icon
التغطية الحية

تحديات تواجه القطاع الزراعي في رأس العين وتل أبيض.. ما الحلول؟

2024.02.17 | 15:46 دمشق

ر
صورة تعبيرية - رويترز
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

يعاني القطاع الزراعي في منطقتي تل أبيض ورأس العين، الخاضعتين لسيطرة الجيش الوطني السوري، شمال شرقي البلاد، من تحديات مختلفة، سواء على المستوى الحكومي، أو الاقتصادي والأمني.

ونشر مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، دراسة بعنوان "واقع وتحديات القطاع الزراعي في رأس العين وتل أبيض"، تحدث فيها عن أهم التحديات، ثم طرح عدداً من التوصيات لتحسين واقع الزراعة في المدينتين الواقعتين في ريفي الرقة والحسكة الشماليين قرب الحدود مع تركيا.

تحديات القطاع الزراعي

في ظل الواقع الحالي، يواجه القطاع الزراعي في رأس العين وتل أبيض تحديات متعددة الأبعاد. أبرز هذه التحديات يكمن في التداخل بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة في القطاع، ممّا يعقّد عملية صنع القرار، ويؤثر سلباً على الإنتاجية والفعالية. وتفاقمت هذه التحديات بسبب الظروف الأمنية المتقلبة، ويمكن تصنيفها كما يلي:

  • تحديات حوكمية

يمكن تقسيم الفواعل المسؤولة عن قطاع الزراعة في كل من رأس العين وتل أبيض كما يلي:

  • المنسق التركي في ولاية شانلي أورفا.
  • وزارة الزراعة التابعة للحكومة السورية المؤقتة والمديريات التابعة لها مثل: المديرية العامة للأعلاف والثروة الحيوانية، والإدارة العامة للبحوث العلمية الزراعية. ووزارة الاقتصاد والتي تتبع لها المؤسسة العامة لإكثار البذار. والمجالس المحلية وغرف الزراعة والموارد المائية والتي تتبع نظرياً لوزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة.

ونشأت تداخلات في الاختصاصات وزيادة في تعقيد عملية صنع القرار نظراً لوجود عدة جهات فاعلة، إذ تُدار مسؤوليات القطاع الزراعي من قِبل ثلاث وزارات في الحكومة السورية المؤقتة؛ الاقتصاد، والزراعة، والإدارة المحلية، دون وجود تنسيق محوري يهدف إلى تنظيم وتطوير القطاع الزراعي ومعالجة مشكلات المزارعين.

ويعد المكتب الزراعي ضمن المجلس المحلي أحد الفاعلين في القطاع، ويضم عدداً من الموظفين بينهم مهندسون وفنيون في مجال الزراعة وأطباء بيطريون، ويساهم بالتخطيط ودراسة مشاريع الري والزراعة.

  • تحديات اقتصادية وسياسية

أدت مجموعة من الأسباب الاقتصادية إلى تدهور القطاع الزراعي في المنطقة، تشمل ارتفاع تكاليف المواد الأولية كالمحروقات، والبذور، والأسمدة، والمحروقات، والكهرباء، وغيرها من مستلزمات الزراعة، إلى جانب عدم توافر الدعم المالي الكافي من الجهات المختصة للمزارعين وغياب أسواق محلية وخارجية فعّالة لتسويق المنتجات بأسعار مجزية، بالإضافة إلى انتشار الاحتكار وشراء المحاصيل بأسعار منخفضة.
 

على صعيد التسويق، يضطر بعض المزارعين إلى بيع محاصيلهم لمكتب الحبوب التركي “TMO” من جراء عدم قدرة الحكومة السورية المؤقتة على شراء كامل المحصول الزراعي، ويطلب مكتب الحبوب من المزارع فتح حساب في مؤسسة البريد التركية (PTT) ليتقاضى الثمن بعد فترة تتراوح بين 20 إلى 25 يوماً، ويضطر المزارع للتعامل مع شركات خاصة مرتبطة بفصائل "الجيش الوطني" تشتري المحاصيل من المزارعين بأسعار منخفضة وتبيعها في تركيا.

أما على صعيد تكاليف الإنتاج: تبلغ كلفة زراعة دونمين من القمح في رأس العين نحو 142 دولاراً لإنتاج طن واحد من القمح، مع تكاليف إضافية للحصاد، الأسمدة، الأدوية، و25 دولار محروقات، 10 دولارات أكياس، و29 دولار عمالة، و14 دولار زكاة، ليصل مجموع التكاليف إلى 220 دولاراً لكل طن. كما يدفع المزارع 10دولارات للمجلس المحلي تحت اسم "رسم شهادة المنشأ الزراعي" عن القطن و5 دولارات عن القمح والشعير، و500 ليرة تركية كرسوم تصدير إلى تركيا.

