icon
التغطية الحية

ثلاثة ملفات خلافية بين الأطراف الضامنة لمفاوضات أستانا

2018.11.29 | 12:11 دمشق

وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في مباحثات أستانا حول سوريا (رويترز)
فراس فحام - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

اختتمت الدول الضامنة اليوم الخميس الجولة الحادية عشر من مباحثات أستانا الخاصة بالملف السوري دون إحراز الكثير من النتائج، وجاء في البيان الختامي الصادر عن الضامنيين تعهداً ببذل المزيد من الجهود لإطلاق اللجنة الدستورية السورية.

وعبر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا "ستيفان دي مستورا" عن أسفه العميق لعدم إحراز تقدم ملموس لكسر ما وصفه "الجمود في العملية السياسية المستمر منذ 10 أشهر".

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن "أحمد طعمة" رئيس "وفد قوى الثورة العسكري" إلى أستانا قوله:"مانجم عن هذه الجولة من المفاوضات دون مستوى الطموح، لكن ميزة مسار أستانا أنه فعال على عكس باقي المسارات".

وأفادت مصادر خاصة من الوفود المشاركة في المباحثات لموقع تلفزيون سوريا بوجود عدة ملفات خلافية بين الدول الضامنة للمباحثات، وتتلخص الخلافات بمسألة تشكيل اللجنة الدستورية ومصير مدينة تل رفعت شمال حلب، والجهود الخاصة بتسهيل عودة اللاجئين وإعادة الإعمار.

 

اللجنة الدستورية

من المقرر أن تتشكل اللجنة الدستورية من 150 عضواً، ثلثهم من "المعارضة السورية" والثلث الثاني من النظام، وثلث يعرف بـ "ٌقائمة ديمستورا" والتي ستتضم مستقلين وممثلين عن منظمات المجمتع المدني.

وحدد كل من النظام والمعارضة في وقت سابق مرشحيهم من أجل المشاركة باللجنة، لكن الخلاف لايزال قائماً حول الخمسين اسماً الذين من المفترض أن يقدمها المبعوث الأممي "ستيفان ديمستورا"، حيث يرفض النظام السوري تدخل الأمم المتحدة في اختيارها، في حين تعارض روسيا وجود بعض الشخصيات فيها بدعوى أنها "موالية للغرب".

وقالت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أنه حتى الآن تم التوافق على قرابة نصف أعضاء قائمة ديمستورا فقط، ولا يزال الخلاف متركزاً حول 21 شخصية متبقية، وسيتم إفراد مساحة واسعة لنقاش الأسماء المتبقية خلال الجلسة الثانية من جولة المفاوضات الحالية والتي من المقرر أن تنعقد اليوم الخميس.

ويتضمن ملف تشكيل اللجنة الدستورية الشائك جزئية خلافية ثانية، وتتمثل في رفض روسيا تحديد أي مهلة لتسمية أعضاء اللجنة وانطلاق أعمالهم، في حين يصر وفد المعارضة السورية والجانب التركي على الاتفاق على إطار زمني يتم خلاله الانتهاء من تشكيلها.

ولايرغب النظام السوري بإنجاز تشكيل اللجنة الدستورية في ظل وجود "ستيفان ديمستورا" ويفضل تأجيل حسم أمرها إلى حين تسلمِ المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا "غير بيدرسون" لمهامه، وهو الذي تم تعيينه بعد موافقة روسيا والنظام على حدٍ سواء.

وكانت وكالة "إنترفاكس" الروسية نقلت يوم أمس عن مصدر في الوفد الروسي المشارك في المباحثات تأكيدات أن "تشكيل اللجنة الدستورية يتم بصعوبة من قبل جميع الأطراف، وأن روسيا لا تستعجل في هذا الأمر وستعمل على إقرار جميع أسماء أعضاء اللجنة مع نهاية العام الحالي".

 

مصير مدينة تل رفعت

في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني الحالي أجرى وزير الدفاع التركي "خلوصي آكار" اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي "سيرغي شويغو" وبحثا الاتفاق الموقع في "سوتشي" الخاص بخفض التصعيد في إدلب، وإقامة منطقة منزوعة السلاح هناك.

وأفادت وكالة الأناضول التركية بأن الوزيرين اتفقا على "مواصلة العمل المشترك وتحقيق السلام في كل من إدلب ومدينة تل رفعت".

وكانت "وحدات حماية الشعب" التشكيل الأكبر في "قوات سوريا الديمقراطية" قد سيطرت على مدينة تل رفعت ومطار منغ وعدة بلدات أخرى تقطنها أكثرية عربية في شهر شباط من عام 2016 تحت غطاء جوي من الطيران الروسي، ومنذ ذلك الحين تجمّع في المدينة ومحيطها مقاتلون من الوحدات التي تعتبرها أنقرة ذارعاً سورياً لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى تمركز الشرطة العسكرية الروسية فيها، وقوات من الحرس الجمهوري التابع للنظام السوري وكتائب من الميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً والمنحدرة من منطقتي نبل والزهراء شمال حلب، حيث تعتبر تلك الميليشيات أن التمركز في تل رفعت ضروري لتأمين مواقعها والنفوذ الإيراني في حلب.

