icon
التغطية الحية

ريم صابوني.. سورية تحدت الغربة وأنشأت نادي الأمهات العرب في مصر

2023.12.16 | 07:26 دمشق

ريم صابوني.. سورية تحدت الغربة وأنشأت نادي الأمهات العرب في مصر
ريم صابوني معلمة ومربية سورية ومؤسسة نادي "الأمهات العرب" في مصر في أثناء تسلمها إحدى الجوائز التكريمية (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

لم تكن ريم صابوني تظن أن إقامتها في مصر سوف تستمر طويلا ولم تكن تخطط لذلك، بعد أن وصلت إليها مع طفلها وأهلها عام 2012 هاربة من جحيم الحرب في سوريا.

بدأت ريم (37 عاما) حياتها في مصر من الصفر، محاولة تأسيس حياة آمنة ومستقرة لابنها الوحيد، ثم أصبحت بعد ذلك مؤسسة أول تجمع سوري عربي يضم الأمهات العربيات في مصر وهو "نادي الأمهات العرب".

وتحت شعار "أمومة واعية وطفولة سعيدة" انطلق النادي قبل خمس سنوات، والذي بدأ بفكرة شخصية من ريم ومن وحي تجاربها عندما كانت تبحث عن الطريقة الأمثل لتعليم وتربية طفلها.

تخرجت ريم من جامعة دمشق، وحصلت على ليسانس في الأدب العربي من جامعة دمشق، وحصلت على دبلوم دراسات عليا في التأهيل التربوي من الجامعة الافتراضية السورية، وبدأت دراسة نظام "مونتسوري" العالمي عام ٢٠١٢، وتخرجت في عام ٢٠١٤ من معهد ميبي الأميركي لبرامج المونتيسوري.

 عملت معلمة في روضة "أطفال منتسوري" ومدرسة "دراما" في مدرسة دولية بالعاصمة المصرية القاهرة. قادها هذا العمل لتصبح ناشطة للأطفال اللاجئين.

كما عملت مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" ​​ومنظمة "تير دي زوم" السويسري، في مشاريع تدعم الأطفال اللاجئات كمنسقة مشروع للحماية والدعم النفسي للأطفال السوريين في مصر، إلى جانب العديد من المشاريع الأخرى لدعم وتمكين السيدات المغتربات واللاجئات.

ما هو منهج مونتسوري التعليمي الذي تبنته ريم صابوني؟

"مونتسوري" هو منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل بداخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، منهج يؤكد على ضرورة أن تهتم العملية التربوية بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية والعقلية والروحية والجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية، والقدرة على حل المشكلات، وتنمية التفكير النقدي، وقدرات إدارة الوقت، وغير ذلك من الأمور.

التعليم بحسب منهج مونتسوري، يجب أن يكون فعالا، وداعما وموجها لطبيعة الطفل، باستخدام نظام بسيط في التعليم، والابتعاد عن تراكم المعلومات، والتلقين والحفظ، لأن الطفل يجب أن يتعرف إلى العالم من حوله من خلال حواسه.

 الظروف التي مهدت لإنشاء النادي

بعد فترة من وصولها إلى مصر، قررت ريم أنه لا مجال للعودة، وبدأت تتأقلم مع المجتمع المصري، ومع حياتها الجديدة التي فرضت عليها، على عكس طفلها الذي لم يستطع التأقلم.

تقول ريم لموقع "تلفزيون سوريا" بدأت أدرس منهج المونتسوري من أجل أن أتعمق أكثر بمرحلة الطفولة المبكرة، وكل ذلك من أجل مساعدة ابني وتطوير طريقة تربيتي له، وساعدتني دراستي في التعرف إلى مصريات والتأقلم والاندماج في المجتمع الجديد، وتولد لدي حب الاكتشاف.

تضيف ريم، بعد أن حصلت على الدبلوم، عملت في إحدى المدارس في القاهرة، وكان ابني طالباً لدي، بالإضافة إلى أني كنت عضواً في رابطة سوريات.

