قدرتهم على شراء المازوت بالسعر الحر.

توزيع البنزين عبر "البطاقة الذكية"

طبق النظام توزيع مادة البنزين عبر"البطاقة الذكية" في آب من العام 2018 والتي لاقت استياء المواطنين بسبب الأزمة التي أحدثتها على محطات الوقود، إلى جانب القرارات غير المدروسة في تحديد كميات غير كافية لفئة كبيرة من السيارات العامة، حيث حددت 350 ليتراً للعربات العامة في الشهر الواحد و 100 ليتر للعربات الخاصة وبسعر 225 ليرة سورية في حين يبلغ سعر ليتر البنزين الحر 400 ليرة سورية، وهذا قبل تطبيق آلية "البطاقة الإلكترونية".

وشهدت مناطق سيطرة النظام شحا في مادة البنزين في آذار من العام الماضي، حيث خفّضت وزارة النفط في حكومة النظام كمية البنزين المخصصة للعربات الخاصة إلى 20 ليترا كل خمسة أيام، بينما يحصل سائقو الأجرة على 20 ليترا كل يومين، وقابل النظام هذه الأزمة بالغناء ومدح "المقاومة".

وعادت أزمة البنزين منتصف آب من العام الجاري ومشاهد طوابير العربات أمام محطات الوقود بدأت تتفاقم خاصة مع بدء النظام تخفيض مخصصات المحافظات من مادة البنزين واتخاذه إجراءات شبيهة بالعام الماضي، عبر تخفيض كمية البنزين إلى 30 ليترا كل أربعة أيام من المخصصات التي حددها بـ 100 ليتر شهريا للعربات الخاصة عبر "البطاقة الذكية" وزادت حدة الأزمة في الـ 19 من الشهر الجاري عندما أصدرت حكومة النظام قرارا يقضي بتعبئة البنزين مرة واحدة في الأسبوع، لتنتعش السوق السوداء ويصل فيها سعر ليتر البنزين الواحد إلى 1500 ليرة سورية.

 

"البطاقة الذكية "حرمت بعض الأهالي من أسطوانات الغاز

على الرغم من فشل آلية توزيع مادة المازوت عبر"البطاقة الذكية" إلا أنها تعد أفضل حالاً مقارنة بتوزيع أسطوانات الغاز المنزلي عبرها، والتي بدأ تطبيقها في الـ 25 من آذار من العام 2019، وحُدد لكل أسرة أسطوانة غاز واحدة كل 23 يوماً، والتي يتم التسجيل عليها عبر مختار الحي، وبعد تطبيق هذه الآلية أصبح الحصول على أسطوانة الغاز أمراً بالغ الصعوبة، بسبب الازدحام والانتظار لعدة أيام لوصول عربة الغاز والتي لا تكفي حمولتها جميع المتقدمين للحصول على الغاز.

ولتخفيف الازدحام لجأ النظام إلى آلية التسجيل على أسطوانة الغاز عبر الرسائل القصيرة ليتمكن الشخص من تسلمها خلال ثلاثة أيام وفق ما صرحت وكالة سانا التابعة للنظام، إلا أنه عقب تطبيق الآلية الجديدة، لم يعد يتمكن الشخص من الحصول على أسطوانة الغاز لأشهر، الأمر الذي رفع سعرها "الحر" إلى 18 ألفاً، والتي يبلغ سعرها عبر"البطاقة الذكية" 2700 ليرة سورية، بعد أن كانت "جرة الغاز" متوفرة وبكثرة في مناطق النظام قبل تطبيقه نظام "البطاقة الذكية".

وقال أحد سكان مدينة حلب الذي أطلق على نفسه اسم أبو ربيع لموقع تلفزيون سوريا، "كان الغاز متوفرا وبكثرة في المدينة حيث كنا نسمع أصوات بائعيه في كافة الشوارع، إلا أنه في يوم وليلة اختفت تلك السيارات ليعلن النظام عن أزمة في مادة الغاز، وبعدها أقر توزيعه عبر"البطاقة الذكية" التي أصبح الحصول عليها أمرا بالغ الصعوبة".

وأوضح أنه "بتطبيق توزيع جرة الغاز عبر(البطاقة الذكية) تحولنا من الانتظار في الشارع للحصول على أسطوانة الغاز إلى انتظار الرسالة على الموبايل والتي ربما تتأخر عن الموعد لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر".

