icon
التغطية الحية

بعد حلها عسكرياً ما أبرز مصادر دخل الميليشيات في الساحل السوري؟

2020.01.24 | 16:06 دمشق

dtyy6554.jpg
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تتقاسم مليشيات النظام في الساحل السوري رغم تفكيك معظمها عسكريا بتوجيهات روسية حصتها في السيطرة على الأسواق حيث انتشرت خلال الفترة الأخيرة العديد من مافيات التهريب والسلاح وتجارة البشر، كما ظهرت مكاتب المراهنات غير المشروعة التي تعود لأفراد متنفذين من عائلة الأسد، فيما دخلت بعض الميليشيات الأخرى على خط احتكار بعض المواد الأساسية في الأسواق والاستحواذ على متاجر ومطاعم وفنادق مهمة بالقوة.

وفي هذا التقرير يسعى تلفزيون سوريا لكشف أهم القطاعات التي تسيطر عليها هذه المليشيات في الساحل السوري وأسماء هذه المليشيات ومن يديرها.

الدخان والمشروبات الكحولية:

يعتبر الدخان المهرب والمشروبات الكحولية أحد أبرز مصادر الدخل للعديد من المليشيات المنتشرة في اللاذقية، والتي تحول معظم عناصرها مؤخراً من الوقوف على الجبهات إلى مهربين ومندوبين في الأسواق لتوزيع المواد المهربة.

وبحسب مصادر محلية في اللاذقية فإنّ أسواق اللاذقية تغرق بالدخان المهرب والمعسل والمشروبات الكحولية المهربة، والتي تعرض بشكل علني، وسط تغاضٍ شبه تام من قبل سلطات النظام عن هذه العمليات.

وتشارك العديد من هذه المليشيات في عمليات التهريب وتتوزع مصادرها إذ يأتي بعضها عن طريق مرفأ اللاذقية دون أن تخضع لعمليات تفتيش، فيما يتم تهريب بعضها من لبنان والعراق عبر تعاون مع ميليشيات أخرى تسيطر على الحدود.

وتذكر مصادر في اللاذقية فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية أنّ فئات محدودة هي من تسيطر على سوق الدخان في المنطقة حيث لا يجرؤ أحد من التجار الصغار على شراء أي دخان مهرب سوى من هؤلاء المندوبين، وأبرزهم كانوا أعضاء معروفين في مليشيا "صقور الصحراء "مغاوير البحر" والتي يقودهما محمد جابر شقيق أيمن جابر صهر عائلة الأسد.

مكاتب المراهنات:

منذ عدة سنوات انتشرت مكاتب المراهنات الرياضية في الساحل السوري بشكل علني رغم عدم قانونيتها، وتقوم آلية المراهنات على زيارة أحد المكاتب المنتشرة في اللاذقية وطرطوس أو عبر وكلاء لهم عبر تطبيق "واتس آب"، وآخرون ينتشرون في المقاهي الرياضية للمراهنة على نتائج دوريات عالمية مقابل مبلغ مادي قد يتم مضاعفته في حال التوقع الصحيح، وخسارة كامل المبلغ في حال الفشل.

وتعود ملكية هذه المكاتب جميعها والأموال الطائلة التي تجبى منها إلى مكتب رئيسي موجود في حي الزراعة في اللاذقية والمسمى "كافيه عمار"، حيث يقود شخص يدعى "علي عمار" من القرداحة والمقرب من عائلة الأسد شبكة واسعة من العملاء بدعم مباشر من مليشيا "الحارث" التي يقودها طلال بشار الأسد (ابن عم بشار الأسد)، وتوفر هذه الأموال دعما كبيرا للمليشيا في أعمالها وتعد أحد مصادر دخلها.

تجارة الفحم:

منذ عام 2015 بدأت الحرائق في الساحل السوري تصبح معتادة وفي أوقات سنوية محددة، ورغم اعتراف مسؤولي النظام في العديد من المناسبات أنها مفتعلة، لاسيما أنّ معظم هذه الحرائق تحدث في وقت واحد، وفي أماكن متباعدة وحراجية يصعب الوصول لها إلا أنّ هذه الحرائق بقيت مستمرة دون تحديد الجناة.

وبالعودة إلى المستفيد منها يبرز أصحاب "المفاحم" المنتشرة في معظم قرى الساحل السوري الذين يشترون الأشجار المحروقة بأبخس الأسعار، ويحولونها إلى فحم يباع للمطاعم والكافيهات بأسعار مضاعفة.

وفق الناشط الإعلامي في اللاذقية محمد خليل فإنّ عدداً قليلاً من هذه "المفاحم" يحمل رخصة قانونية، لكن منذ سنوات يحتمي أصحاب هذه "المفاحم" الذين ينتمي معظمهم لأبناء قرى القرداحة وجبلة وطرطوس بحماية عناصر من مليشيا "صقور الصحراء" الذين يظهرون بشكل علني لمرافقة حمولات الفحم التي تجمع بشكل أسبوعي من القرى، ليتم تجميعها في مستودعات وإعادة بيعها في الأسواق.

