icon
التغطية الحية

بدعم من واشنطن.. إسرائيل تكثف الجهود للتطبيع مع السعودية

2023.02.19 | 06:36 دمشق

الأمير محمد بن سلمان، بنيامين نتنياهو (تعديل: تلفزيون سوريا)
الأمير محمد بن سلمان، بنيامين نتنياهو (تعديل: تلفزيون سوريا)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

أفادت وكالة "بلومبرغ" أن إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، تكثف المحادثات مع المملكة العربية السعودية بشأن مسألة تطوير العلاقات العسكرية والاستخبارية، وذلك في ظل المخاوف المتزايدة من تهديد إيران للأمن الإقليمي.

وأضاف تقرير بلومبيرغ، يوم الجمعة الماضي، أن مسؤولين من البلدين عقدوا اجتماعات تمهيداً لانعقاد مجلس التعاون بين الولايات المتحدة والخليج بشأن قضايا الدفاع والأمن، في العاصمة الرياض.

وأشارت الوكالة الأميركية إلى أنه من المقرر عقد اجتماع آخر في براغ، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمن المنعقد حالياً في ميونيخ.

وقالت مساعدة وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دانا سترول، إن مزيدا من المناطق التي تندمج وتبدأ في الجلوس على طاولة واحدة مع إسرائيل تشكل مصلحة الاستقرار والأمن في المنطقة.

وبحسب التقرير ذكر مسؤولون أميركيون وسعوديون أنه على خلفية انخفاض أسعار الوقود، والنتائج الجيدة للإدارة في انتخابات التجديد النصفي، وتزايد التهديدات من جانب إيران، تحسنت العلاقات بين البلدين.

في غضون ذلك، بدأت واشنطن والرياض بالفعل تنسيق سلسلة من المشاريع المشتركة في مجالات الأمن والاستخبارات.

الخطر الإيراني

الخميس الماضي، أعربت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي عن قلقها إزاء ما وصفته بتعاون إيران الأعمق مع "الجهات الحكومية وغير الحكومية"، في إشارة غير مباشرة إلى دعمها للغزو الروسي لأوكرانيا، ووصفت طهران بأنها تهديد متزايد للأمن الإقليمي.

وفي بيان مشترك خليجي أميركي، دانت الولايات المتحدة وأعضاء مجلس التعاون الخليجي إيران لأنشطتها النووية وزعزعة الاستقرار الإقليمي.

وقال البيان، الذي أعقب جلسة مجموعة العمل بشأن إيران، يوم الأربعاء الماضي، إن مجموعة العمل الأميركية الخليجية ستوسع التعاون "لتقييد قدرة إيران على القيام بأنشطة مزعزعة للاستقرار وردعها عن القيام بأعمال عدوانية في المستقبل".

واتفقت واشنطن ودول الخليج على أن دعم إيران للميليشيات الإرهابية والمجموعات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة، واستخدامها لأنظمة الطائرات من دون طيار، يشكل تهديداً واضحاً للأمن والاستقرار الإقليمي.

إلى ذلك، تشير العديد من المعطيات إلى اندفاع أميركي نحو سياسة "أكثر صرامة" تجاه إيران بعد نحو عامين من تمسكها بالطرق الدبلوماسية، لا سيما بعد فشل "مفاوضات فيينا"، وانخراط إيران العسكري بالحرب الأوكرانية إلى جانب الروس.

التقارب الأميركي الخليجي

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة ودول خليجية فتوراً، في السنوات القليلة الماضية، في مقابل تقارب خليجي صيني، وسعي دول مجلس التعاون مع دول أخرى في مجالات عسكرية واقتصادية، ما جعل واشنطن تسعى لإعادة العلاقات على ما كانت عليه في السابق مع دول المجلس.

وتحاول واشنطن، منذ الصيف الماضي، نحو دمج القدرات العسكرية والاستخبارية لحلفائها في المنطقة، في مقدمتها دول الخليج وإسرائيل، لمواجهة التهديد الإيراني لا سيما بعد انخراط الإيرانيين بالحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وكانت "قمة جدة"، في 16 تموز/يوليو الماضي، أحد منعطفات سياسة إدارة بايدن تجاه المنطقة ومحاولة لترميم علاقاتها مع حلفائها في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على إمدادات الطاقة عالمياً.

وجاءت "قمة جدة" لتعزيز أهمية المنطقة في السياسة الأميركية، تحت عنوان "شرق أوسط أكثر تكاملاً" أمنياً واقتصادياً، لمواجهة مصادر الإرهاب وفي مقدمتها التهديدات الإيرانية.

