icon
التغطية الحية

عين على شرق الفرات ومنبج.. ما طبيعة التحركات العشائرية في حلب؟

2023.09.09 | 06:35 دمشق

اجتماع عشائري في مقر الباقر لاعلان الجهوزية للمشاركة في قتال العشائر ضد قسد 4.jpg
اجتماع عشائري في مقر الباقر لاعلان الجهوزية للمشاركة في قتال العشائر ضد قسد، حلب، أيلول/سبتمبر 2023 (وساائل التواصل الاجتماعي)
إدلب ـ خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

بدفع من النظام السوري، شهدت مدينة حلب حراكاً عشائرياً موسعاً يواكب تطورات ثورة "العشائر العربية" ضد قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في ريف محافظة دير الزور شرقي سوريا، وما تبعها من ارتدادات وتحركات عشائرية انطلاقاً من مناطق سيطرة المعارضة السورية باتجاه منطقة منبج ومناطق أخرى تسيطر عليها قسد في ريفي الحسكة والرقة شمالي سوريا.

وبعد عشر سنوات تقريباً على تأسيس الميليشيات العشائرية الموالية للنظام في حلب، من بينها لواء الباقر، ظهر زعيمه خالد المرعي للمرة الأولى متحدثاً، وبلغة ركيكة عبر من خلالها عن استعداد مقاتلي لوائه للمشاركة في المعارك التي تخوضها العشائر العربية ضد قسد في دير الزور، لكنه ومعه باقي قادة التشكيلات العشائرية في حلب ينتظرون ما وصفها "إشارة القيادة الحكيمة" كي يقطعوا ضفة نهر الفرات الغربية نحو ضفته الشرقية.

تصريحات المرعي جاءت خلال اجتماع عشائري موسع في مضافة ما أطلق عليها "مضافة الهواشم" في أحياء حلب الشرقية، وضم الاجتماع قادة التشكيلات العشائرية المسلحة الموالية للنظام، ووجهاء وشيوخ عشائر استدعاهم المرعي من منطقة منبج وريفها للمشاركة، واللافت أن بعضهم قد سمحت قسد بخروجهم من المنطقة باتجاه حلب، وهو ما يؤكد فرضية تنسيق قسد مع النظام والإيرانيين بخصوص منطقة منبج.

ومن بين المدعوين، عبد الله الوردي، والشيخ إبراهيم البكوري أحد وجهاء البكارة في منبج، والشيخ علي الرسلان، والشيخ باهر الجيسي ممثل قبيلة الجيس في منبج، وممثلون عن الشيخ خالد السليمان شيخ عشيرة الدمالخة، ومرعي الجمعة قائد لواء السفيرة، وشخصيات عشائرية أخرى مقربة من النظام.

اجتماع عشائري في حلب للحشد ضد قسد تحت مسمى "الملتقى الوطني" برعاية الشيخ عبدالله دندل شيخ عشيرة البوشيخ في سوريا، حلب حي الحمدانية، أيلول/سبتمبر 2023 (وساائل التواصل الاجتماعي)

وبدا من خلال الاجتماع العشائري وما تبعه من حراك، أكثر تركيزاً على مسألة منع المعارضة من التقدم نحو منبج، بينما كانت الكلمات الخاصة بمجريات الأحداث في دير الزور، تحفيزية واستعراضية لا أكثر، وبحسب معلومات حصل عليها موقع "تلفزيون سوريا" من مصادر عشائرية متطابقة، يمكن تلخيص المطالب والتوصيات التي اتفقت عليها القوى العشائرية الموالية بخصوص منطقة منبج فيما يأتي.

مطالب العشائر الموالية بخصوص منبج

  • اتهام التحركات العسكرية للعشائر انطلاقاً من مناطق سيطرة المعارضة السورية نحو منطقة منبج، بأنها تخفي خلفها أهدافاً تركيّة، وهي عمليات تقودها الفصائل المدعومة من تركيا تحت غطاء عشائري.
  • بقاء الوضع على ما هو عليه في منطقة منبج، والعمل مع سلطة قسد لمنع وقوع أي خسارة ميدانية تؤدي إلى تغير في خريطة السيطرة.
  • الاتفاق مع وجهاء العشائر القادمين من منطقة منبج للمشاركة في اجتماع حلب على الحشد ضد الهجمات التي تنطلق من مناطق المعارضة، والاشتراك مع قسد في معارك التصدي في حال تطلب الأمر، ووعدت الميليشيات العشائرية بنقل أعداد وعتاد حربي إضافي إلى منطقتي الخفسة والعريمة للتدخل في حالات الطوارئ.
  • تكثيف التحركات العسكرية التي تدعم تعزيز الانتشار في مناطق سيطرة قسد بمنطقة تل رفعت ومحيطها (مناطق الشهباء) شمالي حلب في مواجهة المعارضة، وذلك بالاشتراك مع ميليشيات إيرانية، بهدف التخفيف عن جبهات منطقة منبج في حال تصاعدت العمليات وأثرت على توزع السيطرة الجغرافية.

