icon
التغطية الحية

عائلة الأسد و"كعك" ماري أنطوانيت.. هل تندلع الثورة الثانية في سوريا؟

2023.08.24 | 14:11 دمشق

آخر تحديث: 25.08.2023 | 18:08 دمشق

عائلة الأسد و"كعك" ماري أنطوانيت.. هل تندلع الثورة الثانية في سوريا؟
بشار الأسد وزوجته أسماء يحضران تخرج ابنهما حافظ في جامعة موسكو الحكومية ـ غيتي
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

يتفق المؤرخون أن الثورة الفرنسية (1789) كانت نقطة تحول في أوروبا، ويتفقون أيضا أن الملكة ماري أنطوانيت لم تقل العبارة الشهيرة "ليأكلوا كعكاً"، لكنها أصبحت رمزا عن تجاهل السلطة وبُعدها عن احتياجات ومعاناة الشعب.

في 14 من تموز 1789، اقتحم مواطنون باريسيون جائعون سجن الباستيل، معبرين عن انزعاجهم من ظروف حياتهم ومن ملكهم وحكومتهم. سجن الباستيل، أصبح أيضا رمزا للاستبداد حيث تم العثور على على أربعة أو خمسة سجناء فقط، ويقول الأرشيف الوطني البريطاني إن عدد السجناء في الباستيل يوم اندلاع الثورة الفرنسية كان سبعة فقط، من بينهم سجينان سياسيان، وخمسة سجناء مدنيون. السجينان السياسيان كانا الكونت دي سولاجي والماركيز دي ساد، والسجناء المدنيون كانوا أربعة مزورين ورجلاً مجنوناً. في سوريا اليوم يوجد ماهو أكثر من الرموز هنالك حقائق في سجن صيدنايا، وتوجد أقوال وأفعال تضاهي الجملة المنسوبة لماري إنطوانيت التي يقال إنها كانت سببا في تأجيج الثورة.

عشية الثورة، كانت البرجوازية الفرنسية والتجار والصناعيون والمهنيون قوة مالية مستبعدة من المشاركة في الحكم، في حين لم يمتلك عامة الشعب سوى القليل اليسير من الحقوق، وكان معظمهم في فقر متزايد. ورغم الاختلاف البنيوي بين البلدين والمراحل التاريخية، إلا أن العلاقات الناتجة عن الحرب والاستبداد تتفاعل وتنفعل في بنية المجتمع السوري، وكانت فرنسا قد واجهت العديد من المشكلات في عهد لويس السادس عشر، بما في ذلك أزمة مالية وانتفاضة شعبية، الأزمة المالية نتجت عن حرب السنوات السبع، وحرب الاستقلال الأميركية، أما الثورة فجاءت بسبب الفقر والبطالة، وهو ما بدأت إرهاصاته في سوريا اليوم.

لا مساحة آمنة للنظام في سوريا

عشية الثورة أيضا، لم يعد ينظر الفرنسيون إلى الملكية على أنها حق إلهي، وعندما سعى الملك إلى زيادة عبء الضرائب على الفقراء وتوسيع نطاقها إلى الطبقات التي كانت معفاة سابقا، وبدأت سياسة التجويع أصبحت الثورة أمرا لا مفر منه.

في سوريا سقط "الحق المكتسب بالولادة" لآل الأسد بالحكم عام 2011، ولم تعد جمهورية البعث حتمية وقدرا. واليوم لم تعد عائلة الأسد "تابو" حتى في مناطق سيطرة النظام وخاصة في الساحل السوري، الذي طالما عده النظام وآل الأسد المساحة الآمنة.

هذه المساحة انخرطت مؤخرا في الاحتجاجات وإن على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها ربطت في خطابها التغيير السياسي في سوريا برفع مستوى المعيشة ووقف الانهيار الاقتصادي في البلاد.

وكما أصبحت الملكة ماري أنطوانيت و"كعكها" رمزا مكروها للنظام الملكي والسلطة المستبدة، وأشعلت كلماتها الثورة التي أطاحت برأسها في عام 1793، يكاد لم يخل مقطع مصور أو بث مباشر لناشطين من اللاذقية وطرطوس من انتقادات وهجوم وصل حد توجيه الشتائم لأسماء الأسد وزوجها بشار الأسد، مطالبينهم بالرحيل عن سوريا حاملين معهم الأموال التي سرقوها من الشعب، لقد أصبح الاثنان رمزا للفساد والاستبداد.

ويقول الأرشيف البريطاني "مع أن القصة التي ظلت شائعة لسنوات عديدة تشير إلى أن الكثير من الناس كانوا على استعداد تصديق أن ماري أنطوانيت كانت ملكة غير مبالية ومتغطرسة. ربما كان هذا الإيمان هو الذي ساعد في إحداث الثورة الفرنسية التي أطاحت بنظامها الملكي".

