icon
التغطية الحية

بالليرات الذهبية.. "المهور" في سوريا مرهقة وتفتح باباً للسوق السوداء

2023.01.17 | 08:31 دمشق

المهور في سوريا أصبحت بالليرة الذهبية
المهور في سوريا بالليرات الذهبية
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

يزداد الإقبال على التعامل بالليرات الذهبية في سوريا، نتيجة انهيار قيمة العملة الرسمية وعدم استقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي يرى البعض أنه مقوّم بأقل من سعره الحقيقي إذا ما قورن بقدرته الشرائية، بينما يُسعّر الذهب يومياً تبعاً للعرض والطلب وسعر الأونصة العالمي وسعر الدولار، بحسب محال الصياغة في دمشق.

وتُستخدم الليرة الذهبية في سوريا لعدة أغراض: منها دفع المهور، إذ تشهد المحاكم الشرعية السورية إقبالاً على تسجيل مهور الزواج بالليرات الذهبية، للحفاظ على قيمته من التراجع تبعاً لانهيار قيمة الليرة السورية المتتالي عاماً بعد الآخر، ونتيجة طلب ذوي الفتيات ذلك وخاصةً للمتقدمين على الزواج من خارج القطر.

الدولار ممنوع

مصدر قضائي في دمشق قال لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ "المحكمة تشهد وبشكل دائم طلبات بتسجيل المهور بالدولار في سعي لحفاظ الزوجة على حقها، إلا أن القانون السوري يمنع ذلك، ولهذا السبب يتجهون لكتابة المهور بالليرات الذهبية أو بالليرة السورية وما يقابلها من ليرات ذهبية بتاريخ كتابة عقد القران، وهذا الإجراء يتيح لهم تعديل المهور كلما أراد الزوجان ذلك ولو بعد 10 سنوات".

ويضيف المصدر أنه "بعد السماح بتعديل المهور، عام 2019، شهدت المحكمة إقبالاً على التعديل لتحويل المهر إلى القيمة الرائجة له، أي أنه في حال تمت كتابة المهر على أنه مليون ليرة قبل 10 سنوات، يتم النظر إلى سعر الغرام حينها وكم غراماً كانت تشتري المليون ليرة، وعلى أساس ذلك يتم تعديل المهر وفقاً لسعر الغرام الرائج"، مشيراً إلى أن بعض الأزواج عدّلوا ورفعوا قيمة المهر أكثر من مرة.

وعن قيمة المهر الرائج بالليرات الذهبية، ذكر المصدر في محكمة دمشق - فضّل عدم الكشف عن اسمه - أنّ "المهور تتراوح بين 5 و10 ليرات، مقسّمة بين مقدم ومؤخر"، مردفاً: "مع ذلك شهدنا زيجات بليرة ذهبية مقدم وليرة مؤخر".

وكان القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية قد قال، العام الفائت، إنّ "المهور بالليرات الذهبية وصلت إلى 15 ألف ليرة"

ليرات ذهبية غير مقبوضة

ليندا.ر (21 عاماً) عقدت قرانها في المحكمة، منذ أسبوع، واشترط ذووها على خطيبها تسجيل المهر بالدولار الأميركي على أن يكون 2500 دولار مقدم و2500 دولار مؤخر، تقول "ليندا" لـ موقع تلفزيون سوريا: "في المحكمة رفض القاضي التسجيل بالدولار رفضاً قاطعاً، لكنه عرض علينا تسجيل المهر بالليرات الذهبية لذلك عدنا مرة أخرى للتفاوض بين العائلتين".

وأضافت "في النهاية تم الاتفاق على 10 ليرات ذهبية (5 مقدم و5 مؤخر)، لكن جميعها غير مقبوضة". ويؤكد المصدر وفقاّ لذلك، أنّ أغلب العقود المُبرمة بين المتزوجين تكون على أن المهر مؤجل وغير مقبوض، ما عدا المتزوجين من خارج سوريا".