اجتماعات استعراضية

سبق الاجتماعات التي نظمها لواء الباقر في حلب، ملتقى آخر نظمه الشيخ عبد الله عبد الكريم الدندل، شيخ عشيرة البوشيخ في حي الحمدانية في حلب، وبدا الملتقى الذي شاركت فيه الوجوه العشائرية ذاتها الموالية للنظام، ملتقى استعراضياً، تخلله وليمة غداء، وكثير من الكلمات الحماسية، والخطب التي من المفترض أنها داعمة للحراك العسكري العشائري المناهض لقسد في ريف دير الزور، وكان التركيز أيضاً منصباً على منطقة منبج، وهذا ما ظهر في البيان الختامي للملتقى. وجاء في بعض بنوده: "نرفض أي عدوان على منطقة منبج (العمليات العسكرية التي شنتها العشائر انطلاقاً من مناطق المعارضة ضد قسد)، وأي عدوان سيقابله مواجهة ومقاومة شعبية لمنعه".

اجتماع عشائري في مقر الباقر لاعلان الجهوزية للمشاركة في قتال العشائر ضد قسد، حلب، أيلول/سبتمبر 2023 (وساائل التواصل الاجتماعي)

يمكن القول إن سياسة النظام في التعامل مع حراك العشائر ضد قسد كانت على شقين، الأول دعم الحراك في دير الزور والجزيرة، ومن المفترض الاستثمار فيه بشكل أكبر، والاهتمام أكثر بالثقل العشائري هناك خلال الفترة المقبلة.

أما الشق الثاني، فكان مختلفاً، وظهر من خلال التنسيق مع قسد بمنطقة منبج في مواجهة العشائر المعارضة للنظام السوري، ومنعها من تحقيق أي مكاسب والتي تعني بالضرورة مكاسب للفصائل وحليفتها تركيا. وهو توجه تدعمه إيران وروسيا، والأخيرة تعتبر منبج ومناطق غرب الفرات مناطق نفوذ لها، ولن تسمح بتغيير خريطة السيطرة من دون مكاسب تقابلها، أما الإيرانيون فيفضلون إبقاء الوضع على ما هو عليه والتركيز أكثر على مناطق شرقي سوريا التي تشهد تنافساً مع الأميركيين.

ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات، بسام أبو عدنان، أن النظام والإيرانيين يركزون أكثر على حراك العشائر في منطقة دير الزور، وهناك اتصال جغرافي يوفر فرصة الاستثمار في الحراك الحالي، في حين ليس للنظام ولا للإيرانيين أي مصلحة من توتير الجبهات مع قسد في مناطق محافظة حلب، أو تغيير خريطة السيطرة التي ستكون حتماً في صالح الفصائل وتركيا.

يضيف أبو عدنان خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أنه من المتوقع أن تعمل إيران والنظام على استمالة العشائر العربية في الضفة الشرقية من دير الزور بهدف التغلغل غير المباشر في مناطق النفوذ الأميركي الني تضم معظم ثروات سوريا الباطنية، مستفيدين من حالة الظلم والتهميش التي تعيشها هذه القبائل، ولكن من المستبعد أن ينجحوا في استمالتها، كون المنطقة وعشائرها من أوائل المناطق التي ثارت على الأسد وتسود فيها روح عدائية عالية تجاه النظام وإيران، كما أن الخوف من ردة الفعل الأميركية هي شيء يجب عدم تجاهله، وخاصة أن تصريحات مظلوم عبدي عن أن الانتفاضة بتحريض من النظام يثبت أن تغلغل النظام إلى المنطقة هو خط أميركي أحمر.

تحركات العشائر الموالية للنظام وبدفع منه في حلب، وسياسته المتباينة مع حراك العشائر، وحالة التنسيق المباشر للنظام والإيرانيين وبغطاء العشائر مع قسد في منطقة منبج يوضح بالضرورة براءة القوى العشائرية الثائرة في دير الزور من مجمل الاتهامات التي يوجهها لهم قادة قسد، بأنهم أذرع تنفذ مخططات النظام والإيرانيين، وتنفي بالضرورة أيضاً تلك المزاعم التي تتحدث عن حالة التنسيق المباشر بين النظام والعشائر الثائرة وعلى رأسها العكيدات.