 

المواد الغذائية أيضاً على "البطاقة الذكية"

وفيما يخص المواد الغذائية التي كان يوزعها النظام عبر"البونات" والتي كانت مفقودة في معظم المؤسسات الاستهلاكية، فقد ضم (الرز، والسكر، والشاي) إلى قافلة المواد التي شملتها "البطاقة الذكية" في شهر شباط الماضي، والتي أبقت الأزمة على وضعها، بل زادت من هم المواطن لانتظاره وصول رسالة استلام مخصصات أسرته من المواد الاستهلاكية، في حين لم تصل هذه الرسالة إلى معظم المواطنين سوى مرة واحدة أو مرتين في أفضل الأحوال خلال الأشهر الستة الماضية.

ولم تكتف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام بتطبيق هذه الآلية، بل رفعت من سعر المواد المدعومة كالسكر والرز والشاي إلى الضعف، في الأول من تموز الماضي ليصبح سعر كيلو غرام السكر 800 ليرة سورية بعد أن كان سعره 350 ليرة، وسعر مادة الرز إلى 900 ليرة سورية بعد أن كان 400 ليرة.

ووفق الوزارة يحصل الشخص على كيلوغرام واحد من مادة الرز شهرياً، على أن لا تتجاوز حصة الأسرة ثلاثة كيلوغرامات، و200 غرام من الشاي للفرد، على أن لا تتجاوز الكمية للأسرة الواحدة أكثر من كيلوغرام شهريًا، وخصصت الوزارة لكل شخص كيلو غرام من السكر، وخمسة كيلو غرامات للأسرة المكونة من خمسة أو ستة أشخاص.

وعلى الرغم من عدم حصول المواطنين على المواد الغذائية عبر "البطاقة الذكية" كما أكدت إحدى المواطنات في مدينة حلب لموقع تلفزيون سوريا، والتي أكدت "أنه منذ بدء تطبيق التوزيع عبر(البطاقة الذكية) لم نحصل إلا مرة واحدة على السكر أما الرز فلم نحصل عليه أبداً".

وأضافت "أننا قبل تطبيق الآلية الجديدة كنا نذهب إلى المؤسسات والتي كانت تؤكد دائما عدم وجود المواد الاستهلاكية لديها عبر نظام البونات، إلا أننا كنا نحصل عليها بصعوبة بالغة من خلال الذهاب إلى عدة مؤسسات في مناطق مختلفة، لحين الحصول على السكر أو الرز، أما الآن لم نعد نحصل على شيء وأصبح ضم المواد إلى (البطاقة الذكية) يعني عدم توفرها".

 اقرأ ايضاً: النظام يبدأ بتطبيق آلية جديدة لتوزيع الأرز والسكر


النظام يضم مادة الخبز إلى "البطاقة الذكية"

أزمة الخبز دخلت أسبوعها الثالث في مناطق سيطرة النظام والتي أدت إلى ازدحام أمام الأفران بغية الحصول على ربطة خبز، ليُصدر النظام قراراً في الـ 17 من الشهر الجاري بضم مادة الخبز إلى "البطاقة الذكية" في محافظة دير الزور والتي أصبح يوزعها من قبل معتمدين بمعدل ربطة واحد لكل أسرة يومياً.

وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة لنظام الأسد، عن بدء بيع الخبز عبر البطاقة الإلكترونية وفق "نظام الشرائح" في جميع مخابز دمشق وريف دمشق واللاذقية، في الـ 19 من الشهر الجاري لتزداد معاناة المواطنين في الحصول على ربطة الخبز.

ووفق آلية التوزيع الجديدة تحصل العائلة المكونة من 3 إلى 4 أشخاص على ربطتي خبز يومياً، والعائلة المكونة من 5 أو 6 أشخاص يحصلون على ثلاث ربطات يومياً، أما العائلة المكونة من سبعة أشخاص وما فوق فيحصلون على أربع ربطات خبز يومياً.

قرار.jpg

 

مخصصات مادة الخبز التي أعلن عنها النظام والتي يوزعها على المواطنين عبر معتمدين لديه ضمن آلية "البطاقة الذكية" لا تكفي الأسر ما يجبرهم على شراء كمية إضافية من الخبز بسعر 400 أو 500 ليرة سورية للربطة الواحدة في حين أن سعر الربطة المكونة من 14 رغيفاً 100 ليرة سورية.

