icon
التغطية الحية

بسكين وكيس.. موسم الفقير يبدأ في السويداء | فيديو

2024.02.10 | 06:23 دمشق

بسكين وكيس.. موسم الفقير يبدأ في السويداء
فطر جبلي بري يباع على بسطة في أحد أسواق السويداء ـ خاص
السويداء ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

بدأ موسم "الحشائش" البرية كما يُحب أن يُسميه أهالي الجنوب السوري، أو "موسم الفقراء" الذي يُطعم الغني والفقير ويسوّي بينهما على موائد فصل الشتاء.

تغني وجبة من الفطر البري على مائدة الغداء عن أنواع من اللحوم الحمراء والبيضاء، كما تعد وليمة مع فطائر العجين مع "العوينة أو الحميض أو البقلة والمسيكة والمشّى وقرص العنّى" وهي من الوجبات التي تُرضي العائلة بأقل التكاليف.

وتحتل أنواع "الهندباء والخس البري" مواقع المقبلات نيئة أو مطبوخة، ولنبتتي "اللوف والدردار" طقوس مميزة لصنعها، وكل هذا بانتظار نبات "العكوّب الشوكي" ليأتي متأخرا قبل نهاية الموسم ويسدل الستار على موسم الخير.

الحشائش البرية والأزمة الاقتصادية في سوريا

يذكر أهالي الجنوب أن هذه "الحشائش" لم تشتر وتباع قبل اندلاع الحرب، ولم تكن إلا وجبة يقصدها الأهالي أثناء التنزه، في حين أصبحت اليوم وبعد الانهيار الاقتصادي وتدهور الحياة المعيشية للمواطن، المنقذ والميسّر لعامة الناس.

يقول سامي حرب من ريف السويداء الشرقي، في حديث لموقع تلفزيون سوريا؛ إن "هذا الموسم كان في السابق موسماً ترفيهياً حيث كنا نرتاد البرية بحثاً عن هذه الحشائش للتسلية والنزهة، أما اليوم فقد أصبحت من الأمور اللازمة خلال أشهر الشتاء لتوفير الطعام المجاني في ظل الغلاء والتردي المعيشي، فوجبة من الدردار تكفي العائلة المكونة من خمسة أفراد توفر على العائلة ما يزيد على خمسين ألفاً في حال طبخ أرخص طبخة تشترى موادها من السوق".

إذا ليس غريبا أن تمتلئ أسواق الخضار وعربات الباعة وأكياس الزبائن في مدن محافظتي درعا والسويداء، بهذه الأنواع من الحشائش معظم موسم الشتاء وأن تصبح الحديث الشاغل للنساء والرجال على حد سواء، لما تحققه من وفر على الزبائن وريع للمنتجين، ولكن الغريب عندما نعلم  أن معظم من يجمعون الحشائش "السلّاقة" ويقومون بتوزيعها على الأسواق أكثرهم من النساء.

بسكين وكيس.. نساء يعلن أسرهن

تقول أمينة محمد وهي إحدى الوافدات من الحسكة إلى السويداء لموقع تلفزيون سوريا؛ إن "هذا الموسم يفتح لنا باب رزق، وكل ما تحتاجه المرأة منا سكين وكيس لجمع الخضار البرية من أقرب الأماكن البرية المفتوحة قبالتنا في بلدة عرى، وبعد أن نقوم بجمعها بشكل مفروز كل نوع في كيس مخصص له. وبعد الانتهاء من جمعها وفرزها نتوجه إلى السوق لبيعها للبسطات ودكاكين الخضار، وبذلك نؤمن دخلاً مقبولاً حيث يتراوح دخل المرأة منا بين 30 و50 ألفاً يومياً، ماقد يكون كفيلاً بتأمين بعض حاجياتنا اليومية".

أراض مشاع "للسلّاقة"

أراض ممتدة من أعلى مناطق جبل العرب وصولاً لسهل حوران ومناطق اللجاة الوعرة تزخر بأكثر من عشرة أنواع من الحشائش الشتوية عدا الفطر وعشرات "السلّاقة" من نساء السهل والجبل ومن الوافدات من أبناء المحافظات السورية، لتؤمن هذه العمل الحر والربح الحلال دون قيود أو ملكية أو حدود، وبكثير من الحرية والأمان، حتى باتت هذه الأراضي مصدر عيش موسمي ينتظره العديد من العائلات الوافدة والريفية، كما ينتظره عامة الناس.

يشير الشيخ عبد القادر صعب من ريف السويداء، إلى أن الحياة عادت بنا خلال الأحداث الأخيرة إلى فترة ما قبل الأربعينيات من القرن الماضي حيث اعتمد الناس سابقاً على خيرات البرية بكل المواسم ليعيشوا.

ويلفت الشيخ إلى أن هنالك أنواعاً برية أخرى ما تزال الأجيال الجديدة تتعلم استغلالها منها ما يأتي في فصل الربيع والصيف كالنباتات الشوكية البرية "الشلفون- العطور-والأرضي شوكة البري" وأنواع أخرى تطبخ وتشكل وجبة غذائية على شكل "عصورة" أو "محشي" ومنها على شكل "مفركة" كنبتة "التفافيحة" وهي نبتة تنبت جذورها حبات خضراء كحبات البطاطا.

يرى القرويون أن الأرض هي الموطن الخصب للخير إن أحسن الناس استغلاله والبحث في مكامنه، وأن العودة للطبيعة أمر حتمي كما يقولون، فهي المكان الوحيد الذي يعطي دون حساب ودون احتكار، ويعتقد بعض الكبار في السن أن تخلي الناس عن الطبيعة جعلهم اتكاليين وكسالى، وأسهم في تراجع البنية البدنية للناس.

ويفرض سوء الوضع المعيشي على المواطن العودة للانتفاع بخير الطبيعة، سواء بقصد العيش المباشر من تناول ما تقدمه من حشائش، أو ببيعها لتحسين الدخل ولو قليلاً في ظروف البطالة والانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد، وسط استغلال بشكل مقصود أو غير مقصود للعمال نتيجة تدني الأجور.