icon
التغطية الحية

سوريون يتحدثون عن وسائل التعذيب في السجون اللبنانية: مرآة لسجون نظام الأسد

2022.09.22 | 11:55 دمشق

1
سجن رومية في العاصمة اللبنانية بيروت - أ ف ب
+A
حجم الخط
-A

عادت قضية التعذيب في سجن رومية المركزي بلبنان إلى الواجهة بعيد مقتل المواطن السوري بشار السعود على أيدي القوى الأمنية اللبنانية المسؤولة عن حماية السجن.

وأعلن جهاز أمن الدولة في 29 آب الفائت عن اعتقال "خليّة" قال إنها تنتمي إلى تنظيم "الدولة" سبق لها أن قاتلت في سوريا، وانتقلت إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، وأقامت في بنت جبيل جنوبي لبنان.

وبعد يومين، أُعلن عن وفاة الموقوف السوري بشار عبد السعود إثر نوبة قلبية استدعت نقله إلى المستشفى، حيث توفي، إلا أن الصور المتداولة لـ "السعود" وثقت تعرضه للتعذيب بشكل وحشي على أيدي الأمن اللبناني.

وعلم موقع "تلفزيون سوريا" أن هناك قرابة 300 معتقل سوري في سجن رومية، يقبع معظمهم في المبنى "ب"، وبحسب إفادة عدة مساجين، فإن أساليب التعذيب في السجن متعددة وتختلف باختلاف التهم الموجهة إليهم، إلا أن النصيب الأكبر من التعذيب يناله المتهمون بجرائم "الإرهاب".

الـ "بلنكو"

"أكثر ما أخشاه هو التعذيب بالـ "بلنكو"، بهذه الكلمات يتمتم المعتقل أحمد، سوري الجنسية، خلال حديثه مع موقع تلفزيون سوريا حول أساليب التعذيب التي يتعرض لها المساجين في سجن رومية المركزي في لبنان.

وبحسب أحمد،  فإن الـ "بلنكو" هو أسلوب تعذيب يعتمد على رفع السجين من يديه وتعليقه بالهواء لفترات طويلة، إلى جانب إبقاء السجين واقفاً لمدة طويلة دون أن يتحرك لأكثر من يوم كامل، ناهيك عن ضرب المساجين بالعصي، والأيدي، والركل.

أما عمر الذي اعتقلته شعبة المعلومات في الأمن العام اللبناني في بيروت، فقد تعرض لأنواع أخرى من التعذيب.

خضع عمر للمحاكمة في المحكمة العسكرية التي يرأس هيئتها العميد حسين عبد الله، وهو عميد من الطائفة الشيعية مدعوم من قبل حركة أمل وحزب الله، ووجهت له تهمة الإرهاب، كعشرات السوريين المعتقلين المعارضين لنظام الأسد، فقد أصبحت تهمة الإرهاب لهؤلاء أمراً بديهياً لدى المحكمة العسكرية التي يتبع غالبية أعضائها للثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل.

بقي عمر في المعتقل لنحو 18 يوماً، تعرض خلالها لما يعرف بـ "الشبح"، والشبح في السجون يعني وقوف المعتقل أو جلوسه  في أوضاع مؤلمة لفترة طويلة، وغالباً ما يتم إجلاس المعتقل على كرسي صغير، لا تتجاوز قاعدته 25سم × 25سم وارتفاعه نحو 30سم، مقيّد اليدين إلى الخلف.

وأشار عمر إلى أنه علّق لفترات طويلة، وبسبب شدة التعذيب أصبح يبول ويتبرز لا إرادياً، مبيناً أنه فقد نحو 30 كيلوغراماً من وزنه خلال فترة احتجازه.

ونال الإعلاميون السوريون الذين لجؤوا إلى لبنان حصة من التعذيب في السجون اللبنانية، حيث تعرض المصور السوري فادي سوني، خلال توجهه في الثامن من نيسان 2017، للأمن العام اللبناني للتبليغ عن تعرضه للسلب، للاحتجاز بحجة أنه مطلوب أمنياً.

