icon
التغطية الحية

صعوبات الرزق الحلال.. سوريات يعملن على البسطات ليلاً في شوارع دمشق

2023.05.23 | 13:36 دمشق

آخر تحديث: 23.05.2023 | 17:10 دمشق

سوريات يعملن على البسطات ليلاً في شوارع دمشق
بسطات لسيدات في دمشق
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

تخيم الأزمة الاقتصادية على يوميات السوريين والسوريات في مناطق سيطرة النظام السوري، محاولين أن يتجاوزوا صعوبات العيش في واحدة من أكثر بقع العالم بؤساً كما تصف "أم علاء" الواقع الذي تعيشه العاصمة السورية دمشق.

ومع التحديات اليومية التي تواجه العائلات في تأمين لقمة العيش لأبنائهم، تعمل الكثير من السوريات في بيع الخبز والخضروات والفواكه في شوارع دمشق حتى ساعات متأخرة، رغم ما يواجهنه من مخاطر بما يتعلق بالسلامة وما يتعرضن له من مضايقات وإساءات لفظية.

ويعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، ويعاني أكثر من 12.4 مليون سوري منهم من إجمالي عدد السكان داخل البلاد المقدر بنحو 16 مليون نسمة، من انعدام الأمن الغذائي، وفق تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".

وتحتاج العائلة في سوريا وسطياً من 3 إلى 5 ملايين ليرة سورية شهرياً بالحد الأدنى لتأمين الحاجيات الأساسية من طعام وشراب ودواء ونقل من دون إيجار وفواتير وحاجيات ثانوية.

بهامش ربح قليل

وقالت أم علاء لموقع "تلفزيون سوريا" إنها بدأت العمل في بيع الخبز لمدة أربع ساعات ليلاً منذ 8 أشهر بحثاً عن حاجتها للمال وتأمين الرزق لأطفالها.

وأضافت أن الخبز بالليل غير متوفر بشكل كبير لأن معظم الأفران تكون قد أقفلت أبوابها، فيأتي إلينا الزبائن رغم أن أسعارنا أغلى من الأفران، وهو هامش الربح الذي نحصل عليه.

وأردفت أن زوجها قتل عام 2013 في الغوطة الشرقية، وهي مضطرة حالياً لإعالة أبنائها بأي طريقة كانت، موضحة أن الربح اليومي ما بين 15 ألف إلى 30 ألف ليرة بأحسن الأحوال إلى جانب تأمين الخبزات مجاناً للبيت.

وأكدت أن المبلغ لا يكفي العائلة المكونة من 3 أبناء وأمهم، ولولا أن ابنها علاء (15 عاماً) يعمل بقهوة وسط دمشق أيضاً لكان الوضع كارثياً.

وأشارت أم علاء إلى أن العمل حتى الساعة الواحدة ليلاً، متعب وغير آمن خصوصاً في الشتاء، لقلة المارين بالمنطقة التي أعمل فيها، وصعوبة العودة إلى البيت.

وشددت على أن الرزق الحلال بحاجة للتضحية بتعب الجسم ونظرات الناس، خصوصاً أولئك الذين يسيئون الأدب ويتحرشون بنا كنساء، رغم أننا نبيع الخبز لإطعام أبنائنا.

عمل لا يخلو من المضايقات

الصعوبات نفسها تعيشها أم كرم، التي تعمل بصحبة ابنها ببيع الخبز أيضاً، أم كرم اعتقل زوجها من 8 سنوات ولم تسمع عنه خبرا دقيقا حتى الآن.

وقالت أم كرم لموقع "تلفزيون سوريا" إن عائلتها مكونة من 5 أبناء، صبيين و3 بنات، تجمع ما تستطيع من ربطات خبز وتقلل عدد أرغفتها إلى ستةٍ أو سبعة وتخبر الزبون بذلك مع رفع سعرها في مقابل الحصول على ربح يعينها وأبناءها على قضاء حوائجهم.

وأضافت أنها تعمل على جمع الخبز من الأفران الحكومية وتنشفه ثم تضعه في الأكياس وتنتظر من بعد العاشرة ليلاً حتى يمر الزبائن ويشترون الخبز، الربطة بـ 2500 ليرة مع إخبار الزبائن أن فيها 7 أرغفة فقط وليس 8.

وأضافت أن وجود ابني معي يشعرني ببعض الأمان، ويقلل من المضايقات التي تحصل من بعض المارة وأصحاب السيارات خصوصاً الذين ينظرون إلينا بشكل غير مريح.

وأشارت إلى أن شرطة المحافظة أحياناً تمنعنا من الوقوف وأكثر من مرة حاولوا كتابة مخالفات، ما اضطرني لدفع معظم الربح لهم حتى أستمر في عملي.

ولفتت إلى أن 500 ألف ليرة في الشهر لا تكفي شيئاً، خصوصاً إن كان لديك أبناء في المدارس والجامعات ويحتاجون لمصروف يومي وأجرة طرقات.

أعمال غير اعتيادية للنساء

على مسافة ليست بعيدة من أم كرم، كانت هالة وأمها بقرب بسطة خضراوات وفواكه، يعملون على ورديات على الساعة الثانية عشر ليلاً، وفي الصيف حتى الساعة الواحدة والنصف.

وقالت هالة لموقع "تلفزيون سوريا" البسطة ليست لنا، نعمل في وردية الليل لأنها تعطينا مرابح أفضل، ولكننا نعاني من البقاء في البرد شتاء ورائحة الورق والحطب، الحمد لله الآن صيف قد أتى فالوضع أفضل.

وأضافت هالة (16 عاماً) أن صاحب البسطة يعطي أمي راتب 600 ألف ليرة بالشهر وأنا 250 ألف ليرة، وكل ما يخرج من (بخشيش) وأعطيات من الزبائن لنا.

وأوضحت هالة التي لم تترك المدرسة رغم عملها المتأخر بالليل، أن والدي توفي عام 2015، ومنذ تلك اللحظة أعمل أنا وأمي لتأمين معيشتنا، لا يوجد عطلة أبداً.

وأكّدت أن مشكلة هذا العمل أنه متأخر بالليل، صحيح المبلغ الذي نحصل عليه لا يكفي تماماً، إلا أننا "مدبرين أمورنا والحمد لله".

من جهتها قالت أم هالة، الناس لم تعتد أن يكون من يبيع البطيخ في الصيف امرأة، ولا من تنادي على العوجا في الربيع فتاة، ولكن أصبح لدينا زبائن وغالبيتهم محترمون.

وأكملت "بعض الزبائن في الليل بكونوا سكرانين، ومنخاف منهم، حتى إنو بعضهم بينزل من السيارة وبيقرب علينا بس أنا ست قوية ما بخاف ومعي عصايتي حاضرة دائماً".

ولا يقتصر العمل في دمشق على السيدات والأمهات، إنما يشمل فتيات بعمر الطفولة لا يتجاوزن الـ 15 عاماً، يعملن في النهار والليل ويبيعن العلكة والبسكويت والخبز والماء والمحارم وأي شيء آخر، إلى جانب مئات الفتيات المتسولات في أسواق وشوارع دمشق.

وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري زيادة هائلة في عدد الفقراء والمحتاجين والمتسولين، وسط ارتفاع الأسعار بشكل هستيري شبه يومي، وانخفاض قيمة الليرة إلى أدنى مستوياتها.

ولم تستطع حكومة النظام السوري حتى الآن أن تحل أي مشكلة من المشكلات التي يعاني منها الناس، حيث ما زال متوسط راتب الموظف لا يتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية، لا تكفيه ليوم أو يومين بأحسن الأحوال.