icon
التغطية الحية

فاينينشال تايمز: أسماء الأسد تقود مجلسا سرّيا يتحكم باقتصاد سوريا

2023.04.02 | 21:05 دمشق

أسماء الأسد تقود مجلساً سرياً يتحكم في اقتصاد سوريا
أسماء الأسد تقود مجلساً سرياً يتحكم في اقتصاد سوريا
إسطنبول - ريان أبو ليلى
+A
حجم الخط
-A

نشرت صحيفة "فاينينشال تايمز" تقريراً مفصلاً عن مجلس سري تقوده أسماء الأسد من داخل القصر الرئاسي، يتولى مهمة الهيمنة والتحكم باقتصاد سوريا، لإثراء عائلة الأسد وتمكين نفوذها إلى جانب تأمين التمويل لعمليات النظام السوري.

واعتمد تقرير الصحيفة على مقابلات مع 18 شخصية على دراية بآليات عمل النظام، بينهم رجال أعمال ومديرو شركات وموظفون في المنظمات الإغاثية ومسؤولون سابقون في مؤسسات النظام.

"من الواضح أن أسماء الأسد باتت المركز الرئيسي للقوة الاقتصادية في سوريا".
جويل رايبورن 2020 - المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا

وبحسب الشهادات، فإن أسماء الأسد عملت على مدار سنوات طويلة لبناء شبكة محسوبيات واسعة بالاعتماد على المنظمات الخيرية وغير الحكومية التابعة لها، مثل "الأمانة السورية للتنمية"، بينما تحكمت هي شخصياً بتدفق أموال المساعدات الإنسانية الدولية إلى سوريا، من أجل تمكين عائلة الأسد من إحكام قبضتها على البلاد.

وتهيمن أسماء الأسد الآن على العديد من القطاعات الاقتصادية في سوريا، بما في ذلك قطاع العقارات والمصارف والاتصالات، عبر شركات وهمية وشخصيات مقرّبة تدير الأعمال بالنيابة عنها من الخارج.

ويقول رجال أعمال ومحللون سوريون لـ"فاينينشال تايمز"، إن أسماء وزوجها بشار الأسد وشقيقه ماهر، فككوا معاً طبقة التجار التقليدية في سوريا، وابتكروا أساليب جديدة تسمح لهم باستثمار الحرب اقتصادياً لتكوين ثروة شخصية، وبات اسم زوجة رئيس النظام رمزاً يشير إلى هذا النظام الاقتصادي الجديد.

"سوريا كلها الآن لأسماء الأسد".
من شهادة رجل أعمال سوري لم تكشف "فاينينشال تايمز" عن هويته

وفاة أنيسة وصعود أسماء

اعتباراً من العام 2016، وبالتزامن مع وفاة أنيسة مخلوف والدة بشار الأسد، وتوسع سيطرة جيش النظام على الأراضي السورية، بدأت أسماء الأسد بالحضور بشكل متزايد في الإعلام وبين السوريين، عبر مؤسستها "الأمانة السورية للتنمية" من خلال "الأعمال الخيرية". واعتباراً من العام 2018، وبعد فترة وجيزة من دعاية حكومية مركزة صورت "الصراع الإنساني" لأسماء الأسد ضد مرض السرطان، بدأ بشار الأسد بالاعتماد عليها بشكل أكبر في إدارة الملفات الاقتصادية.

في تلك الفترة، بدأ النظام بترقية بعض المقربين منه للعمل كواجهة اقتصادية لعائلة الأسد. وفي سبيل تكوين ثروة لهم وللعائلة الحاكمة، انخرط هؤلاء المساعدين في نشاطات من قبيل مصادرة الأراضي والعقارات، والتجارة بالنفط مع تنظيم "داعش" وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تسيطر على الحقول النفطية شمال شرقي سوريا.

