أصبحنا نُدرِك بشكل متزايد العلاقةَ العميقة بين العقل والجسد، فمثلاً، إذا سبَق لك أن عانيتَ من تسارع ضربات القلب نتيجة نوبة الهلع، أو لاحظْتَ تعرُّق راحةِ اليد عندما تكون عصبياً، فأنت تَعرِف بالضبط ما نعنيه.
بالإضافة إلى الأعراض العاطفية مثل القلق أو الغضب أو الخوف، يمكن أن يَظهر التوتر والقلق أيضاً بعِدّة مظاهر في جسمك، بما في ذلك الأوجاع والآلام والتعب والصداع والدوخة، ومشكلات الجهاز الهضمي، وضَعْف جهاز المناعة، بل وأكثر من ذلك بكثير.
بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يكون القلق أحد أسباب الحكة، والتي قد تَظهر على شكل طفَح جلدي، والأكزيما، والصَّدَفية، وحَبّ الشباب. يُعرَف الشعور بالحكة بسبب القلق بالحكة النفسية، ويَحدث ذلك عندما تؤدي العوامل النفسية مثل القلق أو الاكتئاب إلى تفاقم الحكة، ويكون الشعور عموماً وكأنه إحساس مزعِج يؤدي إلى الحاجة إلى حكّ الجلد.
حكة الجسم عند التوتر والقلق
يرتبط التوتر بالحكة ارتباطاً وثيقاً، فقد تؤدي زيادة مستويات الكورتيزول (وهو هرمون التوتر) إلى زيادة التفاعلات الالتهابية، مما يُغيّر طريقة عمل الغدّة الكَظَرية، ما قد يؤدي أيضاً إلى حكة في الجلد.
كذلك، يلعب الدماغ دَوراً مهماً في الإحساس بالحكة، فعندما نَشعر بالحكة، يتم تنشيط المراكز الحسّية والحركية والعاطفية في الدماغ، ويمكن أن يؤدي هذا إلى دَورة من القلق والحكّة التي تؤثّر على سلوك المريض، وتؤدي إلى تفاقم التأثير على حياة الشخص.
وفي حين أنه لا يُعرَف كثيرٌ عن الحكة النفسية، يَعتقد الباحثون أنها حالة نادرة للغاية، وغالباً ما يتم تصنيفها بشكل خاطئ على أنها حكّة مَجهولة السبّب، أو حكة بلا سبب معروف. ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة الأمراض الجلدية السريرية، يمكن تصنيف الحكة الجلدية إلى ثلاث فئات رئيسة: أمراض الحكة التي تُسبب حالات نفسية، وأمراض الحكة التي تتفاقَم بسبب العوامل النفسية الاجتماعية، والاضطرابات النفسية التي تُسبّب الحكة (الحكة النفسية).
أمراض الحكة التي تُسبّب حالات نفسية
يمكن أن تؤدي أمراض الحكة الناجمة عن الأمراض الجلدية المزمنة والأمراض الجهازية والأمراض العصبية إلى اضطرابات نفسية، فعندما يعاني المرضى من حكة طويلة الأمد بسبب أمراض جلدية مزمنة، مثل الصَّدَفية أو الأكزيما، أو من أمراض عامة، مثل فَرْط نشاط الغدة الدرقية أو أمراض الكبد المزمنة، أو من حالات عصبية، مثل السكتة الدماغية أو التصلب المتعدد، يمكن أن تتأثر صحتهم النفسية بشكل كبير.
ويُعَدّ القلق والاكتئاب من أكثر العواقب النفسية شيوعاً للحكّة، ويمكن أن تكون الحكّة المزمنة الناتجة عن هذه الأمراض مؤلمة، وتؤثّر سَلباً على الصحة النفسية للمريض، مما يؤدي إلى حالات مثل القلق أو الاكتئاب.
العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى تفاقم أمراض الحكّة
من المعروف أن البيئة المسبّبة للتوتر يمكن أن يكون لها آثار سلبية على صحتنا النفسية والجسدية، بما في ذلك حالات الحكّة، إذْ يمكن أن يؤدي العمل وبيئات المعيشة والعلاقات وأحداث الحياة المؤلمة والأمور المالية، إلى التوتر الذي يؤدي إلى تفاقم حالات الحكة الجلدية.
على سبيل المثال، إذا كنت مصاباً بالصَّدَفية، وتعاني من قَدْر كبير من التوتر، فقد تتفاقَم أعراضك، بما في ذلك الحكّة، على الرغم من كون الصَّدَفية حالة وراثية. كذلك، قد يُسبب الإجهاد تفاقمَ مجموعة من حالات الحكة الجلدية، مثل الصَّدَفية والأكزيما.
الحكة النفسية
يمكن أن تسبّب اضطراباتُ الصحة النفسية الحكّةَ، ويُعرَف هذا أيضًا باسم الحكة النفسية أو حكة التوتر. الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بحكة التوتر هم الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والوسواس القهري والفصام، لأن حالات الصحة النفسية هذه غالباً ما تجعل الناس يَشعرون بالقلق الشديد والتوتر، مما قد يؤدي إلى حكّ بشرتهم بشكل مُفْرِط.
عندما يبدأ شعور القلق بالتصاعد، يمكن أن تصل استجابة جسمك للتوتر إلى حدٍ مُفْرِط، ويمكن أن يؤثّر هذا على جهازك العصبي، ويُسبب أعراضًا حسية، مثل حرقان أو حكة في الجلد، مع أو من دون علامات ظاهرة، وقد يؤدي ذلك إلى أمراض جلدية، مثل الأكزيما أو الصَّدَفية أو حَبّ الشباب، ويمكنك الشعور بهذا في أي مكان على بشرتك، بما في ذلك الذراعَان والساقَان والوَجه وفروة الرأس.
كيف تَعرِف أن التوتر قد يكون سبب الحكة التي تعاني منها؟
هناك عدة وسائل لتحديد ما إذا كان التوتر يسبب الحكة لديك، أحدها هو تَتَبُّع وقت حدوث الحكة، فإذا حدَث ذلك تحديداً في أوقات التوتر، فهذا مؤشّر على أن التوتر قد يكون السبب.
ويمكنك أيضاً ملاحظة ما تَشعر به عند اشتداد الحكة، فإذا كنت تَشعر بمزيد من القلق أو التوتر عند بدء الحكة، فهذه علامة أخرى على أن التوتر قد يكون هو السبب.
ومن الجدير بالذكر أنه يمكن أن تكون الحكة أيضاً علامة على وجود مشكلة أكثر خطورة، بما في ذلك:
- السكري.
- فقر الدم.
- مرض الكبد.
- السرطانات، مثل سرطانات الغدد اللمفاوية.
- التصلب المتعدد.
- مشكلات الغدة الدرقية.
متى يجب عليك زيارة الطبيب؟
يجب عليك زيارة الطبيب المختص واستشارته بشكل سريع إذا كان القلق والحكة يمنعانك من ممارسة حياتك بشكل طبيعي أو يتسببان في تلف الجلد.