icon
التغطية الحية

صواريخ الأسد "الغبية".. لماذا استهدفت إسرائيل مطار دمشق ومنطقة الكسوة؟

2022.09.17 | 18:26 دمشق

القصف الإسرائيلي على سوريا
مقاتلات حربية من سلاح الجو الإسرائيلي (موقع الجيش الإسرائيلي)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن المواقع الأخرى التي استهدفها الهجوم الإسرائيلي، الليلة الماضية، كانت معسكراً لميليشيات تابعة لإيران في منطقة الكسوة جنوبي دمشق، إضافة لاستهداف مطار دمشق الدولي.

وكتب معلق الشؤون الأمنية والعسكرية في الصحيفة، رون بن يشاي، كان هدف الهجوم الإسرائيلي، ليل الجمعة-السبت، مختلفاً تماماً، ولم تستهدف مطار دمشق الدولي فقط، وإنما منطقة الكسوة.

وأوضح بن يشاي، المعروف بصلاته الوثيقة بهيئة الأركان، أن الموقع المستهدف في الكسوة هو معسكرات تابعة للنظام يتم فيها تدريب الميليشيات الموالية لإيران وأماكن لإيواء عناصر هذه الميليشيات المستجلبين من إيران وأفغانستان.

فجر اليوم السبت، استهدفت إسرائيل، في تمام الساعة 00:45، بغارات جوية مطارَ دمشق ومواقعَ جنوبي العاصمة، أسفرت عن مقتل خمسة جنود، بحسب وكالة أنباء النظام "سانا".

كما كشف المحلل الإسرائيلي أن القتلى الخمسة من جراء الهجوم هم من جنود النظام الذين يعملون في قاعدة تابعة للدفاع الجوي، بينهم ضابط.

وبحسب بن يشاي، فإن الهجوم المزدوج الليلة الماضية كان يهدف لتحقيق ثلاثة أهداف:

  • منع وتعطيل مشروع الصواريخ والصواريخ الدقيقة، ورسالة تحذير للأسد للكف عن إيواء الميليشيات الإيرانية وتأمين الغطاء المدني لهم عبر فتح الملاحة الجوية للحرس الثوري.
  • منع استنساخ تجربة "حزب الله 2".
  • "إضعاف" منظومة الدفاع الجوي للنظام السوري. ويستدل بن يشاي بأن الهجوم أسقط جنودا كانوا يديرون بطارية مضاد طيران.

إفشال مشروع الصواريخ الدقيقة.. لماذا المطارات؟

وبحسب التقديرات الإسرائيلية الرسمية، فإن "حزب الله" يحاول تهريب أجهزة تحديد المواقع "GPS" التي تسمح للمصانع في سوريا بتحويل الصواريخ "الغبية" والصواريخ إلى صواريخ دقيقة.

ويقول بن يشاي إن "حزب الله" يقوم بتهريب هذه الأجهزة والمعدات من إيران عبر الطيران المدني، لصغر حجمها وسهولة إخفائها في حقائب السفر.

وترى إسرائيل بأنها نجحت نوعاً ما في تباطؤ المشروع الإيراني في سوريا بفضل ضرباتها العسكرية، وفقا لهيئة الأركان الإسرائيلية.

وتهدف الضربات الإسرائيلية في سوريا، ولاسيما شل حركات المطارات الدولية، في الآونة الأخيرة، إلى منع وتعطيل مشروع الصواريخ والصواريخ الدقيقة لإيران، إضافة لمعاقبة نظام الأسد لاستمراره في السماح لإيران باستخدام غطاء الطيران المدني لتهريب هذه المعدات القتالية.

تركيز الضربات الأخيرة على شل الملاحة الجوية وقطع طرق الإمداد الجوية من طهران إلى حزب الله، هو رسالة للأسد مفادها "طالما أنك تواصل إيواء النشاط الإيراني وفتح مطاراتك الدولية فستكون خارج الخدمة إما لفترة قصيرة أو لفترات طويلة"، على حد تعبير بن يشاي.

يحاول حزب الله والحرس الثوري تهريب أجهزة تحديد المواقع "GPS" التي تسمح للمصانع في سوريا بتحويل الصواريخ "الغبية" والصواريخ إلى صواريخ دقيقة، عبر خط تهريب جوي من طهران إلى بيروت ودمشق يديره لبناني صهر قاسم سليماني، وفقاً لتقديرات إسرائيلية

وكانت الاستخبارات الإسرائيلية، كشفت في أيار/مايو الماضي لأول مرة، خط تهريب جوي، جديدا وسريا لـ "حزب الله" و"الحرس الثوري"، عبر استخدام رحلات الطيران المدني يديره نجل قيادي لبناني وصهر قاسم سليماني.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنها حصلت على معلومات تفيد بأن الأجهزة المهربة هي مكونات صغيرة نسبياً تبدو بريئة في المظهر وبالتالي يسهل إخفاؤها في الأمتعة التي تحمل في حقائب اليد التي يمكن حملها داخل الطائرة.

