icon
التغطية الحية

تضاعفت خلال أيام.. كيف يتحكم التجار بأسعار المتة في سوريا؟

2022.09.16 | 20:00 دمشق

1
دمشق ـ جنى نجار
+A
حجم الخط
-A

تفاقمت أزمة الغلاء في مناطق سيطرة النظام خلال الفترة الماضية لتلقي بظلالها على معيشة السوريين بكافة تفاصيلها، من مأكل ومشرب وملبس، لتصل أخيراً إلى المشروب المفضل لفئة واسعة منهم، المتة.

المتة مشروب شعبي يعتبر من أكثر المواد التي يتم التلاعب بأسعارها من قبل التجار، عبر قطعها عن الأسواق لفترات طويلة نسبياً ومن ثم إعادة طرحها بأسعار أعلى، وهو ما حدث أخيراً إذ تضاعف سعرها خلال أيام معدودة.

سعر المتة في سوريا خلال 12 عاماً

شهد سعر مادة المتة تغيّرات كبيرة منذ عام 2010 وحتى تاريخ اليوم، حيث كانت تباع بـ 25 ليرة سورية (وهي قطعة نقدية معدنية لم تعد متداولة اليوم)، ليبدأ سعرها بالارتفاع التدريجي في عام 2011، وتسجّل في العام الذي يليه 50 ليرة للعبوة التي تزن 200 غرام.

بين العامين 2012 و2013 انقطعت المتة لما يقارب الشهرين وكان من المستحيل الحصول عليها بأي شكل من الأشكال، وذلك بسبب منع شحنها من البلد المنتج الأرجنتين بالإضافة لاحتكار التجار لها، ثم عادت بسعر 150 ليرة في العام 2013، في حين تضاعف سعرها في العام التالي ليصبح 250 – 300.

واستمر سعر المتة في الارتفاع إلى حين لامست، في عام 2018  الـ 500 ليرة سورية، وهنا ربط التجار سعرها بسعر الصرف ليبدأ سيناريو الزيادة مع كل تخبط بسعر الليرة.

في العام 2019 وصل سعر العبوة الواحدة إلى 1500 ليرة، ومع انتشار فيروس كورونا وارتفاع أسعار المواد الغذائية الكبير، ارتفع سعرها ليصل في العام 2020 إلى نحو 3000 ليرة، فيما عاود الارتفاع في العام التالي ووصل سعرها إلى 3500 ليرة سورية.

أسباب انقطاع المتة

عادة ما تنقطع المتة من الأسواق لفترات ثم تعود لتباع بسعر أعلى، ورغم اختلاف أسعار أنواعها فإنه يبقى متقارباً. مؤخراً اختفت المتة من نوع "بيبوري" من الأسواق بسبب بيع الموردين لها بـ 7 آلاف ليرة للعبوة الواحدة، أي 21 ألفاً للكيلو الواحد.

وبحسب "أبو رامي"، وهو صاحب سوبر ماركت في ريف دمشق، فإن الشركة الموردة للمتة تقوم بتوزيع عشر عبوات صغيرة من كل نوع وخمس عبوات كبيرة فقط، يقول: "التوزيع لا يتم بشكل أسبوعي، بل يغيب موزعو الشركة لفترات ويظهر بدل منهم أفراد يقومون بشراء المتة من الشركة وتوزيعها على التجار بسعر أعلى، وإذا كنتُ مضطراً أقوم بالشراء منهم مع أن أسعارهم أغلى من الشركة بألفين إلى ثلاثة آلاف ليرة".

"سعد" صاحب محل تجاري يعلق على ذلك بالقول: "أقتني نوعاً واحداً من المتة وهو نوع الخارطة لأنه الوحيد الذي تقوم الشركة بتوزيعه دائماً حيث يبلغ سعر العبوة من حجم (250 غرام) أربعة آلاف ليرة، أما باقي الأنواع فلا أشتريها لأن موزعيها يتلاعبون بأسعارها ويتحكمون بنا نظراً لحاجتنا لها".

بين كل خمسة محال تجارية ستجد واحداً فقط يبيع مادة المتة، والأنواع الأكثر توافراً هي "الخارطة" و"سابروسا"، يقول أحد التجار بأنه لا يشتري المتة بـ 7 آلاف ليرة لأنه سيضطر لبيعها بأكثر من ذلك وهو يرى أن أحداً لن يشتريها بهذا السعر لذلك يمتنع عن بيعها.

في حين يتحدث تجار آخرون عن عمليات تصدير غير نظامية للمتة للدول التي تقطن فيها أعداد كبيرة من السوريين، مثل تركيا ومصر وغيرها، وبذلك يحصل المستوردون لهذه المادة على أرباح أكبر نظراً لبيعها بسعر أعلى في هذه الدول.

وكان قد نفى رئيس دائرة الإعلام في وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام السوري، صفوان درغام، في تصريح له الشهر الفائت ارتفاع سعر المتة أو غيابها من السوق، مبيناً أن المحتكرين هم سبب المشكلة.

وفي وقت لاحق أكدت لجنة التسعير المركزية في الوزارة، على لسان مديرها نضال مقصود، أنه تم تثبيت أسعار عشر سلع من بينها المتة وذلك نظراً لعدم وجود اختلافات في كلفة هذه المواد، إلا أن سعر المتة ليس ثابتاً في الأسواق، ويختلف سعرها بين منطقة وأخرى  فالعبوة الكبيرة ذات الـ 500 غرام تباع بـ 10 آلاف في متجر وفي آخر بـ 12 ألفاً.

مشروبات بديلة

وعلى اعتبار أن مشروب المتة هو من الأكثر انتشاراً في سوريا، وخاصة مع ارتفاع أسعار القهوة والشاي، فإن غلاءها المستمر يضعها في صفوف المواد التي بدأ المواطن السوري محاولة تقنينها، فما هي المشروبات البديلة؟

في نظرة سريعة لقائمة الأسعار يبدو أنه لا بديل، فجميع المواد في ارتفاع حيث يبلغ سعر ظرف النسكافيه كلاسيك من شركة "نسله"، والذي يصنع كوباً واحداً، 1500 ليرة سورية، في حين تباع العلبة كاملة والتي تحتوي 24 ظرفاً 31 ألف ليرة، ويباع ظرف السيتي كافيه، وهو نوع وطني من النسكافيه بـ 600 ليرة سورية ويعتبر أقل طلباً نظراً لأنه تقليد للنوع الأصلي ومذاقه مختلف.

في حين يباع النسكافيه بلاك بـ 7500 للعبوة الصغيرة من حجم 100 غرام و8500 ليرة لـ 150 غراماً، بينما تغيب باقي منتجات شركة "نسله" من السوق، مثل "الميلو والحليب" وتباع عوضاً عنها منتجات لشركات أخرى غير معروفة.

وحسب أحد التجار فإن المواد الموجودة من شركة "نسله" في السوق هي مواد كانت مخزنة ويتم بيعها الآن بأسعار أغلى نظراً لتوقف الشركة عن الإنتاج.