ويؤكد الناشط في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أنّ المتحكم الوحيد بسعر الفحم في الأسواق هو مليشيا "صقور الصحراء" التي ورغم حلها عسكريا إلا أنها بقيت حاضرة بشكل فاعل في الأسواق، ومازال عناصرها حتى اليوم يرتدون ستراتهم العسكرية ويظهرون في الأسواق ببنادقهم.

مافيات الخطف والتشليح:

تعتبر عمليات الخطف والتشليح أحد مصادر الدخل الأساسية للعديد من المليشيات في الساحل السوري لاسيما تلك الموجهة نحو كبار التجار في المحافظة حيث لا تزال المدن الساحلية ورغم ابتعادها عن ساحات المعارك الرئيسية تشهد انفلاتاً أمنياً كبيراً تؤكده عمليات القتل والخطف المستمرة.

وفي هذا السياق كان تلفزيون سوريا عرض قبل عدة أشهر تقريراً مفصلاً مرفقاً بالعديد من الوثائق التي تم اكتشافها لعمليات تشليح وسرقة واسعة للعقارات والأراضي الزراعية والشركات ارتكبتها مليشيات "الدفاع الوطني" في مدينتي جبلة واللاذقية، بالإضافة لتوثيق ناشطين مقتل عشرات الشبان خلال السنوات الثمانية الأخيرة في معتقلات هذه المليشيا والتي كان هدفها الأساسي تحصيل الأموال تحت تهديد القتل والتعذيب.

وبالإضافة لمليشيات" الدفاع الوطني" التي تم حلها والتي ما زال بعض عناصرها ما يزالون يشكلون عصابات تمتهن هذه الأعمال، برزت خلال الأشهر القليلة الماضية ميليشيا "الحارث" التي فرضت وفق ما أكدته "لجان التنسيق المحلية" في مدينة جبلة على تجار كبار من اللاذقية وجبلة دفع إتاوات مالية عالية وصلت لملايين الليرات بدعوى دعم عناصر الميليشيا للقتال في إدلب، وسط تغاضٍ شبه تام من قبل النظام عن هذه العمليات وتهديد من يرفض الدفع من التجار بالقتل.

مافيات تهريب البشر:

منذ عام 2011 نشطت مافيات تهريب البشر من مناطق سيطرة النظام إلى المناطق المحررة والدول المجاورة، حيث تستخدم العديد من المليشيات في الساحل سلطتها ونفوذها للمرور عبر الحواجز ونقل مطلوبين مقابل آلاف الدولارات.

ورغم أن تهريب المطلوبين للنظام لا يقتصر على مجموعة بعينها حيث يعمل بعض ضباط النظام أيضا بهذا الأمر، إلا أنّ العديد من المصادر المحلية تؤكد أن "مجموعات النمر" في الساحل التابعة للعميد في قوات النظام "سهيل الحسن" هي الأكثر ضماناً، لكونها تتمتع بنفوذ قوي، ولديها سيطرة على معظم حواجز سهل الغاب وريف حماة التي يتم عبرها تهريب المطلوبين.

ووفق المصادر فإن مبالغ التهريب تختلف بين شخص وآخر حيث تكلف عملية نقل المطلوبين للخدمة الالزامية من اللاذقية إلى إدلب مبلغ 400 ألف ليرة سورية، بينما تصل عمليات تهريب المنشقين عن قوات النظام حالياً لقرابة مليون ليرة سورية.

سلطة فوق القانون:

لا تتوقف مصادر الدخل للمليشيات على ما ذكر سابقا فحسب فبفضل التداخل الأمني الذي اكتسبته العناصر المقاتلة في هذه المليشيات مع مسؤولي النظام في المحافظة خلال السنوات الأخيرة، وبفضل دعم "المعلم" الذي هو غالبا مسؤول المليشيا التي ينتمي لها هؤلاء العناصر تحول عدد كبير من أفراد هذه المليشيات لأعمال السمسرة وتسيير الأعمال غير القانونية كالأبنية المخالفة والحصول على مناقصات، وتوظيف أفراد، وذلك مقابل مبالغ مالية طائلة تعود لجيوب هذه العناصر ومسؤوليهم.

وخلال الفترة الأخيرة ذكر الناشط الإعلامي في اللاذقية محمد خليل لتلفزيون سوريا أنّ قادة ميليشيات معروفة في الساحل استثمروا نفوذهم للحصول على مطاعم ومقاهٍ تعود ملكيتها للدولة على الكورنيش البحري في اللاذقية وجبلة وطرطوس مقابل مبالغ ضئيلة.

"خسرنا شبابنا ونحن عم ندافع عنكم"،" راح عمرنا ومن حقنا نعيش"،" لولا نحن ماكنتوا بقيتوا أنتو"، عبارات تترد كثيرا في شوارع مدن الساحل السوري من قبل عناصر المليشيات المسلحة وهي تأتي غالباً لتبرير الأعمال الخارجة عن القانون التي امتهنوها.