في المقابل، يُباع الطن بنحو 285 دولاراً، ويبقى المبلغ المتبقي ربحاً وقدره 65 دولاراً على كل 2 دونم، أي 3,250 دولاراً على الـ100 دونم، وهو مبلغ قليل إذا قُسّم على مدار السنة (270 دولاراً) بالكاد يكفي احتياجات الأسرة ويغطي متطلبات المزارع للموسم القادم .

فيما يتعلق بالتحديات السياسية فقد ساهمت الضغوط الأميركية والأوروبية وبعض الدول العربية على تركيا بعد العملية العسكرية، بآثار سلبية على اقتصاد المنطقة واستقرارها من ناحية نقص المنح المالية الدولية تجاه المنطقة، وغياب صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا والعديد من المنظمات السورية والأجنبية العاملة في ريف حلب، على الرغم من صدور إعفاء للمستثمرين والشركات الخاصة من العقوبات الأميركية في شباط من العام 2022 حيث شمل قانون وزارة الخزانة الأميركية تل أبيض ورأس العين.

  • تحديات أمنية

ألقى الواقع الأمني بظلاله على وتيرة عودة السكان النازحين وبينهم المزارعون إلى "نبع السلام"، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى عودة 28,525 شخصاً بين أعوام 2020 وشهر آذار 2023 من تركيا معظمهم من محافظات دير الزور والحسكة، وتعد هذه الأعداد قليلة جداً لعدة اعتبارات.

كما أثّر انتشار فصائل "الجيش الوطني" في مدن وبلدات رأس العين وتل أبيض على القطاع الزراعي من خلال فرض ضرائب ورسوم على عبور الشاحنات التي تنقل محاصيل زراعية إلى تركيا أو من منطقة إلى أخرى مقابل 5 دولارات على كل طن؛ مما يزيد الضغط المالي على المزارعين ويؤثّر على عوائد الزراعة المالية.

توصيات مقترحة

  • توصيات حوكمية وإدارية

- تعزيز التواصل المباشر بين المنسق التركي والحكومة السورية المؤقتة، من خلال إنشاء لجنة متابعة مشتركة لمراقبة التقدم وتنفيذ القرارات بالإضافة لتحديد أجندة عمل مشتركة بين الجانبين بما يضمن حل المشكلات العالقة.

- تطوير استراتيجيات وسياسات شاملة من قبل وزارة الزراعة، من خلال إجراء دراسات ميدانية شاملة لتحديد احتياجات الفلاحين الفعلية، وتشكيل فرق عمل تخصصية لكل محصول (الحبوب، الفواكه، الخضار)، وإشراك المزارعين في عملية التخطيط وصنع السياسات.

- دمج مديرية إكثار البذار ضمن وزارة الزراعة لتعزيز قدرتها على توفير بذور محسّنة للمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن. وتقديم حزمة من البرامج التدريبية لمساعدة الموظفين على جمع الإحصاءات وتحليلها وتقديم مؤشرات بالمحاصيل الزراعية والأمراض التي تصيب كل محصول والتنبؤات اللازمة بالطقس.

- تأسيس نقابات وجمعيات زراعية لتسهيل نقل مشكلات المزارعين ومطالبهم إلى المكاتب الزراعية، وتعزيز التعاون ضمن مناطق المعارضة في ريف حلب. وكذلك تنظيم فعليات وورش عمل ودورات تدريبية للفلاحين.

- قطع تدخلات الفصائل العسكرية بالقطاع الزراعي والمزارعين، وإيجاد صيغة مناسبة للحد من التجاوزات. واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تهريب المحاصيل إلى مناطق "الإدارة الذاتية" (قسد) أو مناطق سيطرة النظام.

  • توصيات اقتصادية

- إيجاد حل لمشكلة شهادة المنشأ في مناطق المعارضة بالتنسيق بين وزارة الزراعة وتركيا، ووضع معايير السلامة والجودة ومطابقتها مع المواصفات الدولية.

- إنشاء صندوق مالي زراعي تحت إشراف لجنة من التقنيين والمختصين في الداخل والخارج، يغطي كل مناطق المعارضة، وبدعم من السوريين المغتربين، يركز على تقديم التسهيلات المالية والائتمانية للمزارعين بهدف تحسين الإنتاج الزراعي وتعزيز استدامته.

- تحفيز القطاع الخاص على تأسيس شركات استثمارية في الزراعة والصناعات الغذائية، إذ من شأن هذا أن يساهم في زيادة الإنتاج الزراعي، وتعزيز الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل، ودعم ربحية المزارعين.

- تحويل البرامج الإغاثية إلى برامج تنموية مستدامة تدعم القطاع الزراعي، مثل دعم مشاريع الري الحديث، وتطوير مزارع شمسية لإنتاج الكهرباء، وتبني أساليب زراعية حديثة وفعالة.

إنشاء سوق للمحاصيل الزراعية يخدم مناطق المعارضة ككل، ويعمل على تجميع وبيع المحاصيل وفق آليات العرض والطلب، مما يساعد في ضمان استقرار الأسعار وشفافيتها.