icon
التغطية الحية

بعد أن هاجم الجميع في حواره الأخير.. هل باتت إزاحة الأسد أسهل من قبل؟

2023.08.12 | 15:24 دمشق

بعد أن هاجم الجميع في حواره الأخير.. هل باتت إزاحة الأسد أسهل من قبل؟
رئيس النظام السوري بشار الأسد ـ Getty images
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

ربما كان رئيس النظام السوري بشار الأسد على قناعة بمواقفه السياسية و"تكتيكاته الاستراتيجية"، ولكن الواضح أن تصريحاته لا تنم عن قوة، وهو ما يجب على الدول العربية والإقليمية والقوى الدولية التيقن منه، وهم أنفسهم من رماهم بشار الأسد بحجارته في حواره المتلفز الأخير، مغلقا بيديه أبوابا حاولت روسيا جاهدة فتحها أمامه في الأشهر الماضية.

أعاد بشار الأسد رسم صورة "المناضل" المستهدف من الرأسمالية و"الرجعية العربية"، فهو رغم "غدر حماس" ما زال "يدعم ويناصر" الفلسطينيين، ورغم بطش الرأسمالية والإمبريالية ما زال يواجهها وكأنه تشي غيفارا أو الطبيب سيلفادور أليندي، ولكن الصورة الحقيقة لبشار الأسد أنه خارج عن القانون الدولي، يتعلق بحبال أصبحت أضعف مع انشغال الروس بالحرب الأوكرانية وعودة أميركا للمزاحمة في الشرق الأوسط.

هل المناخ السياسي موات لإزاحة الأسد؟

لم تعد سوريا اليوم، دولة وجهت إمكاناتها الأمنية والعسكرية لقمع ثورة شعبية ضد نظام مستبد، ترى بعض الدول المطبعة إسقاطه سقوطا للدولة ومؤسساتها، فسوريا اليوم تفككت وتحولت إلى مناطق سيطرة متعددة، أما مناطق سيطرة النظام فقد أصحبت أشبه بإقطاعات واستثمارات تتقاسمها ميليشيات النظام وإيران وأمراء الحرب والمرتزقة الذين دخلوا المجال الاقتصادي، مثل مجموعة فاغنر الروسية التي اشترطت على حكومة النظام حصولها على نسبة 25 في المئة من إنتاج حقول الغاز والنفط ومناجم الفوسفات التي تقوم بالسيطرة عليها ومن ثم حمايتها، وهو دليل على استفادة الميليشيات اقتصاديا ومالياً من الدول الفاشلة، إضافة لأصحاب رؤوس الأموال المقربين من عائلة الأسد.

وبحسب تصريحات رئيس النظام الأخيرة، يبدو أن الحضن العربي لا يتسع له ولما يحمله من شحنات الكبتاغون وخرائط توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، إذا ما كان يخشاه العرب والغرب من إسقاط النظام بات واقعا، حيث يعيش النظام السوري على الأزمات: استمرار الخلافات العربية مع الدول الإقليمية، واستدامة الأزمات في المنطقة من لبنان إلى اليمن، وبناء على آخر مستجدات الانفتاح الإيراني ـ السعودي، الذي شجع السعودية لإعادة النظام إلى الجامعة العربية، تبدو علاقة طهران بالرياض أكثر فتورا بعد تجدد النزاع حول حقل الدرة النفطي، وعودة الدفء بين واشنطن والممكلة عقب زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن والتصريحات الإسرائيلية عن تحريك مياه التطبيع السعودي الراكدة، إضافة إلى أن تقوية العلاقة السعودية ـ التركية تبرز كأولوية للرياض اليوم.

وسط هذا المناخ السياسي المتقلب، شن بشار الأسد هجومه على الجامعة والدول العربية وقال: "العلاقات العربية العربية شكلية منذ عقود لأن العرب لا يطرحون أفكاراً عملية ويحبون الخطابات والعلاقات الشكلية.. عودة سوريا إلى الجامعة العربية هل ستكون شكلية أم غيرها، هذا يعتمد على طبيعة العلاقات العربية – العربية هل تغيرت؟ لا أعتقد أنها تغيرت بالعمق، هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية، لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا توجد حلول للمشاكل فإذاً العلاقة ستبقى شكلية".