الابتزاز لإثراء الأسد شخصياً

ورغم انخراط النظام السوري بأعمال مثل بيع الأسلحة، وتهريب النفط، وتجارة المخدرات وبشكل خاص الكبتاغون، إلا أنها لم تكن كافية لتمويل بقائه في سدة الحكم، فعمدت عائلة الأسد عام 2019، إلى مهاجمة نخبة رجال الأعمال، الذين موّلوا بقاءهم في الحكم على مدار سنوات من الحرب، وبحسب الشهادات، فإن هذه الاستراتيجية من تخطيط المجلس الاقتصادي السري بقيادة أسماء الأسد.

ووفق الشهادات التي حصلت عليها "فاينيشال تايمز"، فإن النظام استدعى رجال الأعمال البارزين واحتجزهم في فندق الشيرتون بدمشق عام 2019، وطلب منهم إيداع مبالغ بالدولار في المصرف المركزي لمساعدة الليرة السورية على الاستقرار مقابل الإفراج عنهم. تمكن النظام من جمع مئات ملايين الدولارات بهذه الحركة، وبعد هذه التجربة بات الاحتجاز والابتزاز للشخصيات الاقتصادية البارزة سلوكاً شائعاً لدى النظام.

وبحسب شهادات لخمسة رجال أعمال وثلاثة محللين، فإن النظام اعتمد كذلك على موالين له في أجهزة السلطة، للتفتيش عن مخالفات لدى التجار تسمح له بفرض غرامات باهظة على مرتكبيها، مثل التأخر في تسديد الضرائب، أو استيراد مواد غير مجمركة، وغيرها من المخالفات.

يحتجز النظام السوري مرتكبي المخالفات ويبتز عائلاتهم لدفع مبالغ باهظة مقابل إطلاق سراحهم، لكن الأموال المدفوعة على شكل ضرائب ومخالفات لا تذهب حسابات تحصيل الضرائب، بل يتم تحويلها إلى "صناديق خيرية" وحسابات مصرفية يسيطر عليها القصر الرئاسي بشكل مباشر. وبحسب بعض الشهادات، فإن هذه الأموال تُستخدم إلى حد كبير لإثراء بشار الأسد بشكل شخصي.

أسماء الأسد تطيح برامي مخلوف

ويُعتبر رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، والذي كان يسيطر وحده على أكثر من نصف الاقتصاد السوري، أبرز من استهدفتهم خطّة أسماء الأسد، وأجبرته على تسليم أصوله داخل البلاد، بما في ذلك شركتي "شام القابضة" (أكبر شركة سورية) و"سيرياتيل" (أكبر شركة للهاتف المحول في سوريا).

أطاحت أسماء الأسد بأحد أبرز المنافسين الاقتصاديين لزوجها، وسيطرت على مؤسساته الخيرية، وورثت شبكة محسوبياته بين الموالين للنظام، ما سمح لها بتوسيع سيطرتها على قطاع المساعدات الإنسانية في البلاد. وأوصلت عبر إذلاله العلني رسالة إلى جميع السوريين، بأن النظام لا يتورع عن المساس بأي أحد مهما بلغت قوته.

وأفادت ستة مصادر لـ"فاينينشال تايمز"، بأن رامي مخلوف لا يزال تحت الإقامة الجبرية حتى الآن، في محاولة من عائلة الأسد لانتزاع أصوله خارج سوريا.

"لم نمر بكل هذا حتى نضع سوريا بيد امرأة سنيّة"

شهادة حصلت عليها "فاينيشال تايمز" من أحد أنسباء عائلة الأسد الساخطين من هيمنة أسماء الأسد على الاقتصاد

الهيمنة على المساعدات الإنسانية

ترتكز قوة أسماء الأسد بشكل أساسي على "الأمانة السورية للتنمية"، التي أسستها عام 2007، واستغلت تجربتها في إدارة المنظمات غير الحكومية قبل الحرب، لإنشاء نظام فاسد يهيمن على المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى البلاد بعد العام 2011.

