بشار بطل لفيلم هندي

2023.03.11 | 05:27 دمشق

بشار بطلًا لفلم هندي
+A
حجم الخط
-A

سنذكر السبب الذي يجعل بشار الأسد بطلًا لفيلم طويل هندي الحكاية، والأَولى أن نذكر أسباب شبهه بأبطال الأفلام الهندية. أشهر فيلم هندي مبكر هو من أجل أولادي، أول أركان المشابهة والتناظر بين البطلين الهندي والسوري، دراميًا وسينمائيًا هو: الحكاية، فقد عاد الابن المنبوذ إلى حضن العائلة الكبيرة التي تسمى بالجامعة العربية، ويكون اسم الفيلم من أجل أعدائي وليس "من أجل أبنائي"، وهو اسم فيلم هندي شهير، والعائلة غالبًا ما تتفرق في الفيلم الهندي التقليدي بعد عاصفة أو زلزال أو طوفان، وتتكون من ثلاثة أبناء عادة، ومن ثلاث طوائف، هندوسي ومسلم ومسيحي من أجل الوحدة الوطنية، وهم في فيلمنا المهنّد عشرون ابنًا فرقهم زلزال سياسي وجمعهم زلزال أرضي، فالولد الذي كبر ونُبذ أُنقذ من تحت أنقاض الثورة، وإن كانت العودة في تباشيرها الأولى.

زار دمشق وفد من البرلمانيين العرب، يتقدمهم المستشار المصري حنفي الجبالي، وكان الأسد حريصا على استقبالهم بنفسه فرحًا بالنهاية السعيدة للفيلم العربي المهنّد

عاد مسؤولون عرب إلى دمشق بذريعة كارثة الزلزال، أشهر العائدين وأكبرهم شأنًا ومنزلة، وأضخمهم بدنًا، هو وزير خارجية مصر، وهي الزيارة الأولى بعد جفوة عمرها اثنتا عشرة سنة، وقبل يوم من زيارة سامح شكري، زار دمشق وفد من البرلمانيين العرب، يتقدمهم المستشار المصري حنفي الجبالي، وكان الأسد حريصا على استقبالهم بنفسه فرحًا بالنهاية السعيدة للفيلم العربي المهنّد، وكل نهايةٍ بدايةٌ الجديدة، وقد تفرقت عائلة الملوك العرب، فتلك الأيام نداولها بين الناس.

أما وزير الخارجية الإماراتي، فقد زار دمشق زيارته الثالثة، فهو منها وإليها "رايح جاي"، على عنوان فيلم مصري كوميدي شهير، ثم زار دمشق وزير الخارجية الأردني الحليم أيمن الصفدي، غير ناظر إناه، متناسيا جرائم تهريب المخدرات لبلاده، فلعل الأسد معذور في تجارة المخدرات والممنوعات، وهو يجري "على أكل عيشه". وتونس تغازل دمشق وكذلك الجزائر، والسعودية تقدم رجلًا وتؤخر أخرى، وقد تداعى من تداعى من الزعماء العرب إلى نجدة دمشق ورئيسها وقد ألمَّ بها الزلزال، والعرب أهل نجدة ومروءة كما نعلم.

 والسبب الثاني هو أنَّ الأسد على شقاوته مع العرب وكيله لإخوته الزعماء الشتائم والسباب ومحالفته عدوتها إيران، ووصفه زعماء الخليج البدو بأنصاف الرجال، وضخّه المخدرات لبلادهم، قد صمد في وجه الثورة العربية، فإن كان البو عزيزي صاحب ربيع الشعوب المنكوب، فإن الأسد هو صائن ربيع الزعماء.

أما وجه الشبه الثاني لقصة الأسد وإخوته الزعماء في حكايات الأفلام الهندية، فهو الزمن، والزمن يطول عادة عشرين سنة في الفيلم الهندي، وقد قصر في فيلمنا العربي الحي إلى أقل من ذلك.

وقد ظهر زعماء جدد على الشاشة، مثل السيسي رئيسًا لمصر، وقيس سعيد رئيسًا لتونس، وعقيلة صالح رئيسًا لبرلمان طبرق، وكان عقيلة صالح مدح بشار الأسد طويلًا بكلمات محفوظة من قاموس الخشب، وأثنى على صموده. أما ابن سلمان، فهو متردد، وتذكر التقارير الإعلامية أنه وضع شروطًا للقبول بعودته إلى العائلة، وأحصوها عشرة شروط. والنازحون المشتتون في البلاد يتداعون إلى منع لم شمل الزعماء بمظاهرات على وسائل التواصل، يذكرونهم بوعودهم وأقوال سفرائهم ووزراء خارجاياتهم عبثا، فإن هي إلا أماني، فالأسد عائد وما يجمع الزعماء خطر واحد هو خطر الشعوب.