وسبق أن كشف مصدر دبلوماسي عربي لموقع "تلفزيون سوريا" أن الدول العربية التي اندفعت باتجاه تطبيع علاقتها مع نظام الأسد أوقفت هذا الاندفاع بشكل تدريجي على المستويات السياسية والاقتصادية، في حين أبقت على خطوط التواصل الأمني والاستخباري.

وأوضح المصدر أن عدة أسباب دفعت الدول العربية على رأسها السعودية لوقف سياسة الانفتاح على النظام، أهمها أن الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت على الخط بقوة، للحد من هذا التحرك "المجاني" على النظام السوري، وتحفّظت على تقديم أي مساعدات مالية له.

ويبرز لبنان كأحد أسباب الاستياء السعودي من النظام السوري وإيران، مع استدامة الفراغ الرئاسي، وتداعيات التجاذبات السياسية التي وصلت مؤخرا إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان.

تركيا.. الباب موارب أمام الأسد

وفي هجومه على تركيا، اعتبر بشار الأسد أن هدف الرئيس التركي من الجلوس معه "هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا"، مردفاً: "من دون تحضير يعني من دون نتائج، لماذا نلتقي أردوغان، لكي نشرب المرطبات مثلاً".

وقال إنّه لن يكون هناك أي لقاء مع الرئيس التركي أردوغان وفق شروطه، وأضاف "الأسد" في هجومٍ جديد على الحكومة التركيّة، بأنّها مصدر لما وصفه بـ"الإرهاب" في سوريا، قائلاً: "الإرهاب في سوريا صناعة تركية".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال في 17 من الشهر الماضي قبيل جولة خليجية شملت قطر والسعودية الإمارات "لا نية لدينا لإغلاق بابنا مع سوريا، بابنا مفتوح"، مؤكدا أن تركيا لن تغادر الأراضي السورية كما يطالب بشار الأسد. الرد الرسمي التركي عقب اللقاء الاستعراضي جاء على لسان وزير الدفاع يشار غولر الذي قال "أعتقد أن الرئيس السوري سيتصرف بشكل أكثر عقلانية"، لكن الصحافة التركية تناولت الموضوع مباشرة معتبرة أن النظام السوري أغلق الباب التركي واصفة تصريحات الأسد بـ "الوقحة".

بشار الأسد والمناخ الداخلي في سوريا

"لا يتخلى الرئيس عن منصبه بسبب حرب خارجية لأنه سيكون هروباً.. عندما يريد قسم كبير من الشعب رحيل رئيس وتقف أغنى دول العالم ضد هذا الرئيس فكيف سيبقى؟ لا يوجد منطق في الأمور، هو بقي لأن جزءا كبيرا من الشعب يدعم قضايا هذا الرئيس"، هذا ما قاله الأسد في حديثه عن الثورة عام 2011، معتبرا أن من خرجوا في المظاهرات لم يتجاوزوا 100 ألف شخص.

يأتي لقاء بشار الأسد في وقت يعيش فيه السوريون أزمة معيشية خانقة، وسط توقعات بهبوط حاد لليرة السورية أمام الدولار عقب تصريحات الأسد التي كشفت تراجع حماس الدول العربية لمواصلة التطبيع مع النظام السوري.

وعلى الساحة الداخلية أيضا بدأت تظهر أصوات تنتقد الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد، وخاصة في اللاذقية وباقي المحافظات.

برلمان النظام السوري أقر أواخر الشهر الماضي بكارثية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، ملقياً باللوم على "الحكومة" في إدارة الملف الاقتصادي، معترفا في الوقت نفسه بعجزه عن تغيير الواقع في البلاد، فهل يصدق السوريون أن الحل يكمن في تغيير الحكومة فقط أم في رئيس النظام الذي استجلب العقوبات والتدخلات العسكرية والميليشيات؟ على أي حال يبدو أن الفشل السياسي والاقتصادي للنظام سيتواصل، كما أن الجفاف والمناخ القاسي الذي عده كثيرون سببا لثورة 2011 مازال طويلا..