وتوقفت عملية "غصن الزيتون" التي شنتها القوات التركية بالتعاون مع "الجيش الوطني السوري" في مطلع عام 2018 عند حدود السيطرة على منطقة عفرين، ولم تتمدد إلى مدينة تل رفعت أو مطار منغ وباقي القرى العربية المستولى عليها من قبل "قوات سوريا الديمقراطية"، وذلك بسبب رفض روسي – وإيراني مشترك لدخول القوات التركية لها.

وأكدت مصادر عسكرية لموقع تلفزيون سوريا أن قوات النظام السوري والميليشيات المدعومة إيرانياً المتمركزة في بلدة كشتعار غرب مدينة تل رفعت قصفت البارحة مواقع خاضعة لسيطرة الجيش التركي في منطقة عفرين، لترد المدفعية التركية باستهداف تجمعات الميليشيات في كشتعار وعقيبة.

وجاء القصف المتبادل بالتزامن مع محاولة "وحدات الحماية" التسلل إلى مواقع "الجيش السوري الحر" بالقرب من بلدة المالكية شمال غرب "تل رفعت"، لتجسد الاشتباكات والقصف المتبادل حالة الخلاف بين الدول الضامنة لمباحثات أستانا حول المنطقة.

وزار الوالي التركي المكلف بمتابعة ملف "المناطق العربية" شمال حلب الخاضعة لسيطرة "وحدات الحماية" يوم أمس الأربعاء مخيم نازحي تل رفعت والقرى المجاورة لها الواقع في بلدة سجو، والتقى أعضاءً من المجلس المحلي وبحث معهم احتياجات النازحين الإنسانية والغذائية، لكن دون الإشارة إلى أية مستجدات متعلقة بالعودة إلى مدنهم وقراهم.

 

اللاجئون وإعادة الإعمار

منذ إخضاع روسيا للغوطة الشرقية ومحافظة درعا وإخراج فصائل المعارضة السورية منها، ركزت موسكو على قضية إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم للتأكيد على انتهاء الأزمة السياسية بالبلاد، وضمان تفعيل جهود "إعادة الإعمار" واستقطاب الأموال الغربية اللازمة من أجل تحقيق ذلك.

ورغم طرح "إعادة اللاجئين" و "إعادة الإعمار" في قمة إسطنبول التي انعقدت بحضور زعماء تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا في شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، فإنه لم يحصل أي اختراق أو تفاهمات حولهما.

وأكدت دول الاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية مراراً على أنهم لن يمولوا أي مشاريع تتعلق بـ "إعادة الإعمار" دون حصول انتقال سياسي حقيقي في السلطة بسوريا.

وتشترك تركيا مع بروكسل وواشنطن برؤيتهما فيما يتعلق بضرورة تحقيق الانتقال السياسي قبل الحديث عن عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، وقد أشارت الرئاسة التركية مؤخراً إلى موقفها على لسان الناطق باسمها "إبراهيم كالن" حيث أكد أن "بشار الأسد غير قادر على إدارة المرحلة، وأن سوريا تحتاج إلى قيادة جديدة".

واستبق وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" انعقاد الجولة الجديدة من مفاوضات أستانا، وأطلق تصريحات قبل يوم واحد فقط شدد فيها على موقف بلاده من إعادة اللاجئين قائلاً:" اللاجئون السوريون المقيمون في تركيا سيعودون إلى بلادهم فور شعورهم بوجود الأمان فيها، ولن نجبر أي شخص على العودة".

وفي ظل الخلافات حول الملفات المذكورة يبدو أن جهود الدول الضامنة ستركز على مسألة المعتقلين فقط، والتي يتم تسويتها من خلال "تبادل أسرى"، وقد كشف مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا "ألكسندر لافرينتيف" عن عمليات جديدة لتبادل الأسرى بين النظام السوري والمعارضة مع حلول عام 2019، في حين يبدو أن استمرار "خفض التصعيد" أو المراوحة بين التصعيد الروسي الجزئي أو العمليات العسكرية المحدودة في إدلب سيكون مرتبطاً بشكل أساسي بمدى إحراز التقدم في المسارات العالقة وتحديداً المرونة التي ستبديها المعارضة وتركيا للشروط الروسية الخاصة بتشكيل اللجنة الدستورية، وبمدى استجابة أنقرة للتعاون مع موسكو بتسهيل إعادة اللاجئين ودعم جهود إعادة الإعمار.