icon
التغطية الحية

خلايا "المقاومة الشعبية".. ما هي ومن وراءها وما حقيقة استهدافها لقواعد التحالف؟

2023.08.16 | 06:14 دمشق

نواف البشير رفقة المليشيا التابعة له
ذكر بشار الأسد "المقاومة الشعبية" بلقاء تلفزيوني في 2020 على أنها الخيار الأخير لإخراج القوات الأميركية من سوريا في حال لم تقبل بالانسحاب
إسطنبول - حسن النايف
+A
حجم الخط
-A

نشرت حسابات موالية للنظام السوري بياناً تتبنى فيه مجموعة تطلق على نفسها "المقاومة الشعبية" قصفاً صاروخياً استهدف قواعد "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة في حقلي العمر وكونيكو بريف دير الزور، بالإضافة إلى قذيفة صاروخية على قاعدة الرميلان جنوبي الحسكة، في 12 آب الحالي.

وأفادت مصادر محليّة شرقي ضفة نهر الفرات، لموقع "تلفزيون سوريا"، سماعها قرابة الساعة السابعة من مساء يوم السبت أصوات انفجارات بعيدة لم يحدد مكانها بالضبط، واستبعدت المصادر وجود استهداف فعلي لقواعد "التحالف الدولي" المتمركزة في حقلي كونيكو والعمر. قبل أن ينفي التحالف حدوث هجمات استهدفت قواعده الواقعة على يسار شريط نهر الفرات منذ أسابيع، واصفاً الأخبار المتداولة بأنها "مزيفة".

ما وراء "الهجوم الخلّبي"؟

ورغم نفي القوات الأميركية للهجوم فإن صفحات النظام وحسابات موالية تداولت البيان بغرض الترويج على ما تسميه "المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأميركي"، وأنها امتداد لمحور المقاومة الذي تقوده إيران وأذرعها.

ويرى محللون بأن ذلك لم يكن محض مصادفة، لا سيما أنه جاء بالتزامن مع تفعيل العقوبات الأميركية على نظام الأسد من جهة، وللإعلان عن دخول خلايا "تابعة للنظام" تحت وصف "الحراك الشعبي" إلى خانة الاتهام في استهداف مناطق وجود التحالف الدولي من جهة أخرى، وذلك للتخفيف عن قصف مقار ومواقع الميليشيات الإيرانية، في رد للتحالف على استهداف قواعده العسكرية، وقد نشهد مزيداً من إعلانها المسؤولية عن هجمات مماثلة.

ومع امتلاك التحالف في سوريا لأساليب وأدوات استخبارية متطورة في تحديد مصادر النيران وتتبعها بدقة، وذلك ما أثبتته الاستهدافات المركزة على منصات ومستودعات للنظام والميليشيات الإيرانية في مناطق عدة بدير الزور، فإن الإشارة إلى خلايا ما يسمى "المقاومة الشعبية" يأتي بمنزلة إعلان رسمي وإخطار بنقل المواجهة البعيدة إلى عمليات مباغتة ساحتها شرق الفرات. 

فمنذ بداية العام 2020، جرت العديد من الحوادث التي تشير إلى وجود خلايا تابعة للنظام السوري وإيران في المنطقة، أبرزها في شهر أبريل 2022، حين شن مسلّحون هجوماً على أحد حواجز "قسد" في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، حيث دارت اشتباكات عنيفة مع عناصر الحاجز، وقام المهاجمون برفع علم النظام السوري على الأعمدة الكهربائية قبل أن ينسحبوا إلى جهة مجهولة. 

ووفق تقارير إعلامية، فإن الأهالي في المناطق الواقعة على يسار ضفة نهر الفرات قلقون من تحركات النظام والميليشيات الإيرانية، معتبرين تهديدها لمناطقهم بأنه لا يقل خطورة عن تهديد خلايا "داعش"، محمّلين "قسد" و"التحالف الدولي" مسؤولية القضاء على خلايا النظام وإيران في مناطقهم. 

كيف تتعامل سلطة الأمر الواقع مع ذلك التهديد؟

على الرغم من شن قوات التحالف عمليات أمنية "محدودة" لملاحقة أشخاص من الخلايا التابعة للنظام وإيران في مناطق متفرقة من أرياف دير الزور والحسكة والرقة، (آخرها قبل نحو أسابيع في بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي)، فإن ذلك لم يمنع عمليات التجنيد التي تشرف عليها ميليشيا "الحرس الثوري" في مكاتب بالحسكة، وعبر شخصيات، بعضها عشائرية، في الحسكة ودير الزور.

وبحسب مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، فإن عناصر في "قسد" مسؤولون عن عمليات تهريب قياديين وشخصيات موالية للنظام السوري نحو مناطق شرق الفرات، وتأمين تنقلهم فيها لتلتقي مجموعات من الأهالي وتعرض عليهم الالتحاق في صفوف ميليشيات النظام وإيران مقابل تسهيلات تصل إلى تسوية ملفات المطلوبين للنظام فضلاً عن مرتب مالي.

