عن دور جيشه في صد الهجوم الإسرائيلي.. صحفي لبناني "التقاعس المذهل"

2022.02.28 | 05:51 دمشق

460bec9b-38d1-40a8-b25c-1962432e7329.jpg
+A
حجم الخط
-A

استفادت المنظمات الفلسطينية من أجواء اليسار والوسط الذي ساد في لبنان بعد انتخابات 1972 فصعدت من شكل عملياتها العسكرية ضد الكيان الصهيوني، وطالت يدها نشاطاته في العمق الإسرائيلي ومصالحه الكبرى في العالم، ومن عملياتها المؤثرة كانت عملية مطار اللد (بن غوريون حاليا)، التي قامت بها الجبهة الشعبية بالتعاون من منظمة الجيش الأحمر الياباني، ونتج عنها سقوط نحو ثمانين شخصا بين قتيل وجريح، وقتل فيها اثنان من المنفذين اليابانيين، وألقي القبض على ثالث يدعى كوزو أوكاموتو، وهو ما زال حيا حتى الآن، وبعدها وفي شهر أيلول سبتمبر نفذت منظمة أيلول الأسود عملية اختطاف وقتل الفريق الأولمبي الإسرائيلي في ميونخ - ألمانيا، الذي كان يشارك في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، وقتل نتيجة العملية بعض المنفذين والفريق الرياضي الإسرائيلي كله، فقامت إسرائيل بعمل انتقامي قُتل فيه المئات من اللبنانيين عبر هجمات أرضية وجوية.

أبعد الرئيس سليمان فرنجية لبنان عن المسؤولية وقال بأنه ليس مسؤولا عن ثلاثمئة ألف فلسطيني موجود في لبنان، يشعرون بالإحباط بعد أن تم إبعادهم عن وطنهم، في تصريح موارب يأخذ فيه لبنان بعيدا عن المواجهة، ويوجه نقدا لإسرائيل لا يصل إلى مرحلة الإدانة! فيما حافظ ريمون إده على موقفه الثابت ذي السقف المرتفع، وطالب بإلغاء اتفاق القاهرة في جلسة الثقة بالحكومة التي أعقبت الانتخابات، وقال عن استمرار الهجمات الإسرائيلية: "إذا منبقى هيك بقلكم من الآن عليكم تحضير خيام اللاجئين اللبنانيين".

انتظرت إسرائيل حتى العاشر من شهر أبريل نيسان 1973 وقامت بإنزال رجال صاعقة إسرائيليين عبر البحر بقيادة إيهود باراك، تمكنوا من قتل ثلاثة عشر شخصا، منهم ثلاثة من القادة الفلسطينيين في منازلهم، وهم كمال عدوان ومحمد النجار وكمال ناصر (مسيحي)، وكان من ضمن القتلى ثلاثة عمال سوريين واثنان من رجال الشرطة اللبنانية، جرت هذه العملية بغطاء من عميلة إسرائيلية شقراء تدعى يائيل مان، تمكنت من استئجار شقة مقابلة لبناء تشغله منظمة التحرير تحت عنوان كتابة سيناريو فيلم تدور أحداثه في سوريا ولبنان، وجندت عملاء محليين، وتمكنت من التقاط صور للمستهدفين وأماكن عملهم، وقالت بأنها تمكنت من التعرف على أحد القادة المستهدفين وشربت معه القهوة في بيته قبل أيام من تنفيذ العملية.

صحفي منوعات لبناني شهير يدعى سعيد فريحة كتب في اليوم التالي للاعتداء عنوانا رئيسيا في جريدته الأنوار هو: "التقاعس المذهل"، أعقب هذا استقالة الحكومة التي تحدث رئيسها صائب سلام عن إهمال الجيش لواجباته في التصدي للعدوان، وقد كان صادقا، فلم يتحرك الجيش اللبناني في مواجهة هذه الأحداث، وكأنه غير معني بها، الأمر الذي استجر غضبا إسلاميا وفلسطينيا عارما، وفي هذه الظروف المتوترة، أقدم الجيش اللبناني على اعتقال فلسطينيين في مطار بيروت، وردت الجبهة الديمقراطية باختطاف أفراد من الجيش اللبناني، فتحرك الجيش للرد بقوة على تجمعات الفصائل الفلسطينية المسلحة، بقصفها من الجو، وردت الفصائل بقصف المطار، واشتعلت بيروت وما يحيط بها بالمعارك، بين الجيش اللبناني والفصائل، وقد عبّر فرنجية عن موقفة كرئيس "وسطي" بقوله: (لقد أعطينا الفلسطينيين الكثير ماذا ينتظرون أكثر من ذلك؟)، وزادت ضربات الجيش الذي استخدم قوة مفرطة في وجه الفصائل وخاض الطرفان معركة حقيقية وواسعة، إحداها جرت في مدينة "خلدة" بين مجموعة فلسطينية ووحدة من الجيش اللبناني كانت بقيادة الكولونيل ميشال عون.

وجدت بعض القوى ومنها الكتائب فرصة مناسبة لإطلاق المسلحين على المفارق وفوق الأسطحة وقد شوهد بعض القناصة متربصين لكل حركة في الشوارع، ولكن كل شيء توقف بعد ضغوط شديدة تعرض لها فرنجية من قيادات إسلامية في الداخل، ومن قيادات عربية، فقد حضر عبد الحليم خدام كوساطة خير ضمن كوكبة من مسؤولي الصف الثاني في الدول العربية، نجحوا في التوصل إلى اتفاق أعاد الهدوء إلى شوارع العاصمة وما يحيط بها، وكان اختبارا دمويا وبروفا عسكرية لكل الأطراف.