رسالة من السوريين إلى "قيادة" معارضتهم: كفى!

2022.10.03 | 05:59 دمشق

المعارضة السورية
+A
حجم الخط
-A

أيتها المعارضة؛ مع انطلاقة ثورتنا خاطبنا "نظام الأسد" سلمياً وحضارياً؛ فواجه مطالبنا في الكرامة والحرية والديموقراطية بالحديد والنار، واستجلب ميليشيات القتل والدمار، وصولاً إلى استجدائه قوة "عظمى"، رَهَنَ لها وطننا، لتحميه من مطالبنا المحقة. وما زلنا متمترسين عند حقوقنا، ومطالب ثورتنا في الحرية والكرامة، وتحقيق طموحاتنا؛ ولن يتمكن من هضم هذه الحقوق أو تضييعها. وسعينا ألا نشبّهكم بتلك المنظومة، بحكم أنكم لم ترتكبوا الجرائم التي ارتكبتها؛ ولكن مواقفكم ومسلكياتكم لم تعد أقل خطورة منها. فإن كان هو يعجز عن إزهاق حقوقنا، فأنتم تفعلون.

لقد وصلتم إلى درجة لا تُحتَمَل من الرخص والخفَّة، أصبح أي لقاء بالنسبة لكم هدفاً بحد ذاته أينما كان، ومع مَن كان، ولأي سبب كان لا يهم. تكررون الأسطوانات المشروخة إياها: "حل سياسي، يتماشى مع 2254".

تذهبون دفعة واحدة، رئيس ائتلاف وهيئة تفاوض وحكومة ولجنة دستورية حتى تلتقون بمدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا... تختلفون على من يرأس الوفد فكلكم رؤساء؛ ومن يأخذ الصورة؛ ثم  تحلّون الموضوع بأن يأخذ كل واحد منكم صورة وينشر تعليقه الخاص على حسابه الخاص قائلاً: "التقينا بفلان وطالبنا وأكدنا وناقشنا...  إلخ، لتقولوا لنا أنا وليس بعدي إلا أنا... وفي كل حركة، وفي كل نفس، خطاباتكم مكرورة باهتة؛ مؤتمراتكم الصحفية مكررة مملة منافقة؛ وكذلك تغريداتكم، التي ما إن يشاهدها بعض السوريين حتى يرجمونكم بما تستحقون؛ ولكنكم لا تحسون ولا تستحون؛ وبكل وقاحة وبجاحة تعاودون الكرّة.

إن الظفر بصورة مع هذا المسؤول أو ذاك تعتبرونه منجزاً، وأنتم افتراضياً تمثلون القضية الأشرف في التاريخ الحديث؛ ولكنكم تهدرون هذه القيمة لانعدام وزنكم. إن الظفر الأكبر هو أن تكون صورتكم وأنتم تحققون أمراً ما لهذا الشعب المكلوم، وتلبية بعض طموحاته؛ والجنى الأكبر هو في تلاحمكم مع هذا الشعب، مصدر القوة والإلهام وعزة النفس؛ إنه في الحفاظ على كرامة ثورة شعب سوريا، وعزة نفسه، وتضحيات أبنائه؛ إن الظفر هو في العمل على رص الصفوف وراء المطالب، التي خرج السوريون من أجلها دافعين أغلى الأثمان؛ فلن يضيركم إن قبلت تلك الدولة أو رفضت؛ ولا يمكن أن تكونوا بانتظار إشارة من هنا أو هناك، حتى تقوموا بما تقومون به خدمة لمصلحة ما. ألستم سوريين؟!

عندما قَبِلَت المعارضة باللجنة الدستورية عام 2019، كان ذلك وفق محددات، أهمها ألا يُطوى بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254، وأن يتم العمل على سلة الحوكمة وتأسيس هيئة الحكم الانتقالي، والالتزام بالجدول الزمني. وبعد أكثر من 3 سنوات، لم تتمكن اللجنة من التوافق على حرف عطف بحجم الواو، ولم يعترف بها نظام الاستبداد، وعطّلها، وحاربها، بل وأوقفها؛ واستمريتم تسبحون في وهم أحلام اليقظة؛ فلا هي كانت "الجمعية التأسيسية" وما مسّت صلاحيات النظام أو أصغر مؤسسة من مؤسساته، ولم يَخَف النظام عندما رفض حضور "الجولة التاسعة" من أن يَسِمَهُ المجتمع الدولي بتعطيل العملية السياسية، ولا من إحاطات بيدرسن في مجلس الأمن، ولا خاف من أن تُمْنَعَ طائرة المقداد من الهبوط في نيويورك، أو أن يُمْنَعَ الحديث من على منصة الأمم المتحدة، التي تعرف جيدا أنه يجب أن يكون في المحاكم لا في الأمم المتحدة نفسها.

