icon
التغطية الحية

النظام يكشف فساد ميليشيا "الدفاع الوطني" بجبلة وينأى بنفسه عنها

2019.12.03 | 15:18 دمشق

shbyht-hlb.jpg
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

هزت فضائح "الدفاع الوطني" في جبلة المتعلقة بسرقة ملايين الدولارات والعقارات من الأهالي والتي بدأت فصولها تتضح تباعا أوساط المدينة الهادئة، وذلك بعد أيام من هروب قائد ميليشيا "الدفاع" آيات بركات إلى لبنان ومن ثم رومانيا واعتقال العشرات من عناصره ومساعديه.

وخلال الأيام الأخيرة سربت الأجهزة الأمنية في جبلة عشرات الوثائق التي تثبت ضلوع بركات وعصابته بسرقة عشرات العقارات السكنية، والأراضي التي تعود لأهالي المدينة، عبر عمليات تزوير عقود ووكالات واسعة ومن خلال التهديد بالاعتقال والابتزاز.

وتعود معظم هذه العقارات إلى نازحين من أهالي جبلة خرجوا من المدينة بسبب الخوف من اعتقالهم على يد الأجهزة الأمنية، حيث عمل بركات لسنوات مع شبكة تضم محامين، وبالتعاون مع قضاة على الاستحواذ على هذه الأملاك.

وعرضت شبكات محلية في جبلة هذه التسريبات وضمت أسماء عشرات من تجار المدينة الذين فرض عليهم "الدفاع الوطني" منذ سنوات إتاوات مالية قدرت بملايين الدولارات، مقابل حمايتهم وعدم التعرض لهم، كما شملت جرائم بركات أيضا عمليات سرقة منظمة وقطع للطرقات.

وأفادت شبكة "جبلة وكالة اخبارية" وهي من الصفحات الإعلامية الموالية للنظام أنّ مساعدي بركات وهم سموءل منى وعباس سعود ورامي سعد اعترفوا من خلال التحقيقات أيضا بخطف عشرات الشبان بين الفترة 2103 و2019 وتلقيهم مبالغ مالية طائلة لقاء الإفراج عنهم، فيما لايزال مصير بعضهم مجهولا حتى اليوم.

وجاء ضمن الاعترافات التي سربت أن قياديي "الدفاع الوطني" اعترفوا أيضا بتلقي مبالغ مالية كبيرة لقاء كف عمليات بحث عن مطلوبين للنظام، أو إخراجهم من السجون أو معرفة مصيرهم.

كيف تأسست الميليشيا وما دورها؟

و"لجان الدفاع الوطني" في جبلة هي إحدى الميليشيات التي نشطت في المدينة منذ تأسيسها في العام 2012 على يد الشبيح آيات بركات، وهو أحد سكان قرى ريف جبلة الذي استمد سلطته من حافظ مخلوف ابن خال بشار الأسد.

ومنذ ذلك الحين اكتسبت الميليشيا نفوذاً كبيراً في جبلة، وضمت مئات المتطوعين في صفوفها معظمهم من أصحاب السوابق، وتولت "لجان الدفاع" مسؤولية العديد من الحواجز، وكان لها مشاركة في معارك ريف اللاذقية، كما منحت سلطات واسعة مكنها من إجراء اعتقالات، وكان لها سجن خاص بها في المدينة الرياضية بالمدينة.

وفي هذا السياق قال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أحمد ابراهيم إنّ "الدفاع الوطني كان المسؤول الأول خلال السنوات الماضية عن قمع المعارضين من سكان جبلة، قبل أن تتفرغ عناصره للسرقة والابتزاز لصالح كبار الضباط والشخصيات في المدينة".

وأضاف إبراهيم في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا "سجون الدفاع الوطني كان مليئة بشبان المدينة، لا سيما مع بدء التظاهرات السلمية، وهؤلاء كانوا يتلقون التعذيب، ومنهم من قتل في هذه السجون وأبرزهم الأخوان محمد وبلال داوود وفراس مرعب وسامر درويش".

وأوضح الناشط في حديثه أنّ بركات ورغم أنه كان مدنياً عادياً يعمل في أحد محال الصناعة قبل بدء الثورة، إلا أنّ دعم الأجهزة الأمنية والنظام له حوله إلى أحد أبرز قطاع الطرق والمجرمين دون خوف من محاسبة أو عقاب.

وختاما أكد إبراهيم أنه لم يفاجأ بحجم الأملاك والعقارات التي استحوذ عليها بركات بالقوة وسجلت باسمه وأقربائه ومساعديه، لأنّ "سطوة الدفاع الوطني في جبلة أرغم من بقي من سكان المدنية السنة على الخضوع والقبول بدفع إتاوات ومبالغ مادية، ومنهم من تنازل عن أملاكه بعد إجباره خوفا على حياته".

ومن الممتلكات التي كشفت عنها التسريبات مزرعة كبيرة تعود لأحد تجار جبلة وهو لاجئ إلى مصر، بالإضافة إلى شركته وأراضٍ زراعية على طريق جبلة – اللاذقية وعمارات كاملة وشقق سكنية.

كيف استفاد النظام من بركات؟

ورغم أن المعلومات التي كشفت عنها التسريبات الأخيرة غير مفاجئة للعديد من سكان وناشطي المدينة بسبب معرفتهم بجرائم "الدفاع الوطني" منذ فترة طويلة، إلا أنّ تدخل النظام حالياً لإنهاء الميليشيا وقائدها ذي النفوذ الكبير في اللاذقية ومحاولة إيهام مناصريه بمحاربتها، طرح العديد من التساؤلات حول هدف النظام من هذه التسريبات، واتجاهه للقضاء على بركات في هذه الفترة بعد أن سكت عن جرائمه لسنوات رغم معرفته بها.

وحول دلالة توقيت الإعلان عن جرائم بركات وكشفها وحل الميليشيا في جبلة رأى الناشط والمحامي ياسر بليلو أنّ إنهاء عصابة بركات "يأتي ضمن سياق عام بدأ به النظام منذ أشهر عديدة في محاولة لإيهام مواليه ببدء مرحلة القضاء على الفساد وتنظيف مناطق سيطرته من المجرمين".

وطرح بليلو في معرض حديثه العديد من الأمثلة التي تؤيد وجهة نظره ومنها حل جميع الميليشيات الخارجة عن سيطرته وضمها لـ "الفيلق الخامس"، واعتقال بعض قادتها، ومنهم صهر العائلة أيمن جابر، وبشار طلال الأسد، وغيدق ديب، وهذا حصل بالتزامن مع ترويجه دعاية محاربة الفساد الاقتصادي وتجميد أموال وزراء وتجار بارزين في نظامه كما حصل مؤخرا مع رامي مخلوف وهزوان الوز.

وأكد الناشط في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا أنّ مثل هذه الشخصيات (بركات) هي صنيعة النظام التي أطلق يدها بنفسه وقوّاها، وعندما فرغ منها عمد إلى إحراقها، وهو مستفيد منها في كل الحالات، مضيفا: "ماذا سيستفيد الناس الآن من كشف هذه الحقائق والوثائق؟ هل ستعود الحقوق لأصحابها هل سيعوضهم النظام؟ بالطبع لا المجرم فر إلى خارج البلاد وبمساعدة ضباطه".