icon
التغطية الحية

سخط واسع على تويتر لفرضه رسوما على أداة ساعدت منكوبي الزلزال

2023.02.14 | 18:17 دمشق

صورة تعبيرية - المصدر: الإنترنت
صورة تعبيرية - المصدر: الإنترنت
Associated Press- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عقب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، صار آلاف مطوري البرمجيات المتطوعين يستعينون بأدوات تويتر لتمشيط المنصة بحثاً عن نداءات استغاثة، وقد شملت تلك النداءات نداءات العالقين بين خرائب الأبنية المنهارة، إلى جانب قيام هؤلاء المتطوعين بربط الناس مع المنظمات المعنية بعمليات الإنقاذ.

وهذا يعني بأنهم سيفقدون القدرة على الوصول إلى تلك الأداة ما لم يدفعوا لتويتر رسماً شهرياً لا يقل عن 100 دولار، مما سيحرم الكثير من المتطوعين والجهات غير الربحية ذات الميزانية الضعيفة.

وحول ذلك يعلق سادات كابان أوغلو مؤسس منصة Eksi Sozluk الأشهر بالنسبة للتواصل الاجتماعي في تركيا والذي قدم نصائح جليلة لبعض المتطوعين بالنسبة لتوجيه جهودهم إلى المكان الصحيح: "إن ذلك لا يشمل فقط جهود الإنقاذ التي شارفنا للأسف على نهايتها، بل أيضاً يحرمنا من التخطيط للعمليات اللوجستية، بما أن الناس يلجؤون إلى تويتر حتى ينشروا احتياجاتهم".   

تويتر يحد من قدرة المنقذين على الإنقاذ

بيد أن المنظمات غير الربحية والباحثين وغيرهم بحاجة لتلك الأداة التي تعرف باسم API أو واجهة برمجة التطبيقات، وذلك لتحليل بيانات تويتر لأن كم المعلومات الصرف على هذه المنصة يجعل من المستحيل بالنسبة لأي إنسان أن يبحث فيه بصورة يدوية.

ولهذا يقول كابان أوغلو بأن المئات من "المحسنين الطيبين" قد قدموا مفاتيح الدخول الخاصة بهم التي تمت ترقيتها ودفع رسومها والتي تعود لأداة API (التي سبق لتويتر أن عرضت نسخة مدفوعة منها مع المزيد من الميزات)، أمام من يود استخدامها في عمليات الإنقاذ، لكنه يرى بأن تلك العملية ليست دائمة أو صحيحة، بل إنها قد تخالف قواعد تويتر نفسها.

إن عدم القدرة على الوصول إلى أداة  API عبر تويتر مجاناً يزيد من التحديات أمام آلاف المطورين في تركيا ويفوق إمكانيات من يعملون على مدار الساعة لتسخير نظام تويتر الفريد والمفتوح أمام الإغاثة عند الكوارث.

يعلق على ذلك آكين يونيفر وهو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوزيغين باسطنبول فيقول: "بالنسبة للمبرمجين الأتراك الذين يعملون على أداة API في تويتر لأغراض مراقبة وضبط الكوارث، يعتبر هذا الأمر مقلقاً على وجه الخصوص، وباعتقادي أن الأمر مقلق أيضاً بالنسبة لكل المبرمجين في مختلف أنحاء العالم ممن يستخدمون بيانات تويتر لمراقبة وضبط الحالات الطارئة وكذلك الأحداث التي يقوم عليها أي نزاع سياسي".

تعتبر هذه الرسوم الجديدة أحدث التعقيدات التي تواجه المبرمجين والأكاديميين وغيرهم ممن يحاولون استخدام أداة API، كما أنهم يخبروننا بأن التواصل مع أي شخص من شركة تويتر قد أصبح مستحيلاً منذ أن تولى إيلون ماسك أمورها.

كانت شركة تويتر قد خططت في بداية الأمر لطرح تلك التغييرات خلال الأسبوع الماضي، بيد أنها أجلت ذلك حتى يوم الإثنين، ثم غردت يوم الإثنين بأنها سترجئ إطلاق تلك التغييرات من جديد لبعد بضعة أيام أخر، من دون أن تدلي بالمزيد من التفاصيل.

يعتبر نظام حظر الاشتراك غير المدفوع بالنسبة لأداة API آخر محاولات ماسك لتحصيل أرباح من تويتر، تلك الشركة التي أصبحت مدينة بمبلغ وقدره مليار دولار على شكل دفعات أرباح سنوية بسبب استحواذ ذلك الملياردير عليها، بعد اكتمال إجراءات تلك العملية في شهر تشرين الأول الماضي.