ولأن شبكة أسماء الأسد تشغل جوهر هذا النظام المهيمن على المساعدات الإنسانية، لم يكن بإمكان أي منظمة غير حكومية العمل داخل سوريا من دون أن تنسق معها. بل إن أسماء الأسد كانت تجري المفاوضات داخل مكتبها في القصر الرئاسي مع المنظمات الدولية بشأن عقود عملهم في البلاد، بحسب "فاينينشال تايمز".

وقيّد النظام الذي فرضته أسماء الأسد وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، وحوّلتها نحو المجتمعات الموالية للنظام، وأصرّت على توظيف أقرباء المسؤولين في المنظمات الإنسانية. كما ساعدها في استهداف منافسيها في مجال العمل الإنساني لضمان سيطرتها على أموال المساعدات. وحققت الشركات المرتبطة بـ"الأمانة السورية للتنمية" أرباحاً طائلة على مدار سنوات بعد فوزها بمناقصات لمشاريع طرحتها الأمم المتحدة.

في عام 2021 وحده على سبيل المثال، دفعت الأمم المتحدة 12 مليوناً و300 ألف دولار، فقط من أجل إقامة موظفيها في فندق "الفور سيزن" في دمشق، الذي يملكه رجل الأعمال سامر فوز المقرب من النظام، لكن أربعة رجال أعمال وخبيرين وأحد أقارب فوز نفسه، قالوا إن جزءاً من أرباح الفندق يذهب إلى أسماء الأسد.

من هم أعضاء المجلس السري؟

يتألف المجلس الاقتصادي السري من ست شخصيات مقرّبة من أسماء الأسد، هم:

فراس كلاس

أحد أبرز المقربين من أسماء الأسد، ومدير مؤسستها "الأمانة السورية للتنمية".

فراس كلاس
فراس كلاس

لينا الكناية

مستشارة منصور عزام وزير الشؤون الرئاسية لبشار الأسد. وإحدى أبرز منسقي العلاقات بين القصر الرئاسي والقطاع الخاص. عملت سابقاً مديرة لمكتب أسماء الأسد بين عامي 2001 – 2008. اتهمتها وزارة الخزانة الأميركية عام 2020 بإدارة أنشطة تجارية وشخصية نيابةً عن أسماء الأسد.

دانا بشكور

مديرة مكتب أسماء الأسد، شوهدت ضمن الوفد المرافق لأسماء خلال زيارتها وزوجها إلى الإمارات، يوم الأحد 19 آذار 2023، في أول رحلة لأسماء الأسد خارج سوريا منذ عام 2011.

دانا بشكور
دانا بشكور

لونا الشبل

أكبر مسؤولة إعلامية في النظام السوري والمستشارة الخاصة ببشار الأسد.

لونا الشبل
لونا الشبل

خضر علي طاهر

مالك شركة "إيماتيل"، وهي أكبر شركة لبيع الهواتف بالتجزئة في سوريا، يُعتقد أنه يدير الشركة بالنيابة عن أسماء الأسد منذ تأسيسها عام 2019، مع العلم أن "إيما" هو اللقب الذي عُرفت به أسماء الأسد في طفولتها بلندن.

خضر علي طاهر
خضر علي طاهر

يسار إبراهيم

مستشار اقتصادي لبشار الأسد. يدير إمبراطورية من الشركات بعد الاستحواذ عليها من أصحابها، تمتد على قطاعات اقتصادية عديدة مثل الاتصالات والبناء والعقارات والنفط والسياحة والأمن الخاص، بعضها مسجل في سوريا ولبنان، والبعض الآخر في جزر الكايمان التابعة لبريطانيا.

يسار إبراهيم
يسار إبراهيم

يُشار إلى أن أسماء الأسد لا تزال تحمل جواز السفر البريطاني، ويعيش والديها في لندن حتى الآن، رغم زعم تقارير إعلامية عام 2021 أن المملكة المتحدة تريد تجريدها من جنسيتها البريطانية بسبب تورطها بانتهاكات حقوق الإنسان.