icon
التغطية الحية

لماذا صعّدت تركيا خطابها من النظام السوري رغم إصرارها على المصالحة؟

2023.04.15 | 15:48 دمشق

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ـ الأناضول
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

يبدو أن أنقرة غير مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية في المستقبل المنظور للنظام السوري من دون مقابل، لأن ذلك سيعني تقويض نفوذها وموقفها في سوريا، حيث يتفاعل المسار التطبيعي لتركيا مع النظام السوري مع المسار العربي ويتأثر به، كما أن معايير وقواعد الأسد الصارمة التي قدمها لأنقرة في موسكو تجعل المسار أكثر صعوبة.

في حين تدير أنقرة لقاءاتها مع النظام السوري ببراغماتية سياسية واضحة، وقد تكون رابحة حتى وإن فشلت مرحليا في التوصل لاتفاق مع دمشق، لأنها استطاعت استغلال ورقة "التطبيع" في الداخل التركي قبيل الانتخابات الرئاسية، ويمكن بعدها للرئاسة التركية أن تقول" لقد حاولنا لكنّ النظام السوري لا يريد تسوية الخلافات ولا يريد اتفاقا يضمن مصالح تركيا".

وكلما اقترب موعد الانتخابات يزداد الموقف التركي ثباتا، إذ أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن أنقرة لن تقبل أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مشددا على أن هذا الانسحاب يعني "عودة التهديدات ضد تركيا".

وأوضح أنه "وفقاً للاتفاقيات التي تم التوصل إليها في وقت سابق، كان من المفترض أن تقضي دمشق على جميع التهديدات الحدودية ضد تركيا، لكن ما زلنا نراها"، مشيراً إلى أن النظام السوري "لا سلطان له على أراضيه". ما يعني أن النظام السوري لا يقيم وزنا للأمن القومي التركي وهو ما يوضحه وزير الخارجية للداخل التركي.

 

 

وأكد جاويش أوغلو أنه "لن يأتي أي ضرر لسوريا من تركيا، ونريد ضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين، ليس فقط في المناطق الآمنة التي نسيطر عليها، ولكن في مناطق سيطرة النظام أيضاً".

وبشأن الاجتماع الرباعي، أشار جاويش أوغلو إلى أنه "نحتاج إلى الانخراط والعمل مع النظام، كان هناك اجتماع على مستوى نواب الوزراء ووزيري الدفاع وأجهزة المخابرات، ونعتقد أن الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية قد يعقد بداية أيار المقبل، وعندما يتم تحديد موعد الاجتماع سنحضر".

وتشمل مطالب تركيا من النظام السوري القضاء على التهديد الذي تشكله قوات سوريا الديمقراطية للأراضي التركية شمال شرقي البلاد، وإبرام اتفاق ثنائي حول التهديدات الأمنية، وتوفير أساس قانوني وسياسي لعودة اللاجئين.

تطبيع غير مشروط بالمطلق.. نتائج اجتماع موسكو

كشفت مصادر مطلعة لتلفزيون سوريا المحددات والقواعد التي قدمها النظام السوري للوفد التركي في اجتماع موسكو الرباعي الأخير على مستوى نواب وزراء الخارجية، وهي قواعد ومحددات ترفضها أنقرة، حيث تلغي وجود أي دور للمعارضة السورية:

  • يوجد في سوريا طرف واحد فقط هو النظام وأي حديث عن طرفين أو أطراف هو أمر مرفوض
  • الشرعية كاملة وغير منقوصة، لا تقبل التجزئة والقسمة
  • التطبيع مقابل درء المخاطر مثل الكبتاغون وتدفق اللاجئين وليس لأي شيء آخر
  • لا يوجد مرجعيات أو قررات دولية للحل ويمكن تطوير بعض الآليات بمشاركة بعض الدول (وهو ما كان غائبا في بيان السعودية الأخير بعد زياة فيصل المقداد)
  • لا يوجد ارتباط بين التطبيع والتقدم بالحل السياسي جزئياً أو كلياً كما يحاول بعض مسؤولي الدول العربية تصويره للرأي العام

تأثر التطبيع التركي بالتطبيع العربي

يذكر أنه عندما بدأت أنقرة مسار التطبيع مع النظام في لقاء موسكو لم يكن مسار التطبيع العربي بقيادة السعودية قد انطلق بعد، ولذلك كانت تأمل بتجاوب من النظام السوري، إلا أن مسار التطبيع العربي منح الأسد إمكانية التصعيد الحاد ضد أردوغان وتركيا من موسكو في زيارته الأخيرة.

وكانت أنقرة تراقب بحذر النتائج التي سيتمخض عنها مسار التطبيع العربي، والتي أفضت بعد اجتماع جدة يوم أمس الجمعة إلى عدم التوافق على عودة النظام السوري للجامعة العربية بفضل الموقف القطري المتشدد في الرفض، وهذا ما يصب في مصلحة أنقرة في مسارها التفاوضي مع النظام.

ووفق البيان العربي الأخير، تمارس المملكة العربية السعودية ودول التطبيع سياسة "التجريب" مع النظام السوري، الذي لا يستطيع تقديم شيء ليس أساسا في متناول يده، وبعد تحسن العلاقات السعودية الإيرانية بات العرب أقرب إلى القناعة بأن سوريا مقاطعة إيرانية. 

وتظن الرياض وأبو ظبي أنها ستخسر على أبعد تقدير ملايين الدولارات لدعم حكومة بشار الأسد من خلال الاستثمارات و"المساعدات الإنسانية".

وأمس، أكد البيان الختامي للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق على أهمية الحل السياسي "كحل وحيد للأزمة السورية" من دون أن يشير إلى قرار مجلس الأمن 2254، وأيضا من دون التوافق على عودة النظام إلى الجامعة العربية بسبب الرفض القطري والمغربي.

 

    ويبقى عامل الضغط على الأسد هو سعي روسيا لهذا التطبيع الذي تريده غير مشروط، لما فيه من مصلحة روسية بسبب الملف الأوكراني ومصلحة تركية "انتخابية"، ورغم أن أنقرة منافس قوي لموسكو في ليبيا وسوريا، والقوقاز، فهي أيضا شريك ومفاوض موثوق في الحرب والاقتصاد. 

    وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس الجمعة: لا يجب أن تكون هناك شروط مسبقة لاجتماع وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا والنظام السوري.

    وكان خطاب لافروف للوفد التركي ووفد النظام السوري واضحا لإبداء المرونة قدر المستطاع، إذ قال في بداية اجتماع موسكو الرباعي: "نتوقع منكم أن تكونوا مرنين وبنائين قدر الإمكان، ويفضل الابتعاد عن المشاحنات وترك ذكريات جروح الماضي خارج غرفة المفاوضات هذه".

    لكن واشنطن كانت واضحة أيضا أنه على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين إلى ديارهم من دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء. وعلى الأسد أن يمضي قدماً في عملية "قرار مجلس الأمن رقم 2254"، والذي يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، التحرك في موضوع "اللجنة الدستورية" قبل أن تطبع الدول العربية تحديدا مع الأسد المعاقب دوليا.