تطبيقات أخرى لأداة API

بيد أن الأمر لا يقلق فرق الإغاثة عند الكوارث فحسب، لأن الباحثين الأكاديميين والذين لا يتبعون للحكومات استعانوا منذ سنوات بتويتر لدراسة مدى انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية أو للبحث في أمور تتصل بالصحة العامة أو طريقة تصرف الناس على الشابكة.

كانت الباحثة ريبيكا ترومبل وهي مديرة معهد البيانات والديمقراطية والسياسة لدى جامعة جورج واشنطن، تستخدم أداة API على تويتر لتعقب المحادثات على تلك المنصة حتى تكتشف أنواع التغريدات التي توضح وجود هجمات لمتصيدين، وما الأمور التي تصرفهم عن ذلك، وقد جمعت كل هذه النقاط في دراسة واحدة، ولهذا تقول: "مع شح المعلومات التي يقدمها تويتر حول الجوانب العملية لهذه السياسة الجديدة وتفاصيلها، لم نعد ندري إلى أين يجب علينا أن نتوجه، إذ من المستحيل أن نقوم بالتخطيط، وكثيرون منا من العاملين في هذا المجال يديرون برامج ومشاريع تخلف آثاراً ونتائج على الواقع، ولهذا فإن الوضع مخيف للغاية".

لم تكن تويتر المنصة الوحيدة التي قدمت هذه الأداة لكنها تفردت بين شركات التواصل الاجتماعي بتقديمها مجاناً، إذ تعمل منصة تيك توك مثلاً على هذه الأداة اليوم، لكنها لم تطرحها حتى الآن، فيما حدت منصة فيس بوك هذه الأداة بصورة أكبر، نظراً لحماية الشركة للبيانات التي تقوم بجمعها.

ولهذا تقول ترومبل بأن منصات مثل يوتيوب وفيس بوك وإنستغرام وغيرها تتخذ خطوات لتزيد من شفافيتها ومن قدرة الباحثين على الوصول إلى أدواتها، ويعود أهم سبب في ذلك للقوانين الأوروبية الجديدة، أما تويتر فيتجه نحو الجهة المعاكسة، وهذا ما دفعها للقول: "لقد انتقلت تلك المنصة من الصدارة إلى المرتبة الأخيرة على الإطلاق".

وعليه أصبحت عملية احتفاظك بأداة API مكلفة، بما أنه من حق تويتر بوصفها شركة خاصة فرض ما يحلو لها من الرسوم على أدواتها، إلا أن الباحثين والمطورين يقولون بأن الوقت لن يطول حتى يخرج ماسك باستثناءات تخص البحث الأكاديمي والمنظمات غير الربحية.

غير أن كريستينا ليرمان وهي أستاذة علوم الحاسوب لدى جامعة جنوبي كاليفورنيا والتي تدرس حالة التضليل الإعلامي، ترى بأنه: "لم تغير أي تقنية أخرى المجتمع بالسرعة والعمق هذا كما فعلت وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأن القدرة على الوصول إلى أفكار الناس في مختلف بقاع العالم ومشاعرهم، يعتبر تغيراً جذرياً بالنسبة للمجتمع، ولا يمكننا فهم ذلك من دون الوصول إلى البيانات ومراقبتها".

الهجرة إلى منصات أخرى

قام مطور البرمجيات الياباني تاكيشي كاواموتو الذي يدير روبوت تنبيه من الزلازل نال شهرة واسعة ويتابعه أكثر من ثلاثة ملايين شخص، بإنشاء حساب لهذا الروبوت في عام 2007 على سبيل الهواية.

بيد أن هنالك عددا مهولا من تلك الروبوتات الخاصة بالويب على تويتر، وتعني حسابات مفيدة وودودة أو عجيبة أنشأها أشخاص أو مجموعات لتخدم مصلحة أو هدفاً معيناً، إذ هنالك روبوتات خاصة بالطقس، وأدوات تجمع سلاسل التغريدات الطويلة على تويتر ضمن ملف واحد تسهل قراءته، وروبوتات ترسل مقولات من كتب شهيرة أو لشخصيات معروفة، وروبوتات تذكرنا بالوقوف والتمدد في فترات استراحة عشوائية خلال النهار، وروبوتات تقحم شيئاً من الهراء والأمور الغريبة أمامك وأنت تستعرض آخر الأحداث على تويتر.