هذا القرار أثار سخط المواطنين، الذين أكدوا أن انتظارهم للحصول على ربطة الخبز انتقل من أمام الأفران إلى أمام مراكز التوزيع، وأجبروا يومياً على الذهاب للحصول على مخصصاتهم من الخبز، في حين كانوا يذهبون مرة واحدة إلى الفرن للحصول على "مونة" أسبوع كامل.

اقرأ أيضاً: إجراءات النظام لبيع الخبز في دير الزور.. خبز رديء وكمية قليلة

اقرأ أيضاً: تقنين الخبز.. النظام يبدأ البيع بالبطاقة الذكية

وأشار أبو ربيع لموقع تلفزيون سوريا، أن"النظام ينوي بدء تطبيق قرار توزيع الخبز عبر البطاقة الذكية في مدينة حلب ابتداء من الشهر القادم وهذا يعني أننا لن نشبع الخبز بعد اليوم وسنعاني في الحصول عليه كمعاناتنا في الحصول على الغاز والمازوت والمواد الغذائية".

وأضاف أن "النظام يتعمد افتعال أزمة في إحدى المواد التي ينوي ضمها إلى البطاقة الإلكترونية وهذا ما شهدناه عند ضمه بعض المواد إلى البطاقة، مشيرأ إلى أن حياتنا أصبحت عبارة عن طوابير للحصول على المواد الأساسية والتي لا يحتاج شراؤها كل هذا الجهد والمعاناة".
 

من هي شركة "تكامل" المنفذة لمشروع "البطاقة الذكية"؟

شركة "تكامل" المنفذة لمشروع "البطاقة الذكية" يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها ويمتلك فيها حصة 30 بالمئة مهند الدباغ ابن خالة أسماء الأسد، والحصة الأكبرمن الشركة مسجلة بأسم شقيق أسماء الأسد زوجة بشار الأسد بحسب موقع اقتصاد.

وعن الفائدة المالية التي تحصل عليها الشركة أكد الموقع"أنه وفق العقد المبرم بين (تكامل) وبين حكومة النظام في العام 2016 تحصل الشركة على مبلغ 400 ليرة سورية مقابل البطاقة الواحدة، في حين وصل عدد البطاقات التي منحتها الشركة حتى الآن، نحو ثلاثة ملايين بطاقة.

وأشار الموقع إلى أن "الفائدة الأخرى التي تحصل عليها الشركة هي مبلغ ثلاث ليرات سورية عن كل ليتر بنزين تزود به السيارات العامة، وخمس ليرات عن السيارات الخاصة، بالإضافة إلى حصولها على مبلغ 100 ليرة سورية في كل مرة يتم فيها استخدام البطاقة الذكية في تعبئة مخصصات الأسرة من مادة المازوت والغاز المنزلي، وكل مادة يقوم النظام بإضافتها على البطاقة الذكية تحصل الشركة على نسبة معينة، لا تقل عن 100 ليرة عن كل مرة استخدام، فيما يتعلق بالمواد التموينية، كالرز والشاي والسكر والزيت، أما فيما يتعلق بالخبز، فتحصل الشركة على خمس ليرات عن كل ربطة خبز.

وبعد استحواذ "تكامل" على مشروع "البطاقة الذكية" أعلن عاطف النداف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام في الـ13 من نيسان الماضي، عن نقل مسؤولية مشروع البطاقة الإلكترونية إلى شركة "المحروقات" وأن تتولى وزارة الاتصالات التابعة للنظام المسؤولية الفنية عن تشغيلها.

وعلى الرغم من نقل مسؤولية البطاقة الذكية من شركة إلى أخرى، إلا أن هذا الأمر لم يعد على المواطنين بالفائدة وتحسين في الخدمات التي تقدم لهم، وظل الوضع على ما هو عليه دون أي تحسن ملموس، ليصبح وصول رسالة التوجه إلى المركز المخصص لاستلام أسطوانة الغاز أو مادة السكر أو المازوت هاجس المواطن، بالإضافة إلى انتظاره لساعات على محطات الوقود والمؤسسات الاستهلاكية للحصول على المواد التي تشملها "البطاقة الذكية"، وانتقال انتظارهم للحصول على الخبز من أمام الأفران إلى أمام مراكز التوزيع، لتثقل هذه البطاقة من كاهل المواطن السوري الذي أصبح همه الحصول على أساسيات الحياة بشكل بسيط بعيدا عن التعقيدات التي زادت من صعوبة الأمر.