ووفق "هشام" الذي أقدم على الخطبة، منذ 3 أشهر، فإن رواج المهر الذهبي مُرهق للشبّان السوريين الذين بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم، وكذلك ذويهم، لأنّ "المهر هذا لا يلغي تقليد تلبيس الذهب للزوجة في العرس وباقي التقاليد المُكلفة".

أهل خطيبة هشام اشترطوا من البداية 3 ليرات ذهبية مقدم و4 ليرات ذهبية مؤخر، مؤكداً أن الشرط ذاته وقع على أصدقائه عندما أقدموا على الخطبة، لكنه سيسجّله في المحكمة على أنه غير مقبوض (يتم استحقاقه عند المطالبة به من قبل الزوجة ولا يدفع فوراً).

سوق سوداء لليرات الذهبية

طالما أن التعامل بالدولار الأميركي تحفه المخاطر، والليرة السورية في انهيار مستمر، فإن الليرات الذهبية هي الملجأ ليس فقط للمقبلين على الزواج، بل لكل مَن يستطيع ذلك مادياً، فهي الوسيلة الأكثر أماناً لحفظ قيمة المدخرات.

يقول أحد تجار الذهب في حي الحريقة بدمشق لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ "الإقبال على شراء وبيع الليرات الذهبية في تزايد مستمر، وهذا يحدث دائماً مع كل انخفاض كبير للليرة أمام الدولار".

وتابع: "يقبل بعض ادخر الليرات السورية أو من باع شيء غالي الثمن أو قبض مبلغ ضخم، إلى حفظ قيمة ما يملك بتحويله إلى ذهب وهذا خيار ينصح به جميع الاقتصاديون، لكن الإقبال على الشراء أكثر من البيع، جعل من الليرة الذهبية قليلة في الأسواق، حتى أنها باتت تباع على صفحات الإنترنت وفي السوق السوداء عبر تجار الذهب والصاغة ذاتهم نتيجة شحها، وبأسعار تزيد بين 200 إلى 300 ألف ليرة سورية عن السعر الرسمي بأقل تقدير".

ويرى بلال الذي حوّل مدخراته بداية العام الجاري إلى ليرات ذهبية، بأنّ الذهب أكثر أماناً، فالدولار يتعرّض للمضاربة وقد ينخفض بشكل مفاجئ دون مبرر ما يجعل قيمته غير حقيقية، وهذا يدفع الشخص إلى القلق الدائم على قيمة ما يملك، إضافةً إلى أن تصريف الدولار عند الضرورة يحتاج للكثير من الحذر، فضلاً عن أنّ الصرافين في السوق السوداء يُسّعرون بأقل من السوق بحجة المخاطرة، بينما الذهب سهل البيع وخسارته لا تكاد تذكر إن لم تكن هناك أرباح بدلاً من الخسارة".

ووصل سعر الليرة الذهبية عيار 21 في السوق السوداء إلى 3.3 مليون ليرة، بينما سعرها الرسمي لا يتجاوز الـ3 مليون، حيث حدّدت الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق سعر الليرة، أمس الإثنين، بـ2,950,000 ليرة.

اقرأ أيضاً.. سعر قياسي جديد للذهب في سوريا.. تعرف إليه

ونتيجة كثرة المضاربة على الليرات الذهبية في سوريا بالسوق السوداء وارتفاع سعرها، قرّرت الجمعية الحرفية للصاغة مؤخراً نشر سعر الليرة رسمياً بنشراتها اليومية، إلا أنّ ذلك لم يحد من السوق السوداء، حيث ما يزال سعر الليرة وفقاً لمصادر ضمن الجمعية بدمشق، يحدّد تبعاً للعرض والطلب بدايةً، إضافةً إلى باقي المحددات الأخرى من سعر الأونصة العالمي وسعر الدولار محلياً.