مع مرور الوقت، بدأت ريم بتدريس منهج المونتسوري للأمهات السوريات بدون مقابل مادي، ودعمتهن من خلال تعليمهن كيفية التعامل مع أطفالهن، وطريقة التربية الصحيحة.

زرعت هذه التجارب في داخل ريم فكرة إنشاء نادي يجمع الأمهات السوريات، يتناقشن فيه، ويتبادلن وجهات النظر، ويطرحن رؤيتهن في التربية.

بدأت فكرة النادي عبر مجموعة على "واتساب" ثم على "تليغرام" و"فيس بوك"، وأخيرا على "اليوتيوب.

وتضم صفحة النادي على الفيس بوك عشرات الآلاف من الأمهات الراغبات بتطوير أنفسهن من أجل إنشاء جيل سوي نفسيا، بالإضافة إلى آلاف المتابعين على صفحتها الشخصية.

تقول ريم، لم تكن فكرة النادي وليدة اللحظة، بل كانت تتمهد في رأسي بعد صعوبات وتجارب كثيرة ومعاناة ونجاحات كنت أخوضها وحدي كأم عزباء، كانت فكرة النادي حصيلة كل هذه التجارب.

تضيف مؤسسة النادي، أرى أنه على كل أم أن تتثقف تربويا، وتطور من ذاتها من أجل تربية أفضل لأبنائها، وتقرأ كثيرا عن المناهج التربوية، حيث إن المرء لا يعلم ماذا سيواجه في الغربة، أو حتى عند موت الزوج، أو الانفصال، بالإضافة إلى معاناة الأمهات اللاجئات المغتربات.

رحلة نادي الأمهات

في يوم عيد الأم عام 2018 في حي "مدينتي" بمنطقة القاهرة الجديدة، فتح مقر "نادي الأمهات العرب" أبوابه للسيدات، كانت فكرته الأساسية دعم للسوريات، ومساعدتهن في دعم بعضهن البعض.

لم يقتصر النادي على السوريات، بل انضمت للنادي سيدات من جنسيات كثيرة، كالمصريات، والجزائريات، والليبيات، وعربيات مغتربات.

يوجد أكثر من 4000 عضو على مجموعة الفيس بوك الخاصة، بالإضافة إلى أكثر 25 ألف متابع على الصفحة العامة للنادي.

تطورت فكرة النادي من الواقع الافتراضي، إلى لقاءات على أرض الواقع عبر محاضرات ودورات وتدريبات مجانية على منهج مونتسوري، وكذلك صحة السيدات النفسية والجسدية.

تقول صابوني، أردت إنشاء مجتمع للأمهات العرب، يتشاركن معلومات عن تربية الأطفال، تربية حديثة بعيدة عما ورثناه عن جداتنا، إنما طرق علمية وعملية تساعدهن على تربية أطفالهن.

انضمت العديد من المتطوعات إلى نادي الأمهات، ولاقى تشجيعا كبيرا من المحيطين بريم، يعمل الآن بالنادي عشرات المتطوعات من مصممات غرافيك ومصورات وعلاقات عامة.

كما توسعت فكرة النادي ليفتح فروعا في كل من تركيا والإمارات وسوريا والجزائر، وتحلم ريم بأن يكون هناك فرع للنادي في كل دول العالم، يساعد الأمهات ويكون المصدر الأول لمعلوماتهن التربوية الصحيحة.

تضيف ريم، استخدمت كل مدخراتي لإنشاء نادي الأمهات، كنت مؤمنة بنجاحه، ولدي رؤيا واضحة لمساعدة الأمهات أمثالي، في طريقة تربية صحية لأبنائهن.

تقوم ريم بالكثير من ورش العمل، والدورات التدريبية، وتشارك في كثير من الفعاليات، ولم تكتف بذلك، بل واصلت دراستها وحصلت على ماجستير في "سايكولوجية الأطفال" من جامعة سيفورد الأميركية، وحصلت على شهادة تدريب مدربين من الأمم المتحدة.

حصلت ريم ونادي الأمهات على كثير من الجوائز مثل جائزة الريادة المجتمعية بمعرض الكتاب بالقاهرة عام 2019، كما قامت وزارة الشباب والرياضة المصرية بتكريمها أيضا.