بيد أن روبوت الزلازل الذي أنشأه كاواموتو لم يقلع إلا عند حدوث زلزال مدمر في عام 2011، والذي أدى إلى ظهور أمواج تسونامي ترافقت مع كارثة نووية ضربت اليابان، وهكذا التفت الناس إلى ذلك الروبوت للحصول على معلومات حول الزلازل والهزات الارتدادية.

كان كاواموتو على استعداد لإغلاق هذا الروبوت عندما أعلنت شركة تويتر في البداية بأنها ستفرض رسوماً على عملية الوصول إلى أداة API، وذلك لأنه من غير المعقول دفع مبلغ وقدره 1200 دولار بصورة سنوية على حساب من غير المقرر له أن يحقق أي ربح. ولكن، خلال الأسبوع الماضي، أعلنت شركة تويتر بأنها ستقدم استثناء بسيطاً، يتمثل بميزة الكتابة فقط عند الدخول إلى أداة API مجاناً عبر حسابات تنشر أقل من 1500 تغريدة بالشهر.

وقد يساعد ذلك الباحثين، إلا أن كاواموتو يرى بأن الحد الذي يعادل 1500 تغريدة بالشهر لابد أن يمثل مشكلة بعد وقوع زلزال كبير تعقبه الكثير من الهزات الارتدادية، ولهذا سيطلب من ماسك أن يسمح للحسابات التي تنشر أكثر من 1500 تغريدة أن تدفع ما عليها أولاً بأول.

حتى الآن لم تستثن شركة تويتر من مقرها في سان فرانسيسكو أي أحد آخر، على الرغم من احتمال مشاهدة ماسك لتغريدة من التغريدات الكثيرة التي نشرها مطورون يعملون على الإغاثة بعد وقوع الزلازل ممن طالبوه بإيجاد حل.

بالنسبة لمارك سامبل وجيشه الصغير من الروبوتات على تويتر، كذلك الروبوت الذي يرسل اقتباسات مختارة بعناية من رواية "موبي ديك" لهيرمان مالفيل، خلال فترات عشوائية، فإن الأوان قد فات، وذلك لأن روبوت موبي ديك والروبوت الذي يرسل مقاطع فنية مختارة على الحاسوب منذ عام 1994 والذي يعرف باسم: "القمر الصناعي الغريب" قد رحلت كلها عن تويتر، حيث انتقل البعض منها إلى ماستودون وهي منصة للتواصل الاجتماعي هاجر إليها بعض مستخدمي تويتر ممن أحسوا بإحباط شديد.

أصبحت روبوتات سامبل جزءاً من "تويتر الغريب" وهي ثقافة فرعية غريبة تمثل بيئة تويتر بلغت أوجها في منتصف العشرية الثانية من الألفية الثالثة، وتشتمل على روبوتات غريبة ومضحكة وتافهة تقوم بإرسال دفقات عشوائية من الأخبار والمعلومات لتظهر على آخر الأخبار في حسابات الناس.

وحول ذلك يقول سامبل وهو أستاذ الدراسات الرقمية لدى كلية ديفيدسون بكارولينا الشمالية: "سأبكي وأحزن لما يجري"، ولكن بالنسبة لأداة API، فإن تويتر برأيه: "فعل ما لم تفعله أي منصة أخرى للتواصل الاجتماعي، بعدما فتح الملعب أمام الناس، إذ هنالك طرق تمكن البعض من خلالها من استغلال تلك المنصة وتشويه الأمور واستخدامها بطريقة مؤذية، بيد أنه فتح هذا الملعب المرعب أيضاً أمام الهواة والمبدعين من الناس، في الوقت الذي لم تقم فيه أي منصة للتواصل الاجتماعي بشيء من هذا القبيل".

بالنسبة لسامبل، لم تتمثل لحظة الانهيار بالإعلان عن فرض رسوم على أداة API، بل إن ذلك أتى كضربة أخيرة بعدما أخذ ماسك يطرد العاملين في شركة تويتر، ويلاحق الصحفيين الذين شككوا به أو انتقدوه. بيد أن إنشاء تطبيقات لمنصة يقوم أحدهم فيها بإغلاقها تبعاً لمزاجه يعتبر: "مضيعة لوقتنا ولطاقتنا الإبداعية" على حد تعبيره، ويضيف: "لقد عملت هذه الشركة طوال وقت طويل، أي نحو 15 سنة أو أكثر، لذا حان الوقت لظهور شيء آخر".

 

المصدر: Associated Press