إنَّ رئيس مصر يحنُّ إلى الأسد، وكان أبوه صار قدوة لمصر السيساوية، والإعلام المصري يثني على الأسد الذي بكّر في محاربة الإخوان المسلمين ونكل بهم، فهو قائد ملهم للزعماء العرب، لا يمنع من ذلك موالاة الأسد لروسيا، وموالاة أخواتها لأميركا، فروسيا ليست عدوة، وهي دولة عظمى، وكثيرا ما يجتمع ألدّ الأعداء على  فريسة واحدة، بل إنَّ روسيا والولايات المتحدة الأميركية تتحاربان في أوكرانيا حسب قواعد  محكومة ومضبوطة. لا يوهن سعادة النهاية إصدار أميركا قوانين عجيبة، مثل منع أمجد يوسف من دخول أراضيها، فالزعماء العرب يعلمون أن ذلك لا يفسد للود قضية، وأنه ذرّ للرماد في العيون، وأنَّ أميركا إن صدقت موعودها،  فهي مشغولة في أوكرانيا وتايوان، ولن يضيرها لمّ شمل العائلة المتفرقة، أو هي راضية عنه.

لقد قضينا وقتًا طويلًا نتآسى ونتعازى بالمقالات والتحليلات السياسة والآمال، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. وعشنا على وعود تحليلات لم تصدق في قليل أو كثير، ويمنّي المتمنّي نفسه بأنَّ شروط العودة السعودية كثيرة وقاسية وصعبة، أحدها قطع العلاقات السورية مع إيران وهي أرحام طائفية وسياسية يصعب قطعها وقد احتلت سوريا، والحق أن علاقات إيران متواصلة مع الإمارات وهي في هدنة مع السعودية، ثم أنها شريك إقليمي، وأرحم  لدى الزعماء العرب من ثورات الشعوب وأن إيران هي التي قضت على الثورات العربية. وكانت الإمارات أرسلت مساعدة مالية لدمشق عدة مرات، وقد استولى الأسد على معظم مساعدات الزلزال وفق تقارير دولية، وباعها جنده في الأسواق.

يقول المتفائل بعد نجاح الفيلم الهندي ونهايته السعيدة: إنَّ الأسد بحاجة إلى أموال كثيرة لينهض من بين الأنقاض، وإنَّ زعماء الدول العربية لن يمدوه بالمال، لكنه سيعيش، ويمشي على السجادة الحمراء، "ويكيد العدا". وقد عاش شعبه فقيرًا عشر سنوات، وسيعيش عشر سنوات أخرى، سيكون ولي العهد قد كبر واغتنى أيضا من موارد حبوب المخدرات والمساعدات وتعلّم العوم، وخلق الله ما لا تعلمون، ووقعت زلازل أخرى.

في الفيلم الهندي ثمة شرّير، والشرير هذه المرة هو الشعب، والزلزال الذي كان يفرق في الفيلم الهندي هو الذي جمع بين الزعماء من جديد

يمكن أن نتذكر أن ملك السعودية "الرجعية" في الخطاب البعثي السوري القديم والحديث، كان عديلًا لرفعت الأسد، وكان يمدُّ الأسد بالدعم، فالزعماء "أبناء عَلاّت"، يختلفون في الشأن الصغير لكنهم يتحدون في كبار الأمور.

وفي تقرير مشهور أنه اقترح إعانة الأسد بعشرة ملايين دولار رشوة للشعب السوري عند انطلاق المظاهرات فرفضها الأخير، الذي كان يدرك أن ثورة شعبه لا تُضمد بمبلغ صغير، وإنما بكثير من الدم والتدمير.

في الفيلم الهندي ثمة شرّير، والشرير هذه المرة هو الشعب، والزلزال الذي كان يفرق في الفيلم الهندي هو الذي جمع بين الزعماء من جديد. وإنَّ أنيسة مخلوف لو كانت حيّة لطاب لها أن تغني أغنية شريفة فاضل:

 ابني البطل.

 هي أغنية وحيدة  في فيلمنا العربي، على غير ما عودتنا الأفلام الهندية.