منح رئيس النظام، بشار الأسد، مدير مكتب الرئاسة الخاص الأكثر شهرة في سوريا، محمد ديب دعبول، والمعروف بين السوريين باسم "أبي سليم دعبول"، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.
ووفق وكالة أنباء النظام "سانا"، فإن المرسوم رقم 146 لعام 2021، يقضي بمنح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة لدعبول "تقديراً لخدماته البارزة في مجال الإدارة والوظيفة العامة".
ويأتي منح هذا الوسام، للرجل الذي لم يظهر إعلامياً منذ منتصف العام الماضي، في إشارة توحي بنهاية خدمته في المنصب الذي أمضى فيه سنوات طويلة، بدأها مع الأسد الأب منذ بداية وصوله للسلطة، وتابع مهامه بعد وفاة الأب مع الابن لولائه المطلق وخبرته الطويلة، خاصة مع رجال والده، وهم من يطلق عليهم اسم "الحرس القديم"، كما أنه ممن يحظون بثقة روسيا.
"أبو سليم" مفتاح القصر؟
عُرف عن أبي سليم دعبول، الذي ينحدر من مدينة دير عطية في منطقة القلمون، والمولود في عام 1935، مرافقته الدائمة لحافظ الأسد منذ استيلائه على السلطة، وشغل مدير مكتبه الخاص، وحافظ أسراره ونظّم لقاءاته واجتماعاته مع مختلف القيادات داخل النظام.
كما كان يشرف أبو سليم على تنفيذ أوامر حافظ الأسد في مختلف الوزارات والمؤسسات والهيئات، ويتابع آليات التنفيذ لهذه الأوامر ونتائجها، فضلاً عن وجوده الدائم كـ "حكم ووسيط" بين الضباط والجهات المتصارعة داخل النظام.
ووفق تعبير نجل وزير الدفاع السابق لدى نظام الأسد، فراس طلاس، فإن "حافظ الأسد كان يتحكم بسوريا عبر هاتف أبي سليم دعبول، وكانت التوجيهات تنفذ فوراً".
يطلق من يعرفون أبا سليم عليه لقب "مفتاح القصر"، حيث كان حافظ الأسد يثق به، ويكلفه بإدارة العلاقات مع التجار ورجال الأعمال، فيما كان أبو سليم يستصدر موافقات وتراخيص لمشاريع كان يحصل عليها من دوائر الدولة ومؤسساتها لصالح كبار التجار، ويستقطع نسبة من أرباح تلك المشاريع، أو يحصل على مبالغ مالية لقاء تلك الخدمات، أو يدخل في شراكات ضمن المشاريع التي يرى فيها أرباحاً مستمرة.
ولا توجد معلومات دقيقة عن ثروة أبي سليم دعبول أو عدد شركاته، إلا أن عدة مصادر تشير إلى أن نجله سليم، الذي تسلم إدارة ثروة العائلة، يمتلك أكثر من 25 شركة، تتنوع بين المقاولات والمصارف والسياحة والتعليم الجامعي.
وتؤكد عدة مصادر أن أبا سليم بنى ثروة هائلة مستفيداً من موقعه، كما بنى شبكة واسعة من العلاقات المتداخلة مع كبار الأثرياء والمتنفذين، خاصة أنه يمتلك نفوذاً لا يضاهى، ويطلع، بحكم موقعه، على أدق التفاصيل والأسرار المتعلقة بحيتان النظام ورجال أعماله، وما يملكون من أموال ومشروعات.
وتُتهم عائلة أبي سليم دعبول بدعم ميليشيا تأسست في مدينة دير عطية في القلمون في العام 2011، بهدف قمع المظاهرات والاحتجاجات ضد النظام التي اندلعت هناك، وقامت هذه الميليشيا بترويع أهالي معظم قرى وبلدات مناطق القلمون، مثل قارة ويبرود وجريجير والتل، وتعاونت مع قوات النظام وجيشه في اقتحام تلك البلدات وارتكاب المجازر فيها.
كما استخدم دعبول الابن المنشآت التابعة لشركات عائلته في منطقة القلمون كنقاط تجمع وإيواء لعناصر الشبيحة، في حين يؤكد مصدر خاص في القلمون أن دعبول أنشأ معتقلاً خاصاً في منطقة قارة، كان يستخدم كنقطة اعتقال لمن يتم إلقاء القبض عليه عند حاجز منطقة القطيفة سيء الصيت على مدخل العاصمة دمشق.
ووفق مركز "مع العدالة" اقترح سليم دعبول، في آذار من عام 2018، فكرة إنشاء محافظة جديدة في منطقة القلمون، تضم كلاً من مدن النبك ودير عطية وقارة ويبرود، وحاول استصدار مرسوم جمهوري لتحقيق هذه الغاية، والتي تهدف إلى تشكيل هيئة قابضة في سوريا لإعادة إعمار المنطقة بعد تشريد أهلها وتهجيرهم، تضم هذه الهيئة كلاً من أبي سليم دعبول، وذو الهمة شاليش، ومحمد حمشو، وأشخاص مقربين من ماهر الأسد.
منذ مطلع العام الماضي، دارت شائعات عن وفاة أبي سليم دعبول، وتعززت تلك الشائعات في تشرين الأول من عام 2020، عندما شيعت مدينة دير عطية جنازة زوجته، ازدهار حاج إبراهيم، التي كان لها نشاطها الخاص في ذات سياق نشاط زوجها، حيث كان يتوافد إلى دارها في منطقة المالكي بدمشق الزوار بشكل يومي، وهم يحملون أوراق الطلبات التي تعمل على تلبيتها وفق مقابل يحدده نوع الطلب.
وأظهرت الصور التي نقلت الجنازة حضوراً لافتاً لمسؤولي النظام، بوجود الأبناء والأحفاد، بينما لم يظهر أبو سليم في أي من تلك الصور، ما يشير إلى وضع صحي صعب يعيشه الرجل، حال دون مشاركته في تشييع زوجته، لكن تؤكد مصادر مطلعة في دمشق أن الرجل العجوز ما زال على قيد الحياة لكنه في رمقها الأخير.