icon
التغطية الحية

بعد مراسيم النظام.. القطاع الاقتصادي في دمشق متورط "بجرم" الصرافة

2024.01.29 | 17:11 دمشق

آخر تحديث: 29.01.2024 | 19:48 دمشق

بعد مراسيم النظام.. القطاع الاقتصادي في دمشق متورط "بجرم" الصرافة
بعد مراسيم النظام.. القطاع الاقتصادي في دمشق متورط "بجرم" الصرافة ـ إنترنت
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

بعد تلميحات سابقة لوزير الاقتصاد في حكومة النظام السوري سامر الخليل، بأنه يتم العمل على دراسة تعديل مرسوم تجريم التعامل بالقطع الأجنبي "بما يحقق ارتياحا للشارع السوري بشكل عام، والقطاع الاقتصادي بشكل خاص" ولكن تبعاً لما تناقلته بعض صفحات ووسائل الإعلام، فإن القطاع التجاري ُصدم بالنتيجة.

مصدر رزق لخزينة النظام

ما بدا يروج إليه الخليل، هو ذاته ما يطالب به الشارع السوري الذي بات يعتمد بشكل متزايد وأوسع على الدولار الأميركي بأغلب التعاملات، لكن ما يزال ذلك في الخفاء، وبدلأً من إتاحة التعامل بالقطع الأجنبي لبعض الفعاليات التجارية والاقتصادية على الأقل، أكد المرسوم رقم 5 لعام 2024 الصادر مؤخراً، على عقوبة المتعاملين بغير الليرة السورية وهي الحبس لمدة قد تصل إلى أكثر من 7 سنوات، لكنه سمح لهم بتسوية أوضاعهم أمام القضاء بدفع مبالغ مالية تذهب لصالح الخزينة، أي أنه استغل المنع والتشدد به، وحوّله إلى مصدر رزق للخزينة.

وتجري تلك التسوية بحسب المرسوم الجديد أمام المرجع القضائي الناظر في الدعوى، فإذا تمت التسوية تلك قبل صدور حكم قضائي مبرم فإن مبلغ التسوية يحدد بما يساوي قيمة المدفوعات والمبالغ المتعامل بها، المضبوطة والمدونة في القيود الورقية والإلكترونية، وتؤول المبالغ الناجمة عن التسوية إلى خزينة الدولة، وتسقط الدعوى العامة بحق المتعامل ويعفى من التعويض المدني، أما إذا تمت التسوية بعد صدور حكم قضائي مبرم فإن مبلغ التسوية يحَدّد بالغرامة المتمثلة بضعفي قيمة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها إضافة إلى الالتزامات المدنية والتعويضات المحكوم بها.

غالبية الفعاليات التجارية تتعامل بالدولار

قبل المرسوم هذا وبعده، وأغلب الفعاليات التجارية تتعامل بالدولار سواء بتقييم البضائع فقط والمحاسبة بما قيمته بالليرة السورية، أو دفع أغلب المستحقات بالقطع الأجنبي والباقي بالليرة السورية، أو بالدفع والقبض بالدولار الأميركي، وأغلب هذه الحالات تتم بين المستوردين والمصدرين، وتجار الجملة ونصف الجملة، بينما يتم البيع بالمفرق بالليرة السورية لكن بما قيمته بالدولار الأميركي.

يقول عثمان لموقع تلفزيون سوريا وهو تاجر غذائيات، أن تقييم البضائع يتم بالدولار وغالباً ما تتم محاسبة الموردين بالدولار الأميركي، وهذا بات رائجاً منذ سنوات وبات عرفاً في الفترة الأخيرة. ويضيف "بات من الصعب جداً أن تحمل معك مبالغ ضخمة وتنقلها بين التجار، ومن غير المعقول أن تستمر عملية قطع الحسابات لساعات، بينما يساعد هذا الأسلوب بتفادي قضية انخفاض قيمة الليرة بين الحين والآخر وتآكل رأس المال".

