icon
التغطية الحية

شروط لم الشمل في هولندا تُفرق عائلة سورية والأم تلجأ إلى القضاء

2022.12.06 | 06:04 دمشق

اللاجئة السورية فخرية الملا عبيد
اللاجئة السورية فخرية الملا عبيد - رسائل إعلام هولندية
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

ينظر القضاء الهولندي "لأول مرة" في التدابير التي اتخذتها حكومة البلاد إزاء أزمة اللجوء والتي أدت إلى تأخير "لم شمل" اللاجئين الذين يشكل السوريون معظمهم.

وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية فإن القضية التي تنظرها محكمة مدينة هارلم تدور حول طلب "لم شمل" اللاجئة السورية فخرية الملا عبيد (47 عاماً) مع عائلتها.

وتحاول فخرية لم شمل زوجها وأطفالها الستة إلى هولندا في أقرب وقت ممكن، لكن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة تحول دون ذلك، وتسعى المرأة السورية الآن للحصول على أمر قضائي أولي من المحكمة.

وفي شهر آب الماضي، تقدمت المرأة بطلب لجوء في هولندا وتريد الآن لم شملها مع أسرتها ووافقت دائرة الهجرة والجنسية "IND" على طلب لم شملها، ولكن يجب أن ينتظر زوجها وأطفالها في السودان حتى نهاية شهر نيسان، وفق ما ذكر موقع هيئة الإذاعة الهولندية "إن أو إس".

شروط جديدة للموافقة على لم الشمل في هولندا

ووفقاً للتدابير الجديدة التي اتخذتها الحكومة لا يجوز للاجئين الحاصلين على تصريح إقامة إحضار أفراد أسرهم إلى هولندا إلا بعد أن يحصلوا على منزل في هولندا، وفي حال لم يستطيعوا ذلك بعد خمسة عشر شهراً من تقديم الطلب فسيظل أفراد الأسرة حاصلين على تأشيرة.

وبحسب موقع "إن أو إس" فإن أفراد عائلة فخرية الملا عبيد ليسوا الوحيدين حيث يتعين على 920 لاجئاً الانتظار لفترة أطول وفقاً لدائرة الهجرة والتجنيس.

ويتعين على أفراد الأسرة الذين تمت الموافقة على طلب لم شملهم من قبل دائرة الهجرة والجنسية (IND) الآن الانتظار ستة أشهر في الخارج قبل السماح لهم بدخول هولندا.

تأتي هذه الأشهر الستة بعد الأشهر التسعة التي يتعين على IND في غضونها الآن اتخاذ قرار بشأن طلب لم شمل الأسرة.

ووفقاً لموقع "إن أو إس"، فإن هذا يعني أنه حتى 23 من نيسان 2023 سيبقون في السودان، البلد الذي سافروا إليه بدعوة من "IND" لمقابلتهم فيما يتعلق بطلبهم الخاص بلم شمل الأسرة، لكن المشكلة العملية تكمن في أن تأشيرتهم هناك ستنتهي في غضون أسبوع.

ويقول التقرير إن ما سيحدث بعد ذلك قبل أن يُسمح لهم بالذهاب إلى هولندا في نهاية نيسان "غير واضح".

وتقول محامية اللاجئة السورية ميريام فان رييل: "في الواقع إنهم سيقيمون بشكل غير قانوني في السودان بعد 8 من كانون الأول الجاري لكن العودة إلى سوريا ليست خياراً.. إذا خرجوا إلى الشارع من دون تأشيرة نأمل ألا يطلب منهم أحد أوراق إقامتهم".

لم تر أطفالها منذ عامين.. وأموالهم نفذت

واستأجرت الأسرة السورية غرفة في السودان ويدفع إيجارها أحد أقاربهم في السعودية.

وقالت فخرية "إنهم لا يعرفون كيف سيدفعون الإيجار أو ثمن الطعام في الأشهر المقبلة"، كما أنه وبسبب سوء خدمة الإنترنت هناك لا يمكن لفخرية التواصل معهم يومياً، كما أنها لم تر أطفالها منذ عامين.

بدورها تقول محامية اللاجئة السورية إنه من غير المعقول أن تدفع هي وعائلتها ثمن مشكلة تسببت بها وزير الدولة فان دير بورخ (اللجوء والهجرة) نفسه.

وبتأجيل دخول العائلة هولندا لمدة ستة أشهر، فإن الدولة تتصرف بشكل ينتهك القانون الأوروبي، بحسب ما تقول المحامية، مضيفة بأن ما يحصل مع العائلة السورية "أمر غريب وسيء جداً".

