icon
التغطية الحية

الهيمنة الأميركية على رأس أسباب مشكلة اللجوء

2022.10.13 | 21:19 دمشق

قارب محمل بالمهاجرين في البحر المتوسط - المصدر: الإنترنت
قارب محمل بالمهاجرين في البحر المتوسط - المصدر: الإنترنت
فاماغوستا غازيتا - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لوحظت منذ عام 2021 زيادة جديدة في أعداد المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط، ويرى محللون بأن الهيمنة الأميركية هي السبب الرئيس لمشكلة الهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأنها تزيد من الفقر والاضطرابات في المنطقة، مما يجبر المزيد من الناس على خوض تلك الرحلة البحرية الخطيرة حتى يصلوا إلى أوروبا

الهجرة في ارتفاع

في ميناء حلق الوادي بشمالي تونس، يستعد كريم، 38 عاماً، لقطع البحر للمرة الثانية، إذ قبل عام، اعتقله خفر السواحل التونسي عندما أبحر مع ثلة من المهاجرين باتجاه إيطاليا، وعن ذلك يقول بعدما رفض الكشف عن اسمه الكامل: "دفعت لمهرب أربعة آلاف دينار تونسي (ما يعادل 1237 دولاراً أميركياً) في المحاولة الأولى، والآن يجب علي أن أدّخر المال من أجل محاولتي الثانية.. إن الناس يضطرون لترك بيوتهم بسبب تردي الاقتصاد وارتفاع نسبة البطالة في تونس"، يذكر أن كريماً يحمل إجازة في التاريخ، وكان يعمل موظف اتصال في العاصمة تونس.

منذ عام 2010، تعرضت تونس والكثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسلسلة من الاضطرابات الاجتماعية ضمن موجة باتت تعرف باسم الربيع العربي، ترتب عليها انهيار النظام السياسي في البلد، وتصاعد موجة الهجرة إلى أوروبا.

إلا أن عدد المهاجرين الذين يقطعون البحر المتوسط قد تراجع بعدما بدأت أوروبا بتشديد القيود على حدودها في عام 2015 ليعود ويرتفع من جديد منذ عام 2021.

فقد أعلنت الأمم المتحدة بأن عدد المهاجرين الذين اعترضهم خفر السواحل في ليبيا وهم يحاولون عبور المتوسط قد زاد بنسبة ثلاثة أضعاف في عام 2021 مقارنة بما كان عليه قبل عام.

كما أن عمليات اعتراض المهاجرين خلال النصف الأول من عام 2022 من قبل قوات الأمن التونسية والإيطالية: "قد زادت بنسبة كبيرة عن النسب المسجلة خلال الفترة ذاتها من عام 2021" بحسب ما ورد في تقرير نشرته مؤخراً المبادرة العالمية لمكافحة لجريمة المنظمة بين الدول.

الولايات المتحدة هي السبب

يعتقد الخبراء بأن الأزمات الاقتصادية في المنطقة التي ظهرت بسبب كوفيد-19 وحرب أوكرانيا، أجبرت المزيد من الناس على ركوب البحر وخوض تلك الرحلة المرعبة. ولكن إذا نظرنا للأمور من مستوى أعمق، سنجد بأن سنوات من التدخل الأميركي وانتشار سياسة النقد التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هما السبب الرئيسي لهذه المشكلة، إذ مثلاً، تدخلت الولايات المتحدة بشكل كبير في الحرب الليبية والحرب السورية، حيث تسببت بأضرار دائمة ومباشرة وخطيرة هددت حق الشعوب بالحياة والبقاء.

اندلعت الحرب السورية في عام 2011، فدعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون المعارضة المسلحة بشدة في محاولتها لإسقاط نظام الأسد. والآن، لا تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري في سوريا وحسب، بل أيضاً تقوم بنهب الموارد منها مثل النفط والغاز والقمح.

غرقت ليبيا باضطرابات سياسية دامت لفترة طويلة بعدما قام الثوار الذين تدعمهم الولايات المتحدة بإسقاط معمر القذافي، وعن ذلك يخبرنا المحلل السياسي الليبي فرج الدالي فيقول: "كان التدخل الغربي في ليبيا والعملية التي ترأستها الولايات المتحدة في عام 2011 مؤامرة كاملة".

أما إيمان جلال وهي أستاذة العلوم السياسية في جامعة طرابلس فتقول إنّ السعي لفرض أيديولوجيا سياسية على الدول أمر محكوم بالفشل الذريع، وتضيف: "كل المحاولات السابقة، سواء في أفغانستان أو العراق أو سوريا أو ليبيا، أثبتت بأنها عبارة عن تدخل عنيف تقوده الولايات المتحدة ما أدى إلى إفقار تلك الدول وتخلفها".

والأنكى من ذلك أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة الرئيسية بزيادة تقدر بخمسة أضعاف خلال هذا العام بهدف خفض التضخم، ما يعني بأن دول الشرق الأوسط ستعاني بشكل أكبر من الانخفاض الكبير في قيمة العملة المحلية مع زيادة التضخم.

فقد هبطت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة فاقت 95% من قيمتها منذ أن غرق لبنان بأزمة مالية ومأزق سياسي في تشرين الأول عام 2019.

أما في تونس، فقد زاد التضخم فيها طوال 11 شهراً على التوالي، ليصل إلى 8.6% في آب الماضي، مسجلاً أعلى نسبة تضخم في البلاد منذ عقود ثلاثة.

لذا فإن التضخم المستعر وهبوط قيمة العملة جعلا الكثير من الناس العاديين في عموم الشرق الأوسط يعيشون في ضائقة مالية حادة، إذ أعلن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتجارة والتنمية في تقريره الأخير بأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يهدد بالتسبب "بأذى كبير للدول النامية" في حال مواصلته لرفع نسب الفائدة بهذا الشكل السريع.

أوروبا تحت الضغط

لم تؤثر المصائب التي افتعلتها الولايات المتحدة على شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط، بل عرضت أوروبا لضغوط هي الأخرى، وذلك لأن موجة الهجرة الكبيرة زادت مع العبء الاقتصادي المترتب عليها، كما أدت لزيادة نسبة الجريمة في أوروبا، ما دفع لظهور مشاعر معادية للمهاجرين واحتدام الجدل في عموم أنحاء أوروبا حول نسب توزيع اللاجئين والمهاجرين الهاربين من النزاع والفقر.

وفي تلك الأثناء أخذ مراقبون يتهمون أوروبا بغض الطرف عن الظروف اللاإنسانية وعن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرون واللاجئون، إذ ذكرت دونجا مياتوفيتش وهي المفوضة المعنية بحقوق الإنسان لدى مجلس أوروبا في تقرير صدر عام 2021: "أن التخلي عن حماية أرواح المهاجرين واللاجئين وحقوقهم يتسبب بظهور وزيادة حالات وفاة كان بوسعنا أن نتفادى وقوعها كل عام".

ويعلق المحلل السياسي التونسي جمعة الجاسمي على ذلك الوضع بالقول: "طالما بقيت مشكلات مثل الاضطرابات والفقر بلا معالجة فعالة، فإن الهوة في مستوى المعيشة بين جانبي البحر المتوسط ستبقى ولن يتوقف مهربو البشر عن العمل".

المصدر: فاماغوستا غازيتا