تصاعدت حدّة الخطاب المُعادي للأجانب - خاصةً السوريين - في تركيا، منذ مطلع شهر أيار الجاري، وذلك بالتزامن مع فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي حُسمت لـ صالح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحزبه "العدالة والتنمية".
وكان هذا الخطاب يستهدف اللاجئين السوريين بشكل عام، قبل أن يتطور لاحقاً مع احتدام السباق الانتخابي الرئاسي وانتقاله إلى الجولة الثانية، ويطول شرائح مختلفة من الأجانب، شملت السيّاح والمقيمين.
ورغم ذلك كان للسوريين النصيب الأكبر من الخطاب المّعادي، حيث ما انفّك مرشح المعارضة (كمال كليتشدار أوغلو) يتوعّد - خلال حملته - بترحيل اللاجئين السوريين "فوراً" إلى بلادهم، في حال تفوّق على منافسه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.
كذلك نشرت المعارضة في الشوارع والساحات، لوحات دعائية عليها صورة لـ"كليتشدار أوغلو" إلى جانب عبارة (السوريون سيرحلون)، ما أثار مخاوف شريحة كبيرة من اللاجئين السوريين، ليس فقط من حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك)، بل تعدّت المخاوف إلى السوريين الحاصلين على الجنسية التركية.
- 172 ألف تغريدة ضد الأجانب في تركيا
نشرت "إيكاد" -منصة عربية لـ تحقيقات "استخبارات المصادر المفتوحة"- سلسلة تغريدات عن متابعة فريقها لـ"ساحة النقاش الافتراضية التركيّة"، مشيرةً إلى ارتفاع ضخم في خطابات الكراهية ضد الأجانب، خاصةً السوريين، وازدادت حدّته عقب انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وحلّلت المنصة طبيعة هذا النقاش الافتراضي التركي عن الأجانب والسوريين، للتأكّد من أنّ هذا النقاش هل كان تعبيراً خالصاً عن وجهة نظر الأتراك؟ أم أنه كان مطعّماَ بالذباب الإلكتروني؟
وذكر فريق المنصة، أنّ أعداد الخطابات المناهضة للأجانب في تركيا وصلت إلى نحو 50 ألف منشور يومياً، خلال الفترة من 23 نيسان إلى 15 أيّار، وأخذت موجة تصاعدية حتى وصلت ذروتها في 22 أيار، كاسرة حاجز الـ172 ألف تغريدة.
وأضاف أنّ الخطاب بدأ بالارتفاع بعد ظهور مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض (كمال كليتشدار أوغلو) بمقطع فيديو يوم 17 أيّار، زعم فيه إيواء تركيا لـ نحو "10 ملايين لاجئ".
وفي 20 أيار الجاري، ومع بداية تصويت الأتراك في الخارج للانتخابات الرئاسية في جولتها الثانية، ازداد زخم العِداء للأجانب - خاصةً العرب - تزامناً مع انتشار مقطع لرجل عربي كبير لدى وصوله مطار إسطنبول لتأدية حقه الانتخابي، ولم يتمكن الرجل من الإجابة باللغة التركية على المُذيعة التي صادفته، ما أدى إلى انتشار وسم (Türkçe)، الذي وصل التفاعل عليه إلى نحو 225 ألف تغريدة.
— Eekad - إيكاد (@EekadFacts)
May 28, 2023
وحلّل فريق "إيكاد" التغريدات التي كُتبت على "تويتر"، خلال الفترة من 23 نيسان إلى 22 أيار، والتي ضمت الكلمات والجمل الآتية: (عرب - سوريون - أفغان - لاجئ - هارب - أجانب)، ووردت ضمن خطاب عنصري مثل: "التعصب العرقي - اذهبوا - هنا تركيا - لاجئ - هارب - التجنيس - بيع الوطن - سيذهبون".
وأضاف أنّ عدد التغريدات وصل إلى مليون و127 ألفاً و280 تغريدة، كتبها 452 ألفاً و745 مشاركاً، محققةً معدّل وصول اقترب من حاجز الـ4 مليار، مشيراً الفريق إلى أنّه ما كان لافتاً للنظر هو عدد الحسابات المشاركة الذي كان قليلًا مقارنةً بعدد التغريدات.
وحوت التغريدات كلمات ذات دلالة عنصرية وعدائية تجاه الأجانب، خاصة العرب، مثل: "Düşman/ عدو، Bela/ بلاء، Cahil/ جاهل، إضافة إلى جملة Avantajlı ucuz işçi/ فرصة اليد العاملة الرخيصة".
ومن المقولات التي تمحور حولها النقاش، إنّ الأجانب يشاركون في تقرير مصير تركيا، وارتفاع الأسعار والتضخم سببه اللاجئون، إلى جانب أنّ الحكومة تصرف أموالًا طائلة عليهم، كما اعترض البعض على سياسة التجنيس، إضافةً لقول بعضهم إنّ "الفتيات التركيات لا يشعرن بالأمان بسبب اللاجئين المنحرفين".
وشارك في تلك الخطابات المناهضة للعرب، العديد من الشخصيات التركية الشهيرة، على رأسهم (كمال كيلتشدار أوغلو) منافس "أردوغان" على الرئاسة، والذي نشر فيديوهات عادى فيها عموم اللاجئين العرب.
ومن ضمن الشخصيات البارزة التي شاركت بالحملة "أوميت أوزداغ"، و"تانجو أوزجان" رئيس بلدية بولو وعضو حزب "الشعب الجمهوري"، الذي تفاخر بإلغاء عديد من تراخيص العمل الخاصة بالأجانب، وخفض عدد اللاجئين في ولايته.
- ذباب إلكتروني
أشار فريق "إيكاد" إلى أنّ الحسابات الأكثر تفاعلًا في تلك الحملات العنصرية، معظمها وهمية وذات أسماء معرفات غير حقيقية، ولديها معدّل تغريد يومي عالٍ بصورة كبيرة، وأبرز تلك الحسابات كان "İldeniz" المُنشأ في شباط 2023، وينشر 5800 تغريدة أسبوعياً، ما يُعد رقماً كبيراً، ويضع صورة حزب "الظفر" المعادي للاجئين.