لكن القمة لم تنجح في إزالة الفتور الذي يلف العلاقات بين واشنطن والرياض، ولم ينجح بايدن بإقناع السعودية في زيادة ضخ النفط لتعويض نقص الطاقة في السوق العالمي.

ويبدو أن الاجتماعات الأميركية الخليجية الحالية هي خطوة أميركية ثانية وتكميلية لتأكيد مسار قمة جدة، في ظل مؤشرات إيجابية لتسوية خلافات إمدادات الطاقة، أبرزها انخفاض أسعار النفط.

يشار إلى أن اجتماع مجموعة العمل الأميركية الخليجية في الرياض الذي انعقد الخميس الماضي، كان من المفترض أن يكون في تشرين الأول/أكتوبر، لكن تم تأجيل الاجتماع وسط توترات بشأن خفض إنتاج النفط من "أوبك +".

سعي واشنطن للتطبيع بين السعودية وإسرائيل

مطلع هذا الشهر، تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن صفقة دبلوماسية قدمها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحاول من خلالها واشنطن إحداث اختراق في العلاقات السياسية في المنطقة.

شهدت المنطقة، نهاية الشهر الماضي، خلال الأسبوعين الأخيرين، جولات مكوكية لمسؤولين كبار في إدارة البيت الأبيض إلى إسرائيل، في ظل أجواء من التوتر المتصاعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع صعود اليمين "الفاشي" بقيادة حكومة نتنياهو السادسة.

الصفقة، بحسب تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، تتضمن مطالب من نتنياهو تتمثل بالتنازل عن إحداث التغييرات "المثيرة للجدل" في النظام القضائي الإسرائيلي وتعزيز السلطة الفلسطينية وتجميد الاستيطان، مقابل تعاون أميركي أوسع في ردع إيران والسعي نحو إنجاز دبلوماسي بالعمل على التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

حلم نتنياهو التطبيع مع السعودية

يمثل التطبيع مع المملكة العربية السعودية أهم الأهداف الاستراتيجية التي يسعى إليها نتنياهو ويضعها في أعلى سلم سياساته الخارجية.

وكان نتنياهو أعلن، مراراً وتكراراً، أنه يسعى لإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع السعودية، معتبراً أن ذلك سيؤدي إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
في حين، كررت الرياض موقفها غير الرافض، ولكن من دون تجاوز القضية الفلسطينية والتمسك بمبدأ "حل الدولتين".

وتمثل الصفقة المذكورة، الشروط السعودية في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، كما تحمل رغبة أميركية في إعادة ضخ الحياة في قناة عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتوقفة منذ عام 2014.

ويشير التعهد الأميركي بالسعي لإنجاز التطبيع إلى أن واشنطن تحمل مطالب السعودية إلى إسرائيل الساعية لهذا التطبيع.

في 2020، عندما وقعت إسرائيل اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب ولاحقاً السودان، في حين كانت أنظار نتنياهو بالدرجة الأولى نحو السعودية.

وكانت التقارير والتحليلات الإسرائيلية، حينذاك، تشير إلى أن الرياض ستنضم إلى الاتفاقيات خلال أسبوع.

 

بدورها، لم تغلق الرياض الباب تماماً أمام إسرائيل وتشير السياسات إلى قبول السعوديين بالانفتاح الاقتصادي، ولكن التطبيع الشامل لن يكون من دون سلام شامل في المنطقة وفقا لقرارات الشرعية الدولية واتفاقيات أوسلو والمبادرة العربية.

وسبق للسعودية أن سمحت لحركة الطائرات بين إسرائيل والإمارات والبحرين بالمرور في أجوائها.

عودة أميركا

اللافت في تحركات مسؤولي البيت الأبيض، هو زيادة الاهتمام الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط وتعزيز وجودها فيها، الأمر الذي يعد "تراجعاً" عن سياسة "الانسحاب" من المنطقة بعدما كان تركيز واشنطن على الصين.

ويبدو أن الولايات المتحدة تحاول إعادة ترتيب أوراق حلفائها المصابين بخيبة أمل من انسحابها من المنطقة، على وقع الارتدادات التي خلقتها الحرب الأوكرانية في الساحة الدولية.

وتحاول واشنطن الدخول من باب تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وذلك وفاءً بتعهداتها في الحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها عبر دمجها في المحيط العربي، وتوسيع نطاق التطبيع مع الدول العربية.

إضافة لإرضاء حلفائها من دول الاعتدال العربي، وعلى رأسهم السعودية، بمواجهة الخطر الإيراني وتحقيق شروط الرياض في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.