أسماء الأسد تشتري وزوجها يبيع

تعيش عائلة الأسد حياة الرفاهية بين القصور والطائرات الخاصة، و"تملك" ثروات تقدر بمليارات الدولارات، على الرغم من أن البلاد ترزح تحت وطأة الفقر، بعد مرور 12 عاما على الحرب التي عقبها زلزال مدمر. وفي وقت "يبيع" بشار الأسد البلاد لتسديد ديونه للإيرانيين والروس، تشتري زوجته ما أمكنها من أراض وعقارات واستثمارات. 

تتحكم مؤسسة أسماء الأسد "الأمانة السورية للتنمية" بمشاريع المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر، وغيرها من المشاريع التنموية الممولة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و"الدول الحليفة"، لتكون المظلة الأمثل للهيمنة الاقتصادية لأسماء الأسد والتي تصاعد نفوذها بعد إزاحة رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد من المشهد الاقتصادي.

مصادر محلية من مدينة اللاذقية قالت لموقع تلفزيون سوريا، إن أسماء الأسد تشتري عبر وسطاء أراضي وعقارات تضرر أصحابها من الزلزال والحرائق الأخيرة، وهي تدفع مبالغ كبيرة من أجل إقناع الملاك بالبيع. "كما تقوم بحجز ضباط الجمارك وتغرمهم بمبالغ طائلة وتوقفهم عن العمل، من أجل الاستعاضة عن الطاقم القديم بآخر جديد موال لسياستها في الساحل السوري تحديدا". 

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أطلقت مؤسسة "الأمانة السورية للتنمية" مجموعة من القروض للتجار والحرفيين من ملّاك ومستأجري محال أسواق حلب القديمة التي تعرّضت لدمار واسع النطاق، من جراء قصف قوات النظام السوري قبيل استعادة السيطرة عليها عام 2016، جاءت هذه العملية بعد أقل من 3 سنوات على إفراغ سوق المهن اليدوية التاريخي بدمشق، من مستأجريه الحرفيين ومنتوجاتهم بحجة الترميم، وذلك بالاتفاق بين المؤسسة ووزارة السياحة في حكومة النظام، من دون تجديد عقود الإيجار لأولئك الحرفيين أو إعادتهم إلى محالهم. 

في الجانب الآخر، كشفت وثيقة سرية مسربة من مؤسسة الرئاسة الإيرانية أن طهران أنفقت ما يزيد على 50 مليار دولار خلال عشر سنوات على الحرب في سوريا، تعتبرها ديوناً واجبة السداد، بينها 18 مليار دولار سيتم استردادها على شكل اتفاقيات واستثمارات اقتصادية بلا ضمانات للتنفيذ. هذه الاتفاقيات وعمليات "البيع والشراء" كانت في صلب الانتقادات والشعارات التي رفعت ضد النظام، إضافة إلى المطالبة بإسقاطه وخاصة في مظاهرات السويداء، التي يواصل سكانها تنفيذ العصيان المدني والخروج بمظاهرات كبيرة لليوم الخامس على التوالي. ووردت أنباء عن خروج مظاهرات في عدد من أحياء حلب مساء الأربعاء، كما تتوالى الأنباء عن تزايد حالة الاحتقان في العاصمة دمشق. 

أما الروس، فقد منحهم النظام السوري خلال الأعوام الماضية العديد من التصاريح والعقود الطويلة الأمد في عدة مجالات في مقدمتها السياحة، إضافة إلى الاستثمار بالثروة الحيوانية ومناقصات التنقيب عن النفط والغاز وغيرها، في عقود لا تقل عن 25 عاما، وتصل إلى 50 عاما، مثل عقد "استثمار" الروس لميناء طرطوس والشاطئ الجنوبي للاذقية. 

سوريا.. الحقيقة المأساوية

تتأثر جميع الأراضي السورية باستمرار الانهيار الاقتصادي وخروج أسعار السلع الأساسية عن السيطرة، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بأكثر من 80% ليصل سعرها مقابل الدولار في السوق غير الرسمية، إلى 15 ألف ليرة.

ووصل ثمن سلة الغذاء التي تشمل المواد الأساسية، في شهر حزيران الماضي إلى 81 دولارا تقريبا، وفق برنامج الأغذية العالمي. الذي أشار إلى أن العائلات في سوريا لا تستطيع شراء البيض واللحوم منذ شهر رمضان الذي مر منذ 4 أشهر، إذ يغطي متوسط الدخل الشهري ربع احتياجات الأسرة الغذائية.

وسط هذه الأجواء، يتواصل الحديث عن حل سياسي وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، رغم أن الخطوة الأولى اتخذها السوريون عام 2011، وها هم يتخذونها مجددا.

وحسبما يبدو، لن ترغب الدول الإقليمية والدولية بالتعامل مع ثورة ثانية في سوريا، وهذا يذكر برد الفعل البريطاني على أنباء الثورة الفرنسية الذي كان مختلطا في بداية الأمر لكنه أخذ موقفا مضادا في النهاية، حيث قال ويليام بيت، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك "الثورة الفرنسية تهديد لجميع أوروبا.. يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لمنعها من الانتشار"، رغم أن شعارها الشهير كان "الحرية والمساواة والأخوة".