وبحسب التقرير، تغادر بعض المعدات العسكرية المعدة للتهريب على متن رحلات مدنية من طهران إلى دولة أوروبية، في رحلة عبور (ترانزيت)، ومن ثم إلى دمشق أو بيروت.

يدير خط التهريب هذا نجل قيادي بارز في الحزب، هو سيد رضا صفي الدين، نجل سيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب والمسؤول عن إدارة العلاقات مع الأطراف اللبنانية، أي رجل الحزب الذي يدير لبنان.

سيد رضا متزوج من ابنة قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، والذي اغتالته الولايات المتحدة في مطار بغداد عام 2019.

 

وفي التفاصيل، يسافر سيد رضا عدة مرات في الشهر من لبنان إلى إيران، حيث تعيش زوجته، ويستغل إقامته في إيران لتنسيق نقل المعدات العسكرية المتطورة إلى "حزب الله".

ويستغل سيد رضا المنصب الرفيع لوالده في الحزب وعلاقاته في لبنان، مستفيداً من البنية التحتية والشبكة النشطة التي يوفرها "الحرس الثوري".

يشار إلى أن إيران تستخدم سوريا كممر لتهريب الأسلحة إلى جنوبي لبنان، سواء عبر "الكاريدور" البري من مدينة البوكمال أو جواً عبر مطار دمشق وبحراً عبر موانئ اللاذقية وطرطوس.

معسكرات الكسوة هدف مختلف تماماً

أعلنت إسرائيل مراراً وتكراراً أنها لن تسمح لإيران بالتمركز العسكري في الجنوب السوري لحماية أمنها القومي، وشنت خلال السنوات الأخيرة مئات الضربات الجوية والصاروخية داخل الأراضي السورية.

ويأتي استهداف إسرائيل لمعسكر تدريب في منطقة الكسوة، في الريف الجنوبي للعاصمة دمشق، لمحاربة الوجود الإيراني أو إبعاد "الحرس الثوري" عن الحدود الشمالية.

وتحذر التقديرات الإسرائيلية من أن معسكر الكسوة معدّ لتدريب ميليشيات إيرانية يمكن استخدامها في أثناء الحرب لمهاجمة إسرائيل من الأراضي السورية.

تقع هذه المعسكرات في الكسوة القريبة من أقدس مكان للشيعة في سوريا، مزار السيدة زينب، أي بين الطريق المؤدية من جنوبي دمشق إلى مرتفعات الجولان السوري المحتل.

وبحسب المحلل الإسرائيلي، قررت إيران تجديد وجودها في الجنوب السوري عبر تأسيس مشروع معسكرات التدريب في الكسوة، بعد تباطؤ مشروعها في السنوات الثلاث الأخيرة بسبب الهجمات الإسرائيلية التي أبعدت ميليشيات إيران من المنطقة باتجاه الحدود العراقية في محافظة دير الزور.

وتشير آخر التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى انخفاض "كبير" في وجود الميليشيات الشيعية وعناصر "حزب الله" بالقرب من السياج الحدودي وفي الجولان السوري، ولكن لا تزال هناك بقايا منهم بالقرب من مواقع جيش النظام الذي يوفر لهم الحماية والغطاء.

رون بن يشاي: إيران تحاول تجديد "مشروع الكسوة" لإعادة انتشار ميليشياتها في الجنوب السوري بعدما تراجعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

"إضعاف" الدفاعات الجوية للنظام

يقول المحلل الإسرائيلي رون بن يشاي، إن إسرائيل معنية أيضاً بـ "إضعاف" نظام الدفاع الجوي السوري، مستدلاً بأن القتلى الذين سقطوا في الهجوم الأخير هم من جنود الدفاع الجوي وتابعون للنظام.

ويضيف أن الجنود الخمسة الذين قتلوا من بينهم ضابط واحد على الأقل، كانوا يقودون بطارية دفاع جوي (م/ط) كانت تحاول اعتراض الصواريخ الإسرائيلية.

