icon
التغطية الحية

"النشّالات".. طريقة جديدة لتهريب النفط في دير الزور بتغطية من "قسد" و"الأسد"

2021.06.13 | 06:15 دمشق

1575819567.jpg
غازي عنتاب - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A

مع تزايد تشديد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركيّة على المعابر المائية، ومراقبة عمليات تهريب النفط بين مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطيّة" (قسد)، شرق نهر الفرات ومناطق سيطرة نظام الأسد غربه بهدف منعها، ظهرت عدّة بدائل لعمليات تهريب المحروقات، ولعل أهمها ما أطلق عليه "النشّالات"، وهي محرّكات تعمل على المولدات الكهربائيّة تضخ المحروقات من البيوت المحاذية لنهر الفرات من ضفّته الشرقية (مناطق سيطرة قسد) إلى ضفّته الغربيّة (مناطق سيطرة نظام الأسد) عبر أنابيب قطرها 3 إنش، تمتد من قاع نهر الفرات لمسافة تتراوح بين 300 – 500 متر.

يوجد في ريف دير الزور الغربي نحو 15 نشّالة فيما يرتفع عددها في ريف دير الزور الشرقي إلى أكثر من 20 نشّالة تضخ كل واحدة نحو 300 برميل مازوت يومياّ (بحسب مصدر من أبناء المنطقة).

أرقام رسمية

تعطي "الإدارة الذاتية" أغلب آبار النفط لمستثمرين من عشائر المنطقة لمدة محدودة أدناها عشرة أيام وأقصاها شهر مقابل حصة من المحروقات أو مبلغ نقدي متفق عليه، دون اشتراط طريقة تصريف النفط.

يقول مصدر رسمي في "الإدارة الذاتية" إن نتاج دير الزور من النفط يتراوح ما بين 40 – 50 ألف برميل نفط يومياً وهذه الكمية ينتج عنها بعد التصفية والفرز نحو 60 في المئة مازوت أي نحو 30 ألف برميل مازوت يومياً هو إنتاج دير الزور إن تمّ فرز كامل الكميّة.

ويضيف أنّ تلك الأرقام فيما لو كان كامل الإنتاج يستخدم محلياً، لكن في الواقع فإنّ ثلث كمية الإنتاج تصدّر كنفط خام ولا يتم فرز سوى ثلثي كمية الإنتاج وهذه إمّا تباع للسوق المحلي أو الخارجي (أي منطقتي المعارضة والنظام) وبذلك فإنّ متوسط كميّة الإنتاج الفعلي للمازوت هي نحو 20 ألف برميل يومياً.

على الضفة الشرقية

النشالات المنتشرة في مناطق سيطرة "قسد" أحد أهم أسباب ارتفاع سعر المحروقات شرق الفرات، إذ تضخ أكثر من 10 آلاف برميل مازت إلى مناطق سيطرة النظام غرب الفرات، وهذا يعني ثلث الإنتاج العام ونصف ما يتم فرزه وتصفيته في دير الزور بعد استثناء كمية النفط الخام المصدّر.

يقول أحد أصحاب النشالات وهو يعمل أيضا بتجارة النفط خلال حديث لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ سعر برميل المازوت من الحراقة يتراوح ما بين 50 – 60 ألف ليرة سورية في حالة استقرار الدولار، ويباع في السوق الداخلي بمبلغ 90 ألف ليرة سورية، بينما يباع بمبلغ 150 ألف ليرة لمناطق النظام وهذا فرق مغر لأي تاجر، فنحن نتحدّث عن 60 ألف ليرة سورية أي نحو 19 دولاراً للبرميل الواحد.

ويلفت إلى أنّ أصحاب النشالات لديهم مصاريف كبيرة يجب تغطيتها، فكل نشالة أو عدة نشالات لها قيادي في "قوات سوريا الديمقراطية" يؤمّنها ويحميها، وهذا الأمر ليس مجانا بل يكلّف ملايين الليرات شهريا، فضلا عن أجور النقل ومصاريف النشالة وغيرها.

 

تهريب وغض نظر

على الضفة الغربية من النهر حيث يسيطر نظام الأسد والميليشيات الإيرانية، ينشط التجار الذين يعملون بتغطية من رؤساء الفروع الأمنية والميليشيات الإيرانية، إذ تتحول تجارتهم غير الشرعية إلى عمل بطولي من وجهة نظرهم، وتغض أجهزة مكافحة التهريب والمؤسسة التموينية النظر عن تلك العمليات غير الشرعية.

يقول التاجر "خضر" وهو أحد التجار الذين يعملون في ريف دير الزور الغربي لـ موقع تلفزيون سوريا إن كميات النفط تذهب للأفران والكازيات وتجار آخرين، ويتراوح سعر البرميل ما بين 170 – 185 ألف ليرة.

ويعتبر التاجر أنّه يقدم خدمات "للدولة" إذ أنّه يغطي احتياجا لا يستطيع النظام تغطيته بشكل رسمي لذلك هو في مأمن من الجهات المختصة بمكافحة التهريب، هذا فضلا عن أصدقاء قادرين على حمايته إذا اقتضت الحاجة وهذا بحد ذاته يشكل له تغطية كبيرة، مضيفاً أنّه لولا هذا العمل لارتفعت أسعار النقل والخبز والخضراوات بشكل جنوني.

تهريب النفط وعلاقته بقانون قيصر 

يقول الدكتور في القانون الدولي وسام الدين العكلة لـ موقع تلفزيون سوريا من الناحية القانونية اعتقد أن أي فرد أو كيان يتعامل مع النظام أو يقدم له الدعم يخضع لقانون قيصر، وبالتالي يمكن أن ُتفرض عليه عقوبات أميركية أو يدرج اسمه على لائحة هذه العقوبات، خاصة وإن إدارة بايدن رفضت إعفاء أي طرف من هذه العقوبات بما في ذلك "قسد".

ويضيف "العكلة" أنّه من الناحية الواقعية والعملية جميع من في سوريا يعيش حالة اقتصاد الحرب، حيث يكثر تجار الحرب الذين ينسجون شبكات معقدة من العلاقات على جميع الجوانب لجمع الأموال من خلال الصفقات المشبوهة وعمليات التهريب التي تتناول المحروقات والبضائع المهربة والدخان والآثار.

وبالنسبة لتهريب مادة المازوت من المناطق التي تقع تحت سيطرة قسد إلى مناطق سيطرة النظام يرى "العكلة"  أنها تتم ضمن تفاهمات من الطرفين وغض الطرف من قوات التحالف، حيث يعاني النظام من وطأة العقوبات الأميركية والنقص الحاد في المحروقات في حين تعاني قسد من شح التمويل وتدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل حاد إلى جانب انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية ورواتب الموظفين في المناطق التي تسيطر عليها، لذلك هي بحاجة لمزيد من التمويل وهذا ما يأتي من خلال عمليات التهريب المختلفة التي تتم عبر الجانبين.

 

 

تبيع "الإدارة الذاتية" النفط وتضمّن الآبار شرق الفرات ليتمّ تهريب ثلثي الإنتاج كنفط خام أو مازوت، ثمّ تتساءل عمّن وراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المحروقات، وفي حين إنّ ثلثي أبناء دير الزور نزحوا إلى شرق الفرات إلّا أن ثلثي مقدّرات المنطقة يتم تصديرها بعلم وتغطية من سلطة الأمر الواقع، وهذا نموذج في الحكم لا يختلف عن نموذجي الأسد الأب والابن، فلطالما عاشت المنطقة على حافة خط الفقر وهي سلة سوريا الاقتصادية والغذائية.