من جانبه دافع "محامي الدولة" في جلسة الاستماع عن قرار "IND" بتأجيل لم شمل أفراد عائلة فخرية الملاعبيد حتى نهاية نيسان، مضيفاً: "صحيح أن هذا الإجراء له عواقب بعيدة المدى، لكن عليك حقاً رؤيته في مصلحة جميع الأشخاص الذين يقيمون الآن في ملاجئ الطوارئ (..) هناك حاجة إلى إجراءات قوية للتعامل مع أزمة اللجوء".

بدورها وجهت فخرية عدة أسئلة للقاضي خلال الجلسة: "كيف يمكن لأولادي أن يعيشوا حتى شهر أيار تقريباً؟ لقد نفد المال لديهم.. إنهم يتعرضون لضغوط نفسية شديدة، كيف يمكنهم قضاء الأشهر القليلة المقبلة؟ آمل أن تنظر بعين الرحمة إلى ذلك".

وسيصدر القاضي قراره في القضية بعد أيام بحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.

انتقادات واسعة للحكومة الهولندية

وانتقدت عدة منظمات هولندية الاتفاقات الخاصة بتأجيل لم شمل الأسرة فور إبرام صفقة اللجوء.

ووفقاً للجنة القانونية "Meijers" وهي هيئة استشارية حكومية، فإن الإجراء ينتهك اللوائح الأوروبية مشيرة إلى أنه لا يجب أن يكون السكن شرطاً لجمع شمل الأسرة ويجب أن تؤخذ مصالح الأطفال الصغار في الاعتبار.

ولجنة Meijers هي مجموعة مستقلة من الخبراء الذين يقدمون المشورة بشأن القانون الجنائي الأوروبي واللجوء والهجرة والخصوصية وعدم التمييز والقانون المؤسسي، كما أنها تؤكد على ضرورة التزام الاتحاد الأوروبي بالشفافية والديمقراطية والعمل على احترام حقوق الإنسان.

وبحسب موقع "إن او اس" فإنه يوجد الآن نحو 17000 شخص حاصل على الإقامة منهم أكثر من 7000 قدموا إلى هولندا من خلال لم شمل الأسرة.

وإذا جاء أفراد الأسرة الذين تم طلب لم شملهم قبل أن يجدوا منزلاً، فسوف ينتهي بهم الأمر أيضاً في مركز لطالبي اللجوء أو في مأوى طارئ للأزمات، لذلك تسعى الحكومة من خلال تأجيل لم شمل الأسرة إلى منع ذلك الأمر.

وتم تطبيق إجراء تأجيل لم الشمل على أكثر من 900 لاجئ بحسب مصلحة الهجرة والتجنيس، وفي المجموع فإنه يتعين على نحو 5800 شخص الانتظار لفترة أطول قبل أن يتمكنوا من القدوم إلى هولندا.

وتقول منظمة مساعدة اللاجئين "في في ان" إن تأثير القرارات الجديدة على اللاجئين "كبير جداً"، مضيفة "أنّ وقت انتظار إجراءات اللجوء طويل بالفعل.. والآن بعد أن أصبح على اللاجئين أيضاً الحصول على منزل أولاً، قد يستغرق لم شمل طالبي اللجوء مع أفراد أسرهم عامين ونصف العام".

وعلى مدار الأشهر الماضية وصل الآلاف من طالبي اللجوء خصوصاً السوريين إلى هولندا بحثاً عن الأمان لهم ولأطفالهم الأمر الذي تسبب باكتظاظ مراكز الإيواء لا سيما مركز "تير آبل" لتسجيل طلبات اللجوء.

وعلى إثر الأزمة أعلنت الحكومة الهولندية عن عدة إجراءات لحل أزمة اللجوء التي تشهدها البلاد منذ أشهر وكان أبرزها التشديد "المؤقت" للم شمل أُسر طالبي اللجوء حيث قد تصل فترة انتظار طالبي اللجوء للم شمل ذويهم إلى أكثر من عام ونصف.

وذكرت تقارير إعلامية أن أكثر من 13 ألف لاجئ سوري وصلوا إلى هولندا منذ بداية العام الجاري.

وخلال العشرة أعوام الماضية فرّ من الحرب في سوريا عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا وحصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة.

ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مئة وثلاثين ألف شخص بحسب التقارير الرسمية.