وبدلاً من أن يكون لكم ذلك الموقف المدوي، الذي ينم عن عظمة ثورة السوريين، غُصْتُم بالوهم أكثر، وصرتم تتمسكون أكثر بتلك اللعبة العبثية الساقطة، لغايات نعرفها؛ وقلتم مرة على أنها "مطلب حمزة الخطيب والبقية من شهداء سوريا"، فدعوتم بكل سذاجة ونقص إلى ضرورة أن يتم الضغط على النظام والروس، كي يأتوا إلى اجتماعات اللجنة الدستورية.

لقد اتخذتم  قراراً برفض "الخطوة مقابل خطوة"، لأسباب نعيها؛ فهي تنسف عملية الانتقال السياسي من جذورها، وتعزز دور النظام ووجوده، ولاعلاقة لها بقرارات مجلس الأمن؛ وللأسف نرى، ولكنكم لا ترون، أن هذه الاستراتيجية ماضية، ويذكرها المبعوث الدولي في كل إحاطة بشكل يزيد عن الإحاطة التي قبلها، وتتحدث عنها الدول ولا تستنكرها؛ وأخيراً، تخرجون أنتم وتقولون بأنكم لستم ضد "الخطوة مقابل خطوة"، ولكنكم تقبلونها وتريدون فقط معلومات عنها؛ وكأنه لا يوجد قرار ضدها، وكأنها تخدم مطالب السوريين وتضحياتهم، معتمدين في ذلك على اعتقادكم الخبيث بأن ذاكرة الجمهور كذاكرة السمك، وسينسى تعطيلكم المؤسسات الثورية وقوانينها؛ إذ لم يعد هناك وجود إلا للمطبلين والمزمرين؛ وأي شخص يذود عن حمى الثورة ويقف على مطالبها ويحاول التصدي لمن يخرج عنها سيكون مصيره التخوين وإلصاق التهم به، وإقصاؤه.

أيتها المعارضة؛ نحتاج مجلداً لرواية ما فعلتم، ولكن نسألكم إذا كنتم تقولون طالبنا المجتمع الدولي بكذا، وناشدنا، وفعلنا؛ ولكن نسألكم ماذا فعلتم  بمطالب ومناشدات السوريين لكم؟!

أيتها المعارضة؛ نحتاج مجلداً لرواية ما فعلتم، ولكن نسألكم إذا كنتم تقولون طالبنا المجتمع الدولي بكذا، وناشدنا، وفعلنا؛ ولكن نسألكم ماذا فعلتم  بمطالب ومناشدات السوريين لكم؟! ألا تدركون أن القرار 2254 للتطبيق وليس للتفاوض؟ أين أصبح "قانون قيصر"؟ أين حفرة التضامن؟ إلى أي حفرة تسحبوننا؟!

حقيقة، نسألكم: كم صوت خرج يطالب بوقف الانحدار السياسي وإنهاء الميوعة والانبطاح ووو… كم صوت سمعتم يقول لكم: "حلوا عنا، وافسحوا مجالاً لتداول السلطة، وابتعدوا عن احتكار المواقع، من قبل الأشخاص ذاتهم ومنذ سنوات... فسدتم، وأفسدتم، وتحاصصتم وأقصيتم، وارتزقتم، وتنفعتم على حساب ثورتنا ودمنا وآلامنا. كم صوت قال نريد إدارة رشيدة للمناطق المحررة، وحكومة تكنوقراط على الأرض، وجيش موحد، وعدالة وقضاء، واحترام لحقوق الإنسان... ألم تسمعوا مطالب المعلمين المضربين عن العمل الآن، واعتصامات العاملين في الحقل الطبي؟ ملايين الأصوات تقول لكم كفى كفى كفى، حلّوا عنا، حلّوا عن ثورة السوريين أيها ال…

 

*(هذا تكثيف لمئات الرسائل الواردة من سوريين حريصين على ثورتهم وأهدافها ضد الاستبداد والإجرام الأسدي؛ وجّهوها إلى المعارضة).