icon
التغطية الحية

الهزّات الارتدادية تزيد من مخاوف سكّان العشوائيات في العاصمة دمشق |صور

2023.02.21 | 16:56 دمشق

إخلاء مبنى في حي "المزة 86" من سكانه خوفاً من انهياره (إنترنت)
إخلاء مبنى في حي "المزة 86" بدمشق بعد الزلزال (فيس بوك)
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

في الثامنة وأربع دقائق من مساء أمس الإثنين (20 شباط الجاري)، بتوقيت الزلزال الجديد الذي ضرب تركيا وسوريا، هرع السكّان في معظم أحياء وضواحي العاصمة دمشق إلى الشوارع خوفاً من الهزّة الارتدادية التي حدثت بقوة 5.5 درجات على "مقياس ريختر"، كما امتلأت شوارع معظم المدن السورية بساكنيها الذين أخلوا منازلهم.

وبحسب مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ متعهدّي البناء واصلوا أعمال تشييد أبنية جديدة مخالفة في منطقة "المزة 86" بدمشق، تزامناً مع وقوع كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا أيضاً، في السادس من شهر شباط الجاري، وأدّى إلى تصدّع الكثير من الأبنية في مناطق منظمة وغير منظمة (مخالفات/ عشوائيات).

ورغم إخلاء "محافظة دمشق"، أمس الأحد، لـ بناء سكني مخالف في منطقة "المزة 86" مكوّن من خمسة طوابق، بسبب وجود ميلان وتصدّع في أحد أعمدة البناء، إلّا أنّ العديد من سكّان المنطقة ذاتها، يمتنعون عن إبلاغ المحافظة والمكاتب الفنية التابعة لها عن تصدّعات أبنيتهم، وذلك خوفاً من ترك منازلهم من دون وجود سكن بديل.

أغلب الأبنية غير مطابقة للمواصفات الفنية!

وتعاني معظم الأبنية في "المزة 86" من طريقة بنائها بشكل غير مطابق للمواصفات الفنية منذ بدء إنشاء المنطقة في الثمانينات من القرن الفائت، لكن ما فاقم خطورة البناء، بحسب مهندسيين، تزايد عدد الأبنية المخالفة والمتلاصقة خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي شهدت تكاثر عددها بشكل مخيف "من دون حسيب ولا رقيب"، إذ تبلغ نسبة العشوائيات أكثر من 40% من البناء في سوريا.

ويقول شادي - مهندس مدني يعمل في إحدى ورش المكاتب الفنية بمحافظة دمشق - لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ أبنية "المزة 86" القديمة ما تزال جيدة بعد الكشف الفني عليها مؤخراًً، مضيفاً أن الخطورة تكمن في الأبنية الجديدة التي بُنيت بشكل سريع ومن دون الالتزام بأي مواصفات فنية.

ويشرح المهندس المدني، أنّ هناك طوابق أُنشئت من دون أعمدة إسمنتية وجدران استنادية على أسطح كثير من الأبنية المُعمَّرة، في وقت سابق، وهذه الطوابق معرّضة للانهيار في حال حدوث هزّات أقوى من التي حدثت، أمس، ولا تحتاج للكشف الفني عليها.

غير صالحة للسكن أصلاً وليس لمقاومة الزلزال فقط!

ويرى سكان في "المزة 86" أن أبنيتهم غير صالحة للسكن أصلاً وليس لمقاومة الزلزال فقط، لكن ذلك لا يعني بحسب حسين (55 عاماً) وهو أب لـ خمسة أولاد، تحميل مسؤولية ما حدث من مخالفات في المنطقة للسكّان الذين بنوا منازلهم، سابقاً، نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية.

ويضيف "حسين" أنّ سكّان البناء الذي أخلي، أمس الأحد، ما زالوا خارجه حتى اليوم ولم يُسمح لهم بالعودة رغم تدعيم البناء بقواعد حديدية، مؤكّداً أن محافظة دمشق طلبت من ساكنيه رفع أعمدة إسمنتية بدل الأعمدة المتصدعة وعلى حسابهم الشخصي.

وهذا ما أكّده أحد العاملين في الورشة التي دعَّمت البناء وطلبت من ساكنيه تسكير التشققات الظاهرة بالجبص مع مراقبة البناء لمدة محددة (ما يزال تحت المراقبة)، وفي حال ظهرت التشققات بعد إغلاقها فالبناء يحتاج للتدعيم بأعمدة إسمنتية نتيجة تصدع قواعده.

وعليه، يعتقد المهندس "شادي" أنّ مشكلة البناء المخالف وكثرة انتشاره في منطقة "المزة 86" وغيرها من التجمعات العشوائية، تعود إلى نظام البلديات المعمول به من ناحية منع هدم البناء المخالف في حال بنائهِ بنسبة 90% ووضع أغراض منزلية فيه بين ليلة وضحاها، وهو ما يُعرف بالأمر الواقع، بغض النظر عن الالتزام بالمواصفات الفنية للبناء المنجز.

كذلك هناك كثير من الطوابق المخالفة التي بُنيت في مناطق نظامية (طابو) بدمشق وريفها وفق استثناءات من المحافظة، ومن ثم جرت عملية تسوية وضعها من بناء مخالف إلى نظامي، بعد دفع رسوم للبلدية، بحسب المهندس شادي.

عدا عن ذلك، فإنّ أنظمة البناء في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، خصوصاً في "المزة 86" تفتقر إلى الجدران الاستنادية القوية والمدعّمة بالحديد والإسمنت، وفقاً لـ"شادي"، الذي يؤكد أن ما يحمي البناء في أثناء الهزات هو هذه الجدران وكيفية وضعها وتصميمها في طول البناء وعرضه.

أغلب الأبنية في سوريا متصدعة!

في السياق ذاته، ليس فقط سكّان المزة 86 فقط من يمتنع عن الإبلاغ عن تصدع منازلهم، إذ يعاني سكان في اللاذقية خصوصاً في الأحياء المكتظة بالبناء "كالرمل الجنوبي والدعتور وسقوبين" من تصدع منازلهم أيضاً لكنهم لا يريدون خسارة منازلهم بقرارات الإخلاء والتشرد في مركز الإيواء المكتظة بالنازحين.