 يؤكد رائد (اسم مستعار) وهو تاجر بطاريات، أن جميع تعاملات سوق الكهرباء تتم بالدولار الأميركي لكن بين التجار فقط، وإن لم تكن جميع المبالغ تتم بالقطع الأجنبي فإن جزءاً كبيراً منها يتم بها، معللاً ذلك بضخامة المبالغ التي يتوجب حملها ودفعها، وتذبذب سعر الليرة السورية بين الحين والآخر.

بسحب رصد للموقع، فإن أغلب التجار بأغلب القطاعات يتعاملون بالقطع الأجنبي بين بعضهم البعض، وهذه العلاقة من الصعب ضبطها كونها تتم بين طرفين فقط وبعيداً عن أعين الرقابة، وغالباً ما تعود الدولارات إلى يد المستوردين في النهاية الذين يستخدمونها لاحقاً بالاستيراد.

التعامل بالدولار خلق محال صرافة

التعامل بالدولار بين التجار، دفع أغلب باعة المفرق أو نصف الجملة للعمل بما يشبه مكاتب الصرافة غير المرخصة، حيث يقوم هؤلاء بشراء الدولارات من المواطنين، وغالباً من "الزبائن الثقة" الذين تردهم حوالات دورية من السوق السوداء، يقومون بتجميع رأسمالهم من جديد وإعادة تدويره وشراء بضائع جديدة دون وقوعهم بأي خسارة بين الحين والآخر نتيجة انخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار.

وتحولت أغلب المحال التجارية التي تبيع سلعاً مستوردة أو مهربة إلى محال صرافة في السوق السوداء بشكل يصعب ضبطه أيضاً، لكن يبدون أنه هناك من هو يعلم بما يحدث.

جاء المرسوم رقم (6) للعام 2024 مشدداً في عقوبات مَن يزاول مهنة الصرافة دون ترخيص، ومَن يقوم بنقل أو تحويل العملات الأجنبية أو الوطنية بين سوريا والخارج دون ترخيص، إذ عاقب المرسوم على ذلك بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة، وبغرامة مقدارها ثلاثة أمثال المبالغ المصادرة على ألا تقل الغرامة عن 25 مليون ليرة، ومصادرة المبالغ المضبوطة نقداً، وأي مبالغ مدونة في القيود الورقية أو الإلكترونية. دون وجود سبيل لتلافي العقوبة في هذين الجرمين.

ويبدو من التشديد على العقوبة بمهنة الصرافة والتحويل، أن من كتب المرسوم يعلم تماماً إلى أين وصلت إليه الحال في أسواق دمشق، التي بات التعامل بالليرة فيها مؤرقاً وصعباً. يقول فايز وهو تاجر في سوق الحريقة (طلب عدم ذكر اسمه كاملاً) إن "عملية صرافة الدولار بالنسبة إليه لها الكثير من الفوائد، أولها استطاعته حمل المبلغ بجيبه مهما كبر، وعدم اضطراره لعد كميات ضخمة من الأوراق يومياً أمام المارة والزبائن ما قد يهدده بخطر السرقة، إضافةً إلى أنه يحافظ على قيمة رأسماله من التآكل.

كثير من التجار الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا كانوا يعتقدون أن مرسوماً سيصدر بخصوص السماح للموردين بالتعامل مع تجار الجملة ونصف الجملة بالدولار ضمن ضوابط محددة لمساعدتهم على العمل بسلاسة، لكن ذلك لم يحدث في الوقت الذي تزداد فيه التعاملات بدمشق بالعملة الصعبة بقطاعات كثيرة ومنها بيع وشراء السيارات والعقارات والذهب ومواد البناء وغيرها، حيث يحرص كل من يتعامل بالنقد يومياً على أن يقوم بحماية ما يقبضه وما سيدفعه بتحويل المبالغ إلى دولارات عبر شرائها من طرف آخر، ليصبح أغلب القطاع الاقتصادي في دمشق إما متعامل بالدولار أو متورط "بجرم" الصرافة.