icon
التغطية الحية

انتشار كبير للأمراض النفسية في سوريا والعلاج في عيادات الهضمية والقلبية

2022.10.27 | 05:59 دمشق

زاد الطلب على الأدوية النفسية في المناطق الفقيرة خلال سنوات الحرب (إنترنت)
زاد الطلب على الأدوية النفسية في المناطق الفقيرة خلال سنوات الحرب (إنترنت)
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

قال صيادلة في دمشق إن مبيعات الأدوية المهدئة والنفسية تشكل نسبة مرتفعة من المبيعات اليومية، وخاصة بالمناطق الشعبية، مشيرين إلى أن أغلب الأدوية التي توصف إما لمعالجة الأرق المزمن والاكتئاب والتوتر.

وأكد الصيادلة في تصريحات لموقع تلفزيون سوريا أن الوصفات تأتي غالباً من أطباء ليسوا نفسيين بل من اختصاصات مختلفة، إضافة إلى أدوية تباع بنسبة كبيرة تعتبر مهدئة ولا تحتاج لوصفة طبيب.

وأشاروا إلى ارتفاع نسبة المرضى النفسيين أو الذين يعانون من مشكلات نفسية بين بسيطة ومتوسطة، حتى إن نقيبتهم وفاء كيشي قالت بداية العام، إن سوريا تشهد ازدياداً في الطلب على الأدوية النفسية الفترة الأخيرة، وعزت ذلك إلى انتشار الأمراض النفسية نتيجة الحرب والوضع الاقتصادي، مؤكدةً بذات الوقت أنه لا توجد إحصائيات رسمية لمبيعات هذه الأدوية.

لماذا لا توجد إحصائية عن مبيعات الأدوية النفسية؟

ولا تباع الأدوية النفسية إلا بوصفة طبيب، ويجب على الصيدلي تدوين ما باعه من هذه الأدوية على سجل خاص بـ"وزارة الصحة" مرفقاً الوصفة، ومن المفترض أن يشتري الصيدلي هذه الأدوية من الموزعين والمستودعات بموجب سجلات تخضع للرقابة، لكن الثغرة تكمن في هذه النقطة وفقاً لما قاله أحد الموزعين في مستودع شهير بدمشق لموقع تلفزيون سوريا.

يقول الموزع الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن بعض الصيدليات وخاصة في العشوائيات والمناطق الشعبية، تطلب أدوية نفسية من دون إدراج على الفواتير الرسمية، وزاد الطلب على هذه الأدوية في المناطق الفقيرة خلال سنوات الحرب بسبب الضغوط النفسية، وفقاً للموزع.

وتابع: "أيضاً من المفترض أن توصف الأدوية النفسية من قبل الأطباء بموجب صيغة محددة من وزارة الصحة لكن لا يتم العمل بذلك من قبل الأطباء، ولذلك يمكن أن تقوم الصيدليات بتأمين أختام أطباء بالاتفاق معهم، لأن الوصفات النفسية ليست محصورة بالأطباء النفسيين، ويمكن أن يصفها أي طبيب".

أطباء قلبية وهضمية يكشفون زيادة في المرضى النفسيين

أحد أطباء الهضمية بجرمانا في ريف دمشق أكد أن المرضى النفسيين بازدياد، ويظهر ذلك بالنسبة إليه من الاضطرابات الهضمية التي ليس لها أي منشأ عضوي، مشيراً إلى أن الكثير من الأعراض التي تظهر على المرضى يتبين أن سببها نفسي من خلال القصة السريرية التي نأخذها من المريض عن تاريخ بدء الأعراض، والتي تبدأ غالباً من مسبب نفسي.

على سبيل المثال، القولون العصبي بحسب طبيب الهضمية بات مرضاً شائعاً جداً لكنه مرتبط بنسبة كبيرة بأمراض نفسية مسببة له مثل التوتر والقلق وتزداد أعراضه شدةً بازدياد الهموم والانزعاج والضغط النفسي، ويعالج في هذه الحالات عبر أدوية نفسية مثل مضادات الاكتئاب.

لا يعلم المرضى في الغالب أنهم مرضى نفسيون أو لا يريدون الاعتراف بذلك، "فعندما نقول له إن السبب نفسي لا نحاول إبلاغهم بصريح العبارة أنهم مرضى نفسيون، لأن في ذلك وصمة اجتماعية".

ليس فقط طبيب الهضمية من يؤكد أن نسبة كبيرة من مرضاه يعانون من أمراض نفسية بل أكد ذلك أطباء قلبية وبولية أيضاً، مشيرين إلى أن أسباب أغلب الأمراض التي تردهم مؤخراً مردها الاكتئاب والقلق والأرق والضغط أو "الهُجاس".

يشرح طبيب قلبية لموقع تلفزيون سوريا الهجاس بأنه اضطراب نفسي يقتنع المريض فيه بأنه مصاب بمرض خطير أو أي مرض عضوي آخر، ويشير المريض إلى أوجاع وأوهام جسدية مقتنع تمام الاعتقاد أنها موجودة لكنها غير موجودة، وغالباً يستخدم المرضى النفسيون هذا الأسلوب للهرب من ضغوط الحياة والمسؤوليات عبر كسب الاهتمام، إضافةً إلى عزو فشلهم في التصدي للصعوبات بإصابتهم بالمرض، وتعالج هذه الحالات عبر وصف أدوية وهمية (أدوية مهدئات بسيطة بأسماء تجارية غير شهيرة) لإيهام المريض أنه سيتماثل للشفاء عبر تناولها، لكن المرضى يبقون بحاجة دعم نفسي من خبراء.

رغم كثرة المرضى لا يوجد أطباء

لا يوجد في سوريا سوى 45 طبيبا نفسيا، ويعود انخفاض عددهم إلى الثقافة السائدة بأن من يزور الطبيب النفسي هو فاقد للاتزان والعقل، وأن الطبيب النفسي يعاني أيضاً من مشكلات نفسية وفقاً لملخص حديث مدير مشفى ابن سينا للأمراض العقلية بدمشق أيمن دعبول نيسان الماضي، الذي أكد أن سوريا بحاجة نحو 10 آلاف طبيب نفسي بالحد الأدنى.