icon
التغطية الحية

تعلم اللغة والطبخ واعتناق الدين.. ملامح لتأثّر المجتمع الألماني بـ"اللاجئين"

2023.04.04 | 08:31 دمشق

إفطار جماعي في ألمانيا ـ تلفزيون سوريا
إفطار جماعي في برلين ـ تلفزيون سوريا
برلين ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

في أول يوم رمضاني تفاجأت عائلة أبو نجيب بأن جارتهم الألمانية قد حضّرت لهم طبقا من النودلز مع اللبن وأحضرته قبل الإفطار، قائلة: "عندما تناولت معكم العام الماضي الطعام في أول يوم من رمضان كان طعمه لذيذا، وأذكر القصة المرتبطة لديكم بتحضير أطباق اليوم الأول والتي يفضل البعض أن تكون باللون الأبيض كنوع من التفاؤل والسعادة بحلول رمضان، أنا لا أعرف تحضير تلك الأطباق الشهية واستعضت عنها بالنودلز المشتركة مع طبقكم باللون".

يقول أبو نجيب: "منذ أن وصلنا إلى ألمانيا عام 2015 حرصنا على دعوة الجيران لمشاركتنا في مناسباتنا واحتفالاتنا الدينية والاجتماعية، ومع مرور الوقت باتت معرفة المحيط بنا بعاداتنا وتقاليدنا جيدة ويظهرون كل الاحترام لنا ولعاداتنا".

ويضيف أبو نجيب في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "ربما قصدت جارتنا طبق الشاكرية لأننا دعوناها مرارا لتناوله معنا، واللافت بالموضوع أنها تذكرت أن العائلات السورية تستقبل شهر رمضان كما أخبرناها منذ سنوات، بأطباق ذات لون أبيض مثل الشيشبرك، والشاكرية، وشيخ المحشي، والأكلات التي يدخل اللبن فيها بشكل واضح، أملاً أن تكون الأيام التالية بيضاء كلونه".

ويلفت أبو نجيب إلى مدى تقبل المجتمع الجديد لعادات وأجواء الوافدين الجدد، وفي الوقت الذي تنشط فيه العديد من المراكز بحثية الاجتماعية للحديث عن مدى اندماج الوافدين الجدد في المجتمعات المجتمعات المضيفة، تبرز أهمية دراسة ظاهرة مدى قدرة الوافدين الجدد على التأثير في المجتمعات المستضيفة.

إفطار جماعي في برلين ـ تلفزيون سوريا

ويختم أبو نجيب بالحديث عن مدى عشق المجتمع الألماني للطعام العربي حتى وصل الحال بالبعض في محاولة صناعة التمر هندي والعرقسوس في المنزل حيث أخبره أحد جيرانه بأنه نجح بتحضير المشروبات الخاصة في رمضان وقال له: "مشروب التمر هندي كان لذيذاً جدا لكنني لم أستطيع أن أشرب أكثر من نصف كوب من العرقسوس".

إقبال على تعلم اللغة العربية

مع حلول إجازة نهاية الأسبوع يحرص كريستوف على اصطحاب طفله أوليفر إلى مدرسة اللغة العربية في حي نويكولن وسط برلين. حيث أسست إحدى الجمعيات قبل خمسة أعوام مشروعا طوعيا يهدف إلى نشر تعليم اللغة العربية لأطفال المهاجرين وغير الناطقين بها.

ويعرب كريستوف لموقع "تلفزيون سوريا" عن سعادته لوجود هذا المشروع في برلين، وهو بذل الكثير من الجهد من أجل تعلم اللغة العربية لعشقه لآداب هذه اللغة على حد تعبيره، لكن ابنه كان محظوظا حيث انتشرت مراكز تعليم العربية.

عبد الكريم درويش هو أحد القائمين على المشروع يقول لموقع تلفزيون سوريا: "ظاهرة إقبال الألمان على تعلم اللغة العربية لافتة للنظر، في البداية كان هدفنا الوصول إلى أبناء المهاجرين على مبدأ الحفاظ على اللغة الأم للقادمين من الدول العربية، لكن إقبال الألمان وباقي الجنسيات الأجنبية لا يقل عن إقبال أبناء الجالية العربية، المشروع تم طرحه بشكل بسيط ببداية عام 2018، وتطور المشروع بشكل متدرج ليصبح مشروعا كبيرا ومهما بالنسبة لأكثر من130 طالباً وطالبة بوجود نحو 25 طالباً ألمانياً ممن انضموا لأجل تعلم اللغة العربية".

ويختم كريستوف كلامه "طفلي أحب المدرسة وأحب تعلم اللغة، حيث نجح المشرفون على المشروع في تقديم اللغة العربية إلى الأطفال بطريقة مبتكرة وعن طريق اللعب، وطرائق التدريس الجديدة تركز على التحايل على الطفل من أجل أن يدرس ويتعلم وبالوقت نفسه يستمتع وهو ما تعتمده المدرسة العربية".

 اعتناق الدين الجديد

مع مطلع شهر رمضان الجاري، أعلن شاب ألماني وقبل صلاة التراويح الأولى في المسجد الباكستاني بحي ليشتنبيرغ، دخوله الإسلام.

وذكر الشاب جويل أنه وخلال السنوات السابقة كان قد تعرف على بعض الزملاء المسلمين في المدرسة والذين لهم الفضل في إثارة الفضول لديه في البحث والقراءة عن الدين الإسلامي إلى أن وصل إلى القناعة التي دفعته لاعتناق الدين الإسلامي.

في عام 2014 قالت إحدى الدراسات إن نحو ألفي شخص يعتنقون الإسلام في ألمانيا سنوياً. ومنذ ذلك التاريخ وبعد وصول موجة اللاجئين تضاعفت أعداد المعتنقين للدين الإسلامي.

وبحسب تصريح مدير الأرشيف الإسلامي في مدينة سوإيست غرب ألمانيا سليم عبد الله، لوسائل الإعلام فإنه لا أحد يعرف العدد الحقيقي لمعتنقي الدين الإسلامي في ألمانيا، لأن المساجد والجمعيات الإسلامية لا تقوم بتوثيق حالات اعتناق الإسلام إلا نادراً، كما أن من ينطق بالشهادتين في بيته فهو بعيد عن دائرة التوثيق.

يقول الخبير الاجتماعي أنس جباعي لموقع تلفزيون سوريا إنّ القواسم المشتركة لمعتنقي الإسلام هي استعداد المعتنقين لاعتماد أسس جديدة في حياتهم شاهدوها لدى المهاجرين الجدد، بسبب تجارب خاصة عايشوها مع من وصل من البلدان الإسلامية في السنوات الأخيرة".

ويضيف جباعي بأن العديد من الألمان يبدون اهتماما كبيرا بالإسلام، لكونه يشمل تصورا واضحا عن الحياة، وهذا يشمل العادات بكل تفاصيلها من الملبس أو المأكل، أو الشعائر، أو العلاقة بين الجنسين، فإن المجتمع الألماني وجد أجوبة واضحة ومحددة عن كل هذه القضايا. وهي "منظومة يثمنها المعتنقون ويجدونها مثمرة وطيبة".