وخلال التحقيق معه، سئل عن عدة إعلاميين من مركز مدينة القصير الإعلامي الذي كان يعمل به في سوريا، واضطر للاعتراف بأشياء لم يقم بها تحت التعذيب، من جراء الضرب المبرح الذي تعرض له من قبل المحققين.

انتشار الجرب

وبحسب ما ذكر عدد من السجناء لموقع تلفزيون سوريا، فإن "أمراضاً غريبة" تنتشر في السجن بسبب المياه الملوثة التي يستخدمها المساجين، إلى جانب عدم توفر الأدوية المناسبة للمعالجة.

وحصل موقع تلفزيون سوريا على صور خاصة من داخل السجن توضح انتشار مرض الجرب بين السجناء في مكان يفتقد لأدنى معايير النظافة.

التعذيب في السجون اللبنانية

وأشار السجناء الذين تواصلنا معهم إلى أن الطعام المقدم لهم من قبل إدارة السجن لا يكاد يكفي، ولا يتمتع بأدنى مقومات النظافة، إلى جانب انقطاع الكهرباء بشكل مستمر في السجن/tag/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D9%86، واكتظاظ الغرف بالمساجين.

القانون اللبناني والتعذيب

وتنص المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية المعدّلة بموجب القانون 191 الصادر عام 2020، على وجوب أن يحضر المحامي التحقيقات مع الموقوف، إضافة إلى تسجيل التحقيقات وتوثيقها بالصوت والصورة، والتأخر في عرض الموقوفين على الطبيب الشرعي، وعدم تلاوة الإفادة على المستجوب، أو السماح له بقراءتها، وإكراهه على التوقيع.

وفي هذا الخصوص، يوضح المحامي في القانون الدولي طارق شندب لموقع تلفزيون سوريا أن النيابة العامة في الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن محاسبة العناصر الأمنية التي تقوم بتعذيب المساجين، إلا أن انتماء معظم هؤلاء لمرجعيات سياسية يشكل حاجزاً أمام محاسبتهم.

العفو الدولية توثّق أوضاع السوريين في السجون اللبنانية

وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريراً في 23 آذار من العام الماضي، سلطت الضوء من خلاله على أوضاع المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية.

وتعرض المعتقلون لـ "أساليب تعذيب مروّعة"، وحرمان من "المحاكمة العادلة"، بحسب التقرير الذي حمل عنوان: "كم تمنّيت أن أموت"، ووثّق انتهاكات طالت 26 لاجئاً سورياً، بينهم أربعة أطفال تم توقيفهم بين العامين 2014 و2021، ولا يزال ستّة منهم قيد الاعتقال حتى الآن.

وتعددت أساليب التعذيب التي استخدمتها القوى الأمنية اللبنانية، وفق منظمة العفو الدولية: ضرباً بالعصي المعدنية، والكابلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية.

وتضمن التقرير إفادات لمحتجزين قالوا إنهم تعرضوا لأساليب تعذيب مختلفة، منها "عمليات تعليقهم رأساً على عقب، أو إرغامهم على اتخاذ أوضاع جسدية مُجهدة لفترات مطوّلة من الوقت".

ووصفت المنظمة الأساليب التي استخدمتها القوى الأمنية اللبنانية بـ "المروّعة"، وأشارت إلى أن تلك الأساليب هي نفسها المستخدمة في أسوأ السجون سمعةً في سوريا، حيث يقبع عشرات آلاف المعتقلين، وفق ما قالت.

وحاول موقع تلفزيون سوريا التواصل مع وزير الداخلية اللبناني القاضي بسام المولوي لسؤاله عن التعذيب الذي يمارس في السجون اللبنانية وعدم محاسبة العناصر الأمنية، إلا أننا لم نحصل على إجابة.

يشار إلى أن عدداً من الموقوفين في السجون اللبنانية قتلوا في وقت سابق تحت التعذيب خلال التحقيق معهم، كما انتشرت فيديوهات  للقوة الضاربة في قوى الأمن الداخلي عام 2015، وثّقت تعذيب سجناء وموقوفين إسلاميين في سجن رومية، ما أدى حينها إلى مطالبات باستقالة وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق.