icon
التغطية الحية

النظام يروج لعمليات تأهيل مدارس الغوطة الشرقية ويتجنب ذكر مصدر التمويل

2021.10.30 | 05:09 دمشق

moadhmiya_distruction2_icrc_0.jpg
إسطنبول - براء عبدالرحمن
+A
حجم الخط
-A

عقب سيطرة النظام وروسيا على غوطة دمشق الشرقية منتصف 2018، تروج وسائل إعلام النظام لما تصفها بجملة الإصلاحات وأعمال التأهيل للبنى التحتية، تشمل الطرقات والكهرباء والمدارس، بعد أن ادعت حكومة النظام تخصيص  5 مليارات ليرة سورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في الغوطة، بما يشمل تأهيل المدارس وتجهيزها لاستقبال الطلاب.

وأظهرت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا حقيقة الواقع التعليمي في مدارس الغوطة الشرقية، وكشفت عن أن معظم مشاريع إعادة تأهيل المدارس تكون مدعومة من منظمات دولية، وهو ما يتقصد النظام عدم ذكره ليروج أنها مدفوعة من خزينته المهترئة.

حقيقة واقع قطاع التعليم اليوم في الغوطة الشرقية.

أعلن مجمع الغوطة الشرقية التربوي في آذار الفائت أن 77 مدرسة من أصل 130 مدرسة في الغوطة الشرقية دخلت الخدمة بعد إعادة تأهيلها، من بينها 22 مدرسة في مدينة دوما جاهزة لاستقبال 26 ألف طالب من الحلقة الأولى والثانية والثانوي العام والمهني

وقال أحد المدرسين في مدينة دوما لموقع تلفزيون سوريا إن واقع قطاع التعليم اليوم من أسوأ القطاعات على الإطلاق لجانب جميع القطاعات الخدمية والمؤسسات الحكومية الأخرى.

وأشار إلى أنه لم يتم حتى الآن تفعيل المستشفيات بشكل حقيقي أو تصليح الطرقات العامة أو حتى إعادة الكهرباء للمدينة، وهي الخدمات الملحة والضرورية يومياً لأهالي الغوطة الشرقية، وبالتالي لن يكون قطاع التعليم وفق هذا الواقع السيئ ضمن أولوليات حكومة النظام.

وأوضح المدرس أن ما قامت به حكومة النظام لا يتعدى كونه تنظيف وطلاء عدد من المدارس غير المتضررة بشكل كبير، أو تقتصر بعض عمليات "إعادة التأهيل" على شراء أو صيانة خزان مياه.

وأكد أن مدارس الغوطة تفتقر لأبسط مقومات التعليم من حيث البنية التحتية والمعدات اللوجستية والفنية، وهذا ما كان متوقعاً قبل بداية العام الجديد، وظهر جلياً مع افتتاح أبواب المدارس أمام الطلاب.

واستبعد مدرس آخر أن تتمكن حكومة النظام من إعادة تأهيل مدارس الغوطة الشرقية بما يكفي لاستيعاب الطلاب واستمرار العملية التعليمية بشكل مستقر وصحي، وذلك نتيجة الدمار الكبير التي تعرضت له المدارس منذ عام 2012 من جراء قصف النظام وروسيا للمنطقة ومدارسها.

وأكد أن هنالك مدارس في الغوطة الشرقية لا يمكن ترميم صف فيها، فهي مدمرة بالكامل من جراء الغارات على مدار السنوات الماضية، وتحتاج لجرف كامل وإعادة إعمار من جديد.

وأشار المدرس إلى أن هذا الأمر لا يقتصر على المدارس فقط بل يشمل أيضاً المستشفيات والطرق ومباني القطاع العام، حيث لم يتم ترميم مستشفى دوما حتى الآن، وهو المستشفى المركزي الذي من الممكن أن يخدم مدن وبلدات الغوطة الشرقية.

وفي حديثنا مع عدد من الإداريين في مدارس بالغوطة الشرقية، أكدوا أنهم يعانون من نقص حقيقي بالكوادر، ومن ازدحام الشعب الصفية بالطلاب، حيث يتجاوز عددهم في الغرفة الواحدة الـ 60 طالباً ويجلس  كل 3 طلاب بمقعد واحد، وهو ما أثار قلق الأهالي والمديرين من أن يتسبب ذلك بانفجار في إصابات كورونا.

ومعظم مدارس الغوطة الشرقية لا يوجد فيها مستخدمون ولا مختبرات ولا صالات رياضية ولا غرف حواسيب ولا خرائط ولا مواد مخبرية ومجسمات تعليمية.

وقال أحد الطلاب لموقع تلفزيون سوريا: "عشنا حالة خوف كبير عندما كنا نضطر للذهاب للعاصمة لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية، لأن نسبة من الطلاب انقطعت عن الدراسة خلال السنوات الماضية وأصبحت بعمر الخدمة العسكرية الإلزامية، ولا توجد مدارس جاهزة لنقدم بها الامتحانات في الغوطة الشرقية".

الشتاء في مدارس الغوطة أشد برودة من غيرها

مع دخول فصل الشتاء يتخوف جميع السوريين من فشل حكومة النظام في تأمين مخصصات كافية للتدفئة في المدارس السورية، لكن في الغوطة الشرقية فالوضع أشد سوءاً، حيث تفتقد مدارس المنطقة للأبواب والنوافذ محكمة الإغلاق ما يجعل الهواء يتسرب من كل مكان.

ولا تمتلك جميع المدارس مدافئ في حال وصلت مخصصات المازوت.

وهذه الأزمة ذاتها كانت حاضرة في فصل الصيف خلال العامين الدراسيين الماضيين، فلا مراوح ولا كهرباء.

الوضع كان أفضل إبان سيطرة المعارضة

أكد عدنان سليك مدير التربية والتعليم في مدينة دوما سابقاً لموقع تلفزيون سوريا أن واقع التعليم أثناء سيطرة المعارضة كان الوضع أفضل بكثير من الوضع الحالي.

وقال: "لا أملك كثيرا من المعلومات هو حقيقة واقع التعليم الآن لصعوبة التواصل، لكني وحسب بعض من تواصلت معهم فالواقع سيئ جداً، فالحالة المادية السيئة تنعكس سلباً على قطاع التعليم بشكل كامل بعكس واقع التعليم قبيل تهجيرنا.. الفارق كبير كذلك من حيث إقبال المدنيين على التعليم من منقطعين وكبار السن والأمهات قبل 2018، في حين هنالك ظاهرة تسرب كبيرة من المدارس حالياً، بسبب الغلاء والظروف الأمنية وعدم إعادة تأهيل قطاع التعليم".

سرقة التمويل الدولي

أوضح سليك أن أكثر من 60% من مدارس ريف دمشق تدمرت بشكل كامل، وأكثر من 20% تدمر بشكل جزئي نتيجة قصف قوات النظام وروسيا للمدارس بين أعوام 2012 وحتى منتصف 2018 حيث خرجت أكثر من 160 مدرسة عن الخدمة نتيجة القصف الممنهج للمدارس.

وفي ظل هذه النسبة الهائلة والمرتفعة لقطاع التعليم يتحدث إعلام النظام الرسمي والموازي عن تأهيله مئات المدارس بجهود ذاتية ودعم محلي من قبل بعض التجار المحليين، وهذا ما يُصعب تصديقه أمام حجم الدمار الكبير الذي أصاب البنى التحتية بالغوطة بشكل عام والمدارس والمشافي والمؤسسات الحكومية بشكل خاص، وارتفاع أسعار مواد البناء وأجور ورشات العمال.

وفي جميع المحافظات التي يسيطر عليها النظام يروج إعلام النظام لمشاريع إعادة تأهيل المنشآت الخدمية المدارس والمستشفيات والمباني الإدارية. وفي الوقت نفسه تتجنب هذه التقارير الإعلامية الترويجية ذكر مصدر التمويل لتبدو وكأنها جهود حكومية.

وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن معظم هذه المشاريع ممولة من المنظمات الدولية والأمم المتحدة ووكالاتها، وهذا ما ساعد النظام من ناحية إعادة تأهيل بعض القطاعات الخدمية والترويج لذلك وأيضاً ما يستفيد منه مسؤولو النظام وشبكات المصلحة الواسعة للسيطرة على عقود ومناقصات مرتبطة بهذه المشاريع.

ويسعى النظام وروسيا جاهدين لزيادة هذه الحصة من التمويل الأممي المخصص لسوريا من خلال المطالبة الحثيثة بتنشيط تمويل مشاريع "الإنعاش المبكر" بإشراف الصليب الأحمر الدولي، في ما سيكون بديلاً ممكناً للنظام للالتفاف على الفيتو الغربي ضد تمويل إعادة الإعمار في سوريا.

وتحدثت العديد من التقارير عن حجم السرقات التي يستفيد منها مسؤولو النظام وشبكات الفساد من مشاريع الدعم في مناطق سيطرته، بالإضافة إلى منع فروع المخابرات السورية الوصول لتنفيذ البرامج الممولة من منظمات دولية، وفرض حظر على المراقبين وتقييد قدرة وصول مراقبين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأعضاء من مفوضية شؤون اللاجئين لمناطق النظام لمتابعة تنفيذ بعض برامجها الممولة، وبالتالي لم تستطع الجهات المانحة من التأكد من كيفية صرف الأموال التي خصصتها الجهات المانحة الدولية لقطاع التعليم

وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" فإن القيود التي تفرضها حكومة النظام هي نتيجة استغلال النظام السوري لبرنامج المساعدات وتحويل وجهتها، وقال العديد من العاملين في المجال الإنساني الدولي ممن عملوا في سياقات أخرى، منها السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن، لـ هيومن رايتس ووتش إن الوضع في سيطرة النظام كان من بين الأسوأ من حيث القيود المفروضة على القدرة على العمل وإحداث تأثير إيجابي.

وهذا لا يعفي مسؤولية بعض موظفي المنظمات الدولية في دمشق من الفساد، فقد كشفت تقارير رسمية عن تورط موظفين رسميين لدى المنظمات الدولية في دمشق وكشفت بعض التقارير عن سياسات استغلال الموظفين لمناصبهم لاستغلال المساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية وهذا قد تم توثيق حصوله في منظمة الهلال الأحمر العامل بمناطق سيطرة النظام وكذلك "الأمانة السورية للتنمية" التابعة لأسماء الأسد، والتي ورد ذكر اسم مؤسستها ضمن ملف الفساد الأممي والرشاوى التي قدمتها أسماء الأسد شخصياً مقابل إنجاح مؤسستها التي تدعي عدم الربحية والاستقلالية مقابل فوز مؤسسة أسماء الأسد برتبة "محكم دولي" في انتخابات هيئة التقييم الدولية، التابعة لـ اليونسكو والتي عقدت في فرنسا مؤخراً.

كذلك كشفت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة عن صرف مكتبها بدمشق مبالغ خيالية دون مبررات سوى مصاريف وأجور عاملين من ضمنها مبلغ وقدره 7 ملايين دولار كأجور مكاتب وإقامة للعاملين في فندقين بدمشق، وبررت الأمم المتحدة إقامة موظفيها بالفنادق بالاحتياطات الأمنية.

كما وافق مكتب الأمم المتحدة على صرف مبالغ طائلة على مشاريع داخل مناطق النظام كانت تلك المنح مخصصة لمناطق المعارضة كمنحة الشؤون الإنسانية (OCHA) على منحة قدرها 751 ألف دولار لتنفيذ مشروع مياه في المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب لصالح الأمانة السورية للتنمية التي تديرها وتشرف عليها أسماء الأسد وكان ذلك قبل إدراج أسماء ضمن عقوبات قيصر الأخيرة.

وأشار مركز مسارات إلى أن قرار إعفاء "يعقوب الحلو" منسق الشؤون الإنسانية في سوريا من منصبه قبل مدة من انتهاء مهمته يأتي في إطار الانتقادات الحادة التي وجهت للحلو شخصياً ولمكتب الأمم المتحدة بدمشق بالانحياز لنظام الأسد وعدم نقل الصورة الحقيقة في تقاريره المرفوعة إلى الأمم المتحدة.

يذكر أن الأمم المتحدة وثقت أكثر من 700 هجوم على قطاع التعليم وقد حرم أكثر من مليوني طفل سوري حق التعليم اليوم حسب اليونيسيف

وقد تم استخدام المدارس من قبل النظام لأغراض عسكرية وفق تقارير رسمية ولا يمكن الثقة بالنظام وإعلامه بإعادة تأهيله مدارس السوريين.