وأكدت المصادر قيام المدعو نوّاف البشير بدفع أشخاص مقربين منه في مناطق سيطرة "قسد" للإشراف على عمليات التجنيد لصالح ميليشيا "الباقر"، التي يقودها مع أبنائه والتي تتبع لـ "الحرس الثوري"، حيث يحصل المجندون الجدد على أسلحة وذخائر توضع لهم في مكان يتم تحديده مع كل عملية توكل إليهم، ويتركز نشاط هذه الخلايا في مناطق من ريف دير الزور الشرقي والشمالي.

كما يشرف قياديون من ميليشيا "أسود الشرقية" التابعة للنظام السوري على عمليات تجنيد في مناطق من هجين وقرى الشعيطات.

وتضيف المصادر بأن النشاط الكبير وتقديم كثير من المغريات لم يغير من موقف الأهالي، حيث لا تلقى عمليات التجنيد تقبلاً إلا من بعض ضعاف الأنفس، وأن ما فضح تلك العمليات السرية هو محاولة الأهالي أنفسهم محاربة تدخل النظام السوري والميليشيات الإيرانية نحو مناطقهم، في ظل تقاعس واضح من "قسد" التي ينقسم عناصرها بين متورط بالتعاون مع الميليشيات، وآخرين هم المستهدفون.

وفي لقاء سابق أجرته وكالة “تسنيم” الإيرانية مع القيادي في "لواء الباقر"، عمر الحسين الحسن، والذي أشارت إليه الوكالة بأنه "أحد أذرع المقاومة الشعبية في منطقة الجزيرة السورية"، قال إن "المقاومة تنظر إلى قسد على أنها إحدى أدوات الاحتلال الأميركي في المنطقة الشرقية"، في إشارة واضحة إلى توجه عمليات تلك الخلايا.

كيف توغلت خلايا إيران في مناطق نفوذ قسد؟

جاء ذكر ما يسمى "المقاومة الشعبية" عام 2020 على لسان بشار الأسد في مقابلة مع وكالة "روسيا سيغودنيا"، كخيار أخير لطرد القوات الأميركية من سوريا في حال لم تقبل بالانسحاب.

وقال المحرر في شبكة "الشرقية 24"، معن النايف، إن إيران هي التي تدير عمليات التجنيد وتشرف عليها عبر أذرعها المتمثلة بـ "الحرس الثوري" وميليشيا "حزب الله" وحتى فروع النظام السوري الأمنية، التي تخدم بالاتجاه ذاته.

وأوضح النايف، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن عمليات التجنيد بدأت قبل نحو ثلاثة أعوام من خلال اجتماعات جرت في مطار القامشلي بين شخصيات موالية "عربية وكردية" مع قيادات من النظام، أبرزها رئيس مكتب الأمن القومي، علي مملوك، في 5 كانون الأول 2019.

وجرت خلال تلك الاجتماعات مناقشة تشكيل ما يسمى بلجان "المقاومة الشعبية"، لتنطلق بعدها جولة من اللقاءات التي دعمتها سياسة "قسد" القلقة آنذاك من انسحاب مفاجئ للقوات الأميركية من سوريا، حيث تم نقل مجموعات من المنضمين جوّاً عبر المطار ذاته إلى مدينة دير الزور لتلتحق بمعسكرات تدريبية خاصة يُشرف عليها "الحرس الثوري" بشكل مباشر، قبل أن يُعادوا إلى مناطقهم بصفة عناصر للميليشيات تحت مسمى "المقاومة الشعبية".

وفي وقت لاحق، تولى "الحرس الثوري" عمليات التجنيد في الحسكة عبر إرسال قيادييه إلى الحسكة وافتتاح مكتب له في مطار القامشلي، ليبدأ مع "حزب الله" بتدريب مجموعات من المجندين داخل محافظة الحسكة، حيث أشارت مصادر إلى افتتاح مكاتب "سرية" في عدد من القرى والبلدات جنوبي وشرقي الحسكة بهدف التجنيد لصالح "المقاومة الشعبية". 

ووفق مصادر متقاطعة، فإن العناصر الذين يتم تجنيدهم وتبقيهم الميليشيات الإيرانية ضمن مناطق سيطرة "قسد" اقتصر دورهم في الفترة الماضية على عمليات السلب وبث للشائعات التي تتماشى مع رواية النظام السوري، إضافة إلى بعض الكتابات المؤيدة للنظام وميليشياته وحالات رفع علم النظام في مناطق قسد.

وتشير المصادر إلى أن عدد المجندين خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم يتجاوز المئات، مع رفض لوجود النظام السوري وميليشياته ومطالبات شعبية برحيلها عن المنطقة.