وعلى الرغم من قساوة الضربات الإسرائيلية، نظراً لسقوط قتلى على غير العادة، وتعمدها إحراج الأسد عبر ضرب منشآته الحيوية ذات الطابع المدني، كــ مطارَي دمشق وحلب، إلا أن إسرائيل حريصة على إبلاغ الأسد بأنه غير مستهدف لطمأنته وترغيبه في آن معاً.

ويرجح بن يشاي، بأن يكون الجيش الإسرائيلي قد أبلغ نظام الأسد بهجوم الليلة الماضية أيضاً.

وكانت "يديعوت أحرونوت" نشرت قبل أسبوعين بأن هناك اتصالاً مباشراً بين نظام الأسد وقوات الأمن الإسرائيلية، بعثت من خلاله تل أبيب رسائل طمأنة للأسد بعدم استهداف قواته ورسائل تحذير للضغط على إيران.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن تل أبيب سلمت مسؤولين في نظام الأسد والقوات الروسية في سوريا رسالة مباشرة، عقب الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مطار حلب ومواقع بالقرب من العاصمة دمشق.

وأضافت "يديعوت أحرونوت"، أن نص الرسالة التي سلمتها تل أبيب للنظام كانت تأكيداً منها أن الضربات الإسرائيلية لا تريد إلحاق الأذى بالعسكريين السوريين، وإنما تستهدف عناصر الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية سواء حاولوا الهبوط في المطارات المدنية أو تم إيواؤهم في مقارَّ عسكرية للنظام أو بالقرب من القوات الروسية.

ويؤكد بن يشاي أن هذه الرسائل تم توصيلها ولا تزال تصل إلى قادة النظام مباشرة، أحياناً تصل بعد وقت قصير من الهجوم، لتوضيح ماذا ومن هوجم ولماذا؟

كما يرسل الجيش الإسرائيلي رسالة مماثلة إلى الروس مع إضافة واحدة مفادها أن الروس سيحصلون على "إخطار مسبق" قبل دقائق ليتسنى لهم نقل أو إبعاد قواتهم عن مكان الهجوم.

استهداف المطارات

تعرض مطار دمشق الدولي لغارات إسرائيلية متكررة، خلال السنوات الأخيرة، في إطار عملية "المعركة بين الحروب" التي ينفذها الجيش الإسرائيلي لمنع التموضع الإيراني في سوريا ومنع تهريب أسلحة متطورة إلى "حزب الله".

وهذه المرة السادسة التي تستهدف فيها الغارات الإسرائيلية مطار دمشق منذ بداية العام الحالي، أسفرت عن مقتل 15 جندياً للنظام وفقاً للأرقام التي أعلنتها "سانا"، في حين تشير أرقام وسائل إعلام أخرى إلى 19 قتيلاً.

ويأتي الهجوم الأخير على مطار دمشق بعد أقل من أسبوعين على استهداف مطار حلب الدولي مرتين على التوالي في غضون أسبوع واحد، وخروجه عن الخدمة بشكل كامل.

  • 24 شباط/فبراير الماضي، أسفرت غارة إسرائيلية على مواقع في مطار دمشق الدولي عن مقتل ثلاثة جنود، وفقاً لـ "سانا"، وذلك غداة بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
  • 27 نيسان/أبريل، استهدفت إسرائيل مطار دمشق بغارة جوية أوقعت أربعة جنود لنظام الأسد قتلى، وفقاً لـ "سانا"، في حين قالت تقارير عربية إن الغارة أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وكانت تستهدف شحنة أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى "حزب الله".
  • 20 أيار/مايو، استهدف هجوم إسرائيلي، بصواريخ أرض-أرض، محيط مطار دمشق وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود، وفقاً لـ "سانا".
  • 10 حزيران/يوليو، تعطلت حركة الطيران في مطار دمشق الدولي إثر غارة جوية إسرائيلية.
  • 31 آب/أغسطس، هجوم إسرائيلي مزدوج يستهدف مطاري حلب ودمشق الدوليين في أقل من ساعة ونصف، وخروج مطار حلب عن الخدمة.
  • 6 أيلول/سبتمبر الجاري، غارة إسرائيلية على مطار حلب الدولي، وهي الثانية في أقل من أسبوع، تخرج المطار عن الخدمة نهائياً، في حين قالت تقارير إعلامية إن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة جنود.
  • 17 أيلول/سبتمبر ، غارة إسرائيلية على مطار دمشق ومواقع عسكرية في الكسوة، أسفرت عن مقتل خمسة جنود للنظام، وفقاً لـ "سانا".