icon
التغطية الحية

بعد خسائر الحمضيات.. زراعات بديلة تنتشر في الساحل السوري |صور

2022.06.15 | 17:58 دمشق

زراعات بديلة
زراعات بديلة عن الحمضيات في الساحل السوري
اللاذقية - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

فرضت الخسائر المتلاحقة التي تعاني منها الزراعات التقليدية في الساحل السوري (الحمضيات والدخان) توجه المزارعين، خلال الفترة الأخيرة، للبحث عن أصناف جديدة لزراعتها، تكون أكثر جدوى اقتصادية وفائدة على الصعيد المادي.

وخلال الأعوام الأخيرة، برزت بعض المشاريع والأصناف الزراعية الجديدة في الساحل من أبرزها: القمح والفواكه الاستوائية والأعشاب الطبية، في حين سعى مزارعون إلى التوجّه صوب البيوت البلاستيكية بشكل أكبر واستثمار أراضيهم لإنتاج الخضراوات الشتوية نظرا لارتفاع أسعارها.

وبحسب أرقام وزارة الزراعة التابعة للنظام السوري، ارتفعت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في اللاذقية نحو 123%، عام 2021، وبلغت مساحة الأراضي المزروعة 3559 هكتاراً بإنتاج وصل إلى 896 طناً، في حين قُدّرت المساحة المزروعة هذا العام بـ4665 هكتاراً، بحسب تصريحات رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة اللاذقية مضر جناد.

زراعات جديدة

في طرطوس انتشرت مشاريع زراعية ربحية ناجحة، من أبرزها زراعة الزوبع أو ما يُسمّى الزعتر الخليلي. وأوضح "أبو سامي" من مدينة بانياس لـ موقع تلفزيون سوريا أن زراعته تعدّ مشروعاً جديداً ذا جدوى اقتصادية، مردفاً أنّ العديد من المزارعين توجّهوا إلى زراعته، منذ عامين، نظراً لجدواه الاقتصادية وإنتاجيته العالية وملاءمته لمناخ المنطقة.

وأضاف أن الزعتر الخليلي يعدّ من النباتات المعمّرة، ويستمر في الإنتاجية على مدار 12 عاماً، ويمكن جني الأوراق الخضراء للمحصول ثلاث مرات في السنة، ويتم تجفيفها بشكل جيد، ويُنتج الدونم الواحد نحو 150 كليوغراماً، لافتاً إلى أنّ الزعتر الخليلي يختلف عن الزعتر البري من حيث الأوراق.

وأشار إلى أنّ زراعات الأعشاب الطبية لم تقتصر على الزعتر بل امتدت إلى أصناف أخرى لم تكن منتشرة سابقاً مثل: الزعفران والميرمية، وأسعارها في السوق مرتفعة ومطلوبة.

في سياق متصل نشرت صفحة "طرطوس" على "فيس بوك" تجربة زراعة ناجحة في المحافظة عمل عليها أحد المزارعين، وقالت إنه "تمكّن من زراعة الفواكه الاستوائية في قريته (بلاطة غربية) على طريق عام طرطوس - اللاذقية، إذ شملت الزراعات فواكه القشطة والشوكولا ودراكون والصنوبر الصيني والموز والمانغو والأفوكادو.

توسع في الزراعات المدارية

في قرى ريف اللاذقية انتشرت مؤخراً، زراعة نباتات مدارية مثل الموز والكيوي والأفوكادو، وذلك بعد تجارب مزارعين أثبتت نجاحها.

يحيى (43 عاماً) وهو مزارع من مدينة جبلة، قال لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ الزراعات المدارية تحتاج إلى تغذية الأرض قبل الزرع بنسبة كبيرة من المواد العضوية والمحسنة، مبيّناً أن هناك نوعين من هذه الزراعات بعضها ضمن البيوت البلاستيكية وتكاليفها مرتفعة، وأخرى تُزرع ضمن الأراضي وتطلق عليه محاصيل بلدية.

وأضاف أنّ "هذه الزراعة انتشرت على نطاق محدود، بداية عام 2010، ثم توسّعت مع توفّر المستلزمات وانتشار التجارب الناجحة"، لافتاً إلى أنّ هناك مقومات نجاح لهذه الزراعات من أبرزها البيئة المناخية من رطوبة عالية ودفء ومياه.

وختم بالقول: "سابقاً كان اعتماد معظم مزارعي الساحل على الحمضيات والخضراوات الموسمية ليكون هناك دورة إنتاج على مدار العام، لكن في السنوات الأخيرة أصبحت أسعار الحمضيات مكلفة الإنتاج وأسعارها رخيصة، ما أجبر الكثير من المزراعين على استبدال أشجار الحمضيات بزراعات جديدة".

وبحسب أرقام مديرية زراعة اللاذقية، بلغت المساحة المزروعة بالكيوي 23 ألف هكتار، وعدد الأشجار الكلي 11 ألفاً و186 شجرة مثمرة، في حين وصل عدد أشجار الموز  إلى 1300 شجرة.

البيوت البلاستيكية خيار آخر

توجّه مزارعون بشكل أكبر، مؤخّراً، نحو زراعات البيوت البلاستيكية لتكون بديلاً عن الحمضيات وذلك رغم تكاليفها المرتفعة، ومنهم أبو وليد (39 عاماً) من سكّان مدينة الحفة بريف اللاذقية.

يقول "أبو وليد" لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ الأسباب التي دفعته لذلك هي أنّه كان أمام خيارين: "إمّا التخلّي بشكل كلي عن زراعة أرضه، التي تنتشر فيها الحمضيات بعد الخسائر، أو البحث عن بديل آخر"، مردفاً: "استطعت تأمين قرض زراعي وبدأت مشروعي الجديد ببناء ثلاثة بيوت بلاستيكية وآمل أن يزيد عددهم الفترة المقبلة".

وأضاف أنّ "الزراعة المحمية تكاليفها عالية لكنّ مردودها جيد، هذا العام لأوّل مرة منذ سنوات أحقق ربحاً مقبولاً، كما اكتسبت خبرة جيدة وبالتأكيد سأسعى لتوسعة هذه البيوت".

ووفق أرقام مديرية زراعة طرطوس فإنّ عدد البيوت البلاستيكية في المحافظة ارتفعت، العام الفائت، إلى 145 ألفاً و500 بيت مزروعة معظمها بالبندورة والخيار والكوسا والباذنجان والفليفلة والفريز.

هل تنجح الزراعات البديلة؟

حول مدى استمرارية هذه الزراعات وملاءمتها لطبيعة المنطقة الساحلية قال المهندس الزراعي عمار طوقتلي لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "المنطقة الساحلية تعدّ من أخصب الأراضي الزراعية في سوريا ومناخها معتدل، لكن المساحات الزراعية تعتبر ضيقة مقارنة بالمناطق السهلية، لا سيما في المرتفعات".

وأوضح طوقتلي أن زراعات مثل القمح والأعشاب الطبية ملائمة لكن من الصعب التوسّع بها؛ لأنها تحتاج إلى مساحات أكبر لا توفّرها المناطق الجبلية، وقلّل في الوقت ذاته من إمكانية إحداث طفرة كبيرة بهذه الزراعات، لكنّه لم يستبعد نجاح مشاريع الزراعات الاستوائية لا سيما الموز في حال تأمين الأسمدة.

وتوقّع الخبير الزراعي أن تشهد الزراعة في الساحل السوري توجّهاً أكبر نحو الزراعات المحمية (البيوت البلاستيكية)، لا سيما أن التصدير متوفر والأسعار مشجعة.

يشار إلى أنّ الزراعة تعدّ مصدر الدخل الأوّل لسكّان الساحل السوري، لكن معظم المحاصيل (الحمضيات والزيتون والتبغ) تلقّت خسائر كبيرة، في الأعوام الماضية، بسبب صعوبة إيجاد أسواق للتصريف وانخفاض الأسعار